عصام جمعة يكتب: التغيرات المناخية في المفهوم الإسلامي
كاتب وباحث
إن الله سبحانه وتعالي يدعونا في القرآن الكريم إلى النظر في كتابين, كتابة المسطور وهو القرآن الكريم, وكتابه المنظور وهو الكون من حولنا, ولقد خلق الله سبحانه هذا الكون علي نظام محكم دقيق, كل شيء فيه قائم علي التقدير, ولذا كان المنهج الإسلامي النظر في هذا الكون والتفاعل والتكامل معه وليس الصراع , والبيئة الطبيعية وحمايتها جزءا من هذا الكون بل هي من أهم القضايا في واقعنا اليوم, خاصة بعد تلوث البيئة وحدوث التغيرات المناخية نتيجة تصرف الإنسان غير المسئول تجاه مكونات البيئة.
إن العبث بمكونات البيئة أدى إلى التغيرات المناخية والتي أصحبت من أهم و أخطر المشكلات التي تواجه البشرية وتهدد الكرة الأرضية, حيث أدت التغيرات المناخية إلي حدوث الاحتباس الحرارى وهي ظاهرة خطيرة عالميا حيث تقوم عليها معظم النقاشات حاليا والبحث عن سبل مواجهاتها بعد أن تسببت في ارتفاع درجة حرارة الأرض وتسجيل بعض الدول لدرجات حرارة قياسية, والسبب في ذلك هو النشاط الصناعي في العقدين الأخرين وما يخلفه من غازات سامة تتكدس في الغلاف الجوي مؤثرة بشكل حاد على انتظام حرارة الأرض وتوازن الظواهر البيئية, إن حرق الوقود الأحفوري – الفحم والنفط والغاز – هو اكبر مساهم في تغير المناخ العالمي, إذ يمثل أكثر من 75% من انبعاثات الغازات الدفينة وحوالى 90% من جميع انبعاثات ثاني أكسيد الكربون نظرًا لتواجدها في الغلاف الجوي للأرض.
إن درجة حرارة العالم ترتفع حاليا بشكل مفزع وأسرع من أي وقت مضى في التاريخ المسجل, وبمرور الوقت تؤدي درجات الحرارة المرتفعة إلى تَغيُّرات في أنماط الطقس واضطرابات في توازن الطبيعة المعتاد, وهو ما يشكل مخاطر عديدة على البشر وجميع أشكال الحياة الأخرى على كوكب الأرض.
لقد جعل الإسلام حماية البيئة والمحافظة علي استقرار المناخ من الواجبات الدينية, فالمسلم مأمور بالمحافظة علي مكونات البيئة ومواردها وثرواتها والتي هي منح إلهية لضمان استقرار الحياة, والشرع الحنيف يوجه الإنسان إلى التعامل مع الكون من حوله تعامل الشاكر للمنعم سبحانه, مع فهم دقيق لحقيقة الشكر التي توجب العمل وليس الكلام فقط.
لقد كان للإسلام السبق في حماية البيئة والمحافظة عليها قبل قيام المؤسسات الدولية بعقد المؤتمرات بألف واربعمائة عام , فقد وضعت الشريعة القواعد والتشريعات التي تضمن حماية البيئة والحفاظ عليها وصيانة ورعاية عناصر الحياة فيها من الهواء والماء والنبات والحيوان.
إن اهتمام العالم اليوم لمواجهة التغيرات المناخية والحفاظ علي التوازن البيئي خطوة مهمة وضرورية, ومع اقتراب عقد الأمم المتحدة مؤتمر قمة المناخ cop 27 والمعني بالتغيرات المناخية والذي يعقد في مصر بمدينة شرم الشيح في نوفمبر الحالي وفي نسخته السابعة والعشرين وهو مؤتمر سنوي , وتأتي أهمية المؤتمر لأهمية الحدث وأهمية المشاركون فيه, حيث يشارك فيه قادة العالم وآلاف النشطاء المعنيين بالبيئة من كافة دول العالم , وهي قمة سنوية تحضرها 197 دولة من مناقشة التغيرات المناخية, ويهدف المؤتمر إلى تقليل المخاطر التي يتعرض لها كوكب الأرض وذلك للحد من التغيرات المناخية بتقليل استخدام الطاقة التقليدية وقد نصت اتفاقية العام الماضي والتي عقدت في غلاسكو بالمملكة المتحدة صراحة علي تقليل استخدام الفحم والذي يتسبب في زيادة الانبعاثات الغازية في الغلاف الجوي, وتوفير الدول الصناعية الكبرى الدعم المالي للدول النامية .
إن سعى العالم لمواجهة هذه الظاهرة خطوة مهمة ومقدرة اتمني أن نجد لها واقعا ملموسا في القمة القادمة بمصر, لأنه بغير التكامل والتعاون في هذا الشأن قد تحث كوارث تهدد كوكب الأرض.