سد النهضة.. هل تراجعت إثيوبيا عن الملء الثاني؟
كتب/ أحمد خورشيد
أثارت تصريحات وزير الري الإثيوبي سيليشي بيكيلي، الأخيرة، حول عدم تمكن بلاده من تعلية الممر الأوسط لسد النهضة لارتفاع 595 مترا، جدلا حول تفسير تلك التصريحات، وما إن كانت إعلانا عن فشل أو تراجع إثيوبي عن الملء الثاني في موعده، وسط تساؤلات حول تأثير ذلك الأمر على موقف دولتي المصب، مصر والسودان.
الوزير الإثيوبي في تصريحاته الأخيرة، خلال مؤتمر بحثي بإحدى الجامعات الإثيوبية، قال إنه «سيتم العمل على رفع الممر الأوسط إلى ارتفاع 573 متراً بدلاً من 595 متراً»، موضحاً أن بلاده تسابق الزمن من أجل إنهاء بعض الأعمال الهندسية بالبوابات الـ13 للسد، قبل الملء الثاني في 22 يوليو.
تخزين جزئي
أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية بجامعة القاهرة، الدكتور عباس شراقي، يشرح في تصريحات خاصة لموقع «الجالية»، الموقف الحالي بعد التصريحات الإثيوبية الأخيرة، موضحاً أن «التخزين الثاني أصبح الآن جزئياً فقط وليس كاملاً».
ويشير إلى أن «الإنجازات في السد ضعيفة (الإنشاءات الهندسية) وكان من المتوقع أن لا تستطيع إثيوبيا اللحاق بموعد الملء الثاني بشكل كامل، وقد أقرت مؤخراً بأنه سيتم العمل على رفع الممر الأوسط إلى ارتفاع 573 متراً بدلا من 595 متراً، وهذا الأمر من شأنه أن يؤثر على سعة التخزين لتكون أربعة مليارات متر مكعب من المياه (في الأسابيع الأولى من الشهر المقبل)، بدلاً من 13.5 مليار متر مكعب كانت تستهدفها إثيوبيا في الملء الثاني في يوليو».
ووفق هذا التصور، فإن إجمالي المياه المخزنة تصل إلى تسعة مليارات متر مكعب تقريباً، بإضافة الملء الأول الذي حجز نحو أربعة مليارات متر مكعب.
وطبقاً لشراقي، فإن المشكلات الهندسية تحول دون تخزين الكمية المستهدفة من الملء الثاني بواقع 13.5 مليار متر مكعب، ليشهد العام الحالي تخزين أربعة مليارات متر مكعب فقط، على أن يستكمل المستهدف العام المقبل؛ من خلال تخزين 10 مليارات متر مكعب سنوياً بعد ذلك، وتعلية الممر الأوسط إلى 595 متراً العام المقبل كما كان مستهدفاً هذا العام.
وستمكن الأربعة مليارات متر مكعب من المياه التي سيتم تخزينها من تشغيل أول توربينين بالسد في شهر أغسطس المقبل، وفق شراقي.
مصر والسودان
وبموازاة ذلك، تدور تساؤلات حول مدى تأثير المشكلات الهندسية وعدم تمكن أديس أبابا من الملء الثاني بالكامل هذا العام، على موقف دولتي المصب.
وبينما يفسر التصريحات الإثيوبية الأخيرة على أنها تمثل تراجعا عن الملء الثاني هذا العام، وتأجيل استكماله للعام المقبل، يشير وزير الموارد المائية والري المصري الأسبق في مصر، محمد نصر الدين علام، في تصريحات خاصة لموقع «الجالية» إلى أن الجانب الإثيوبي قال إن لديه مشاكل فنية في الوصول إلى منسوب رفع الممر الأوسط إلى 595 متراً، لكنه يلفت بموازاة ذلك إلى أنه «سواء تمت التعلية إلى 573 متراً أو حتى 595 متراً ففي جميع الأحوال يعتبر ذلك الأمر مخالفاً لما تريده مصر والسودان، بشأن اتفاق ملزم قبل الملء».
ويوضح أن «هذا المنسوب أو أي منسوب آخر يعد اعتداءً على حقوق وسيادة مصر والسودان، إذ يجب الاتفاق على هذا الأمر وإيضاح الأسباب أيضاً (..) الأمر مخالف للتحذيرات التي أطلقتها القاهرة والخرطوم بعدم بدء المرحلة الثانية دون الوصول لاتفاق شامل».
ويقول إن تصريحات الوزير الإثيوبي تكشف أنه سوف تتم تعلية الممر الأوسط بارتفاع 573 متراً، ومن ثم سوف يتم بدء الملء الثاني في يوليو «وهذا يعتمد على مسار الفيضانات؛ إذا كانت شديدة لن يستطيع التعلية»، موضحاً أنه «من غير الواضح ما يحدث، هل هو على سبيل المناورة أم جزء من المفاوضات، وهذا ما سوف يتكشف لاحقاً».
مشكلات هندسية
مستشار وزير الرى الأسبق خبير المياه الدولي، ضياء الدين القوصي، يعزي الموقف الإثيوبي الأخير إلى مشكلات فنيّة هندسية ظاهرة في منظومة السد، مع عدم وجود خطة للتعامل مع تلك المشكلات، ما يتسبب في تأجيل الملء الثاني عملياً بشكل كامل.
ويشير في تصريحات خاصة لموقع «الجالية» إلى أن تصريحات وزير المياه والري والطاقة الإثيوبي جاءت مع خطورة الفيضان وكميات الأمطار التي تتسبب في مشكلات (على الأعمال الإنشائية للسد)، مع عدم وجود خطة للتعامل مع تلك الكميات، وبالتالي جاء القرار الإثيوبي الأخير «ليس بإرادة أديس أبابا، إنما بسبب المشاكل الهندسية، وعدم القدرة على السيطرة على المياه المحملة بالطمي الشديد».
ويعتقد بأن تصريحات وزير المياه والري الإثيوبي تمثل إعلاناً عن تأجيل الملء الثاني بكامل الكمية المُعلن عنها سابقاً، لمدة عام، انتظاراً ليوليو 2022 لاستكمال الملء بكامل الكمية المخطط لها، على حد تفسيره للموقف بشكل عملي.