شريف ربيع يكتب: مشكلات المراهقة
تبدأ مرحلة المراهقة من السنة العاشرة وحتى الحادية والعشرين من عمر الإنسان، وتختلف تأثيرات تلك المرحلة على الفرد تبعًا لبعض العوامل، منها: الصفات الوراثية، والبيئة المحيطة التي عاش فيها المرء سواء أكانت مدينة أو قرية أو غير ذلك.
ومن ضمن العوامل أيضًا ثقافة المجتمع المحيط بالمراهق؛ فالمجتمعات المنفتحة على ثقافات متعددة تتيح للمراهقين حرية التفكير والتعبير عن الرأي، وكذلك حرية الاطلاع على ثقافات وحضارات متعددة.
وذلك على العكس من المجتمعات المنغلقة على ثقافات محددة؛ حيث إنها تحجِّم مستوى التفكير العقلي لدى المراهقين، بل إنها ربما تمنعهم من مطالعة بعض الثقافات أو الأفكار التي تظن أنها ضارة بهم.
وإضافة إلى ما سبق، فإن مرحلة المراهقة غير مستقلة بذاتها عما سبقها من مراحل عمرية؛ لأن النمو عبارة عن حلقة متصلة تبدأ بمرحلة الطفولة، وتليها المراهقة، ويتدرج الإنسان في ذلك حتى نهاية العمر، ولا يُقصد بالنمو هنا “الناحية الجسمانية” فقط. ومرحلة المراهقة تتأثر بالطبع بالخبرات التي مر بها الطفل.
أما بالنسبة للأزمات والمشكلات التي يتعرض لها المراهقون، فإن النمو الجسدي في تلك المرحلة ليس مسؤولًا عنها بالضرورة؛ وقد أكدت التجارب العلمية الحديثة أن الوسط الاجتماعي المحيط بالمراهقين هو المسؤول الأول عما يحدث لهم من مشكلات.
فالمشكلات لدى مراهقي المجتمعات الغربية -مثلًا- أكثر من المراهقين الذين يعيشون في المجتمعات العربية والإسلامية؛ وذلك ناتج عن أن لهم عادات وثقافات تتيح لهم الحرية الزائدة عن الحد؛ وبالتالي يقع المراهقون في الأخطاء ومن ثَمَّ المشكلات والأزمات.
وبِناء على ما تقدم توجد أنماط مختلفة للمراهقة، مثل:
– المراهقة السوية التي ليس بها مشكلات أو صعوبات.
– المراهقة الانسحابية، ونعني بها المراهقة التي تجعل الفرد ينسحب من مجتمع الأسرة، بل والمجتمع المحيط بالأسرة أيضًا؛ وسبب ذلك أن المراهق يفضل الانعزال والانفراد بنفسه كي يتأمل ويفكر في نفسه ومشكلاته، ويحاول حلها بمفرده.
– المراهقة العدوانية، وهي التي يتصف سلوك المراهقين فيها بالعنف والعدوانية تجاه المجتمع المحيط به، بل والعدوانية تجاه نفسه كذلك، وربما تطال عدوانيته الأشياء والجمادات الموجودة بالمجتمع.
والصراع الذي يحدث لدى المراهق سواء مع نفسه أو مجتمعه يكون نتيجة بعض التغيرات الجسمانية والنفسية التي تبدو عليه فجأة؛ حيث إنه يشعر بنمو سريع في أجزاء جسده كلها، وهذا قد يسبب له بعض القلق والكسل.
بالإضافة إلى ذلك، فإن سرعة النمو تجعل مهارات المراهقين الحركية غير دقيقة، وربما يمر المراهقون بحالات من اليأس والحزن والألم دون معرفة سبب حقيقي لها.
ومن أهم المشكلات التي يواجهها المراهق:
– محاولة التحرر من أي سلطة فوقه خصوصًا سلطة الوالدين؛ لأنه يشعر أن أي سلطة فوقه عبارة عن استخفاف بقدراته العقلية، فهو يرى أنه قادر على الاستقلال عن الوالدين، لكنه في حقيقة الأمر لا يُعتمد عليه لأنه خرج للتَّوِّ من مرحلة الطفولة.
– التمرد وإحساسه بالغربة بين أسرته؛ فهو يرى أن والديه وإخوته لا يفهمونه؛ ولذلك فهو يعبر عن هذا الإحساس من خلال معارضة أسرته كنوع من إثبات الذات.
– العصبية وحدة المزاج، ويتضح ذلك في عناده ومحاولة تحقيق مطالبه بالقوة.
– الخجل؛ وهذا ناتج عن التدليل الزائد عن الحد من الوالدين تجاهه خلال مرحلة الطفولة، فيكبر دون قدرته على الاعتماد على نفسه، رُغم أن متطلبات مرحلة المراهقة هي الاستقلالية والشعور بالذات؛ وينتج عن ذلك انطواؤه وانعزاله عن المجتمع.
من أجل ذلك ينبغي على الأهل والمحيطين -سواء في المدرسة أو الجامعة أو غيرهما- فهم طبيعة المرحلة التي يمر بها المراهقون، واختيار الطريقة المثلى للتعامل معهم.