مُعاناة المِصري مع الـ “KPIs”

بقلم / أحمد القاضي

إنه الموروث الثقافي.. بل إنه تاريخ طويل ممتد عبر قرون من الزمن.. المواطن مصري ضعيف الأداء داخل وطنه عظيم النجاحات خارج حدود بلده ، ولكن لماذا؟؟ ما هو السبب الفعلي في فشل المصري داخليا وظهوره و نجاحه خارجيا !!

أعتقد من وجهه نظري أنه لم يتأهل وينشأ داخليا على معايير الجودة أو بالأحرى لم يتم محاسبته على مقاييس ومؤشرات قياس الأداء الفعلي او ما يسمى بالـ “KPIs” “الحوافز الوظيفية” تلك المقاييس الحديثة التي تربط أداء الموظف أو العامل بأرقام فعليه يتم قياسها شهريا أو ربع سنويا أو سنويا ، دور هذه المقاييس ان توضح هل هو واقعيا يقدم اداءا جيدا ؟ ، هل يتقدم للأمام ؟ أم يبقى كما هو دون تطوير أو يتراجع للخلف ؟

التاريخ يشهد بأن نجاح المصري في العصور الفرعونية في بناء الأهرامات والمعابد كان بالأمر وكان الهدف منه هو الوصول لبناء تاريخي يبقى عبر العصور – نجاح يعود ويرتبط دوما بفرد أصر على النجاح وسخر كل المجهودات لتحقيق الهدف المنشود – وفيما بعد حفر المصريون قناة السويس في عهد الخديوي سعيد وأفتتحت في عهد الخديوي إسماعيل بعدما راح في حفرها بالسخرة أكثر من 120 ألف مواطن مصري مقهور لم يكن أمامهم أي هدف سوى حفر ممر سالت فيه دماؤهم قبل إلتقاء مياة البحرين.

وبعودتنا لدورة حياة المصري المطحون في العصر الحديث نجدها كما يلي: يتخرج الشاب أو الفتاة من الجامعة أو التعليم المتوسط ويلتحق بأصحاب الأعمال الحرة سواء كانت شركة خاصة أو مصنع أو حتى محل ، بينما يتقدم آخرون للإلتحاق بوظيفة حكومية من منطلق إن فاتك الميري … ، وفي غالب الأغلب معظمهم لا يطبقون أي معايير لقياس الأداء أو يقدمون حتى دورات تدريبية لتجهيز هذا المورد البشري الجديد ليوضع على الطريق الصحيح من أجل النجاح في حياتهم العملية إلا قليلا من الشركات التي تطبق الفكر الإداري الإحترافي المتجدد. ولا يخفى على أحد المقولات الأشهر في عالمنا العربي “اهم من الشغل تظبيط الشغل” وهي للأسف حق أريد به باطل حيث أن تظبيط أي شغل يكون أساسه غير مكتمل هي مهارة لا يقوم بها إلا المصري “الفهلوي” حيث ان لديه القدرة على إخفاء الحقائق والتحايل بإظهار الجوانب المضيئة في مهام عمله وفي نفس الوقت اخفاء السلبيات تماما ، لكن مع تجاهل إصلاحها وتجنب تكرارها لاحقا وهي مهارة غير محمودة وتأصل في المصري صفة التواكل مع التأكيد بأن الشكل النهائي لأي مهمة أو منتج بطبيعة الحال لها قدر وافي من الأهمية ولكن الكثير لا يهتم بجوهر الخطوات ولكنه “صايع” فقط في النهايات والشكليات.

ولنذكر هنا قوله تعالى في محكم اياته : (إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا) صدق الله العظيم

مقولة اخرى شهيرة في العالم الوظيفي المصري “تشتغل كتير تغلط كتير” فقط هنا في بيئات العمل الغير سوية يكون عملك المتقن المتواصل سببا في حدوث عديد من المشكلات بينما ما يطلق عليهم “المأنتخين” في راحة وهم من يحصلون على الحوافز والترقيات وذلك بسبب غياب تطبيق العدالة من خلال معيار قياس الأداء بينما هم لديهم معاييرهم الخاصة ومن اشهر الـ “”KPIs المصرية التي يقاس عليها اداء المورد المصري العصفورة والمطبلاتي هما على سبيل المثال لا الحصر:

عدد الاخبار التي ينقلها الموظف لمديره أو لصاحب العمل.
نسبة التطبيل والتعريض التي يقوم بها أمام رئيسه أو صاحب المؤسسة.

إن اهم ميزة للـ KPIs انها دوما تترجم الأداء وتحوله الى أرقام أو نسب صريحة وبطبيعة الحال الأرقام هى الحقيقة الدامغة التي لا تكذب ولن تستطيع التحايل عليها او اخفاء دلائلها.

اخيرا لابد وان نواجه هذا الفكر المتحجر القديم من أجل مستقبل أفضل للمورد البشري المصري داخل مصر قبل خارجها كي يستطيع أن نتقدم اقتصاديا ونرتقي فكريا.

قال رسول الله صلي الله عليه وسلم

“إِنّ اللَّهَ تَعَالى يُحِبّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلاً أَنْ يُتْقِنَهُ”  هذا الحديث مُوَجّه من خير البشر محمد صلى الله عليه وسلم إلى جميع أمته ذكراً كان أم أنثى، صغيراً كان أم كبيراً، حاكماُ كان أم محكوماً, كما أنه موجه لجميع أصحاب المهن والمشاريع التي تنفع الأمة وتساهم في رفع إقتصادها وتميزها. فالرسول صلى الله عليه وسلم من خلال هذا الحديث الشريف يوجه الكلام للوزير والأمير والمدير والمدرس والطبيب والتاجر وجميع أصحاب المهن مهما كانت صغيرة أم كبيرة ويحثهم على إتقان أعمالهم باستخدام أسلوب التحفيز من خلال ربط الإتقان بالإيمان والثواب من عند الله سبحانه وتعالى.

الله من وراء القصد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى