مني النمر تكتب : أولاد الأصول

وإذا لَمْ تَكُن نفسُ النَّسيبِ كأصلِهِ … فماذا الذي تُغني كِرامُ المناصِبِ” المتنبي .

الأصل هو أساس كل شئ ، فإذا كان إنسان ذو أصلاً ، فهذا يعنى أن الأصل والأساس فيه ملتزم .

دائماً ما نسمع عبارة : هذا إبن أصول ، و هذه سيدة أصيلة ، مفاهيم و معاني أصبحت من الماضي ، و أصبحنا نفتقدها بشدة فى أيامنا هذه ….

و لا يزال كثير من الناس يخلتط عليها المفاهيم على تعريف إبن الأصول : لذا فالنعلم أنه ليس كل من ينتمون إلى علية القوم و يركبون أغلى السيارات ، أو من يسكنون أرقى الأحياء ، و يتقنون اللغات و يلبسون أغلى الماركات ” أولاد أصول”. وليس كل من تولى منصبًا كبيرًا ، أو كل صاحب مال وجاه “يدعى أصيلا ” .

فهذا اعتقاد خاطئ .. !!
فقد يكون إنسان ما بسيط الحال إبن أصول بأفعاله و اعتزازه بنفسه و حسن أخلاقه ، و على العكس تماماً قد يكون إنساناً آخر يمتلك من الحسب و النسب و المال ، أو من المنصب و الجاه ، و الوجهه الأرستقراطية الأنيقة لكنه ينطوي على أخلاق دنيئة و خصال سيئة ، فلا تنخدعوا بالمظاهر و الشكل البراق .

ف لنقترب أكثر لنعرف من إبن أصول ؟
إبن الأصول تجده بشوش الوجهه فى أصعب المواقف ، سهلاً فى التعامل لا يرهقك بسوء الظن أو بالقسوة فى الرد ، إبن الأصول من يرد حسن الصنيع باحسن منه ولا ينسي لك فضلاً أبدا .
من يسعى لحل مشاكلك دون أن تعلم أو تطلب ، و لأنه إبن أصول فلا ينتظر شكراً أو تهليلا ؛
إبن الأصول إذا قال فعل ، و إذا وعد وفا ، وإذا خاصم لم يفجر ولم يفضح ، و لم يخون و لم يغدر .
إبن الأصول هو من يتألم دون أن يتكلم ، من لايعرف للانتقام طريقا ، هو من يتخذ من نفسه و ماله جسراً يربطه بأهله و أصدقائه ، ولم يتخذ من ماله أو منصبه فى ظلم و قهر من حوله ،
إبن الأصول لا يكون بخيلا شحيح النفس مالاً أو مشاعر و أن كان به خصاصة ؛

هو من يشعر بالامتنان والعرفان لأقل هدية أو لفتة إنسانية ؛ طيب القلب ، لاتغيره الأيام ولا تبدله المناصب ، و إذا ما أخطأ لا يتردد فى الاعتذار ؛
يحب الخير لغيره كما يحبه لنفسه ، لا يحقد أو يتمنى زوال النعمة عن غيره ؛
صديق للجميع ، وصاحب واجب ، ويعطى الحقوق لأصحابها دون أن يُطلب منه ؛
من يحفظ السر و العشرة ؛

إبن الأصول « عينه مليانه» و أن كان فى أشد الأوقات احتياجا ، من تأتمنه على نفسك ، مالك ، عرضك .
ابن الأصول عملة نادرة تزداد قيمة مع الوقت ، فإذا كان فى حياتك أحد من هؤلاء فأنت حقا محظوظ .

فلا تحكموا على أحد من مجرد كلمات مجاملة أنيقة أو ثياباً جميلة ، بل تحروا جيداً النفيس من الرخيص ؛

و لنعلم أن كل منصب زائل ،
و الشباب و المال ليس دائم ، و أن المال لا يشتري أصلا ،
و أنه قد تزول النعمة و الصحة فى لحظة ، ف لكل قوي وقت ضعف ؛ و الذكي من يتخذ من الأصيل خليل ؛ ف يجده في كل وقت و حين.

أتعلمون لما وصلنا الى هذه الحالة من الانهاك و التعب فى حياتنا ، لأننا افتقدنا ثقافة أولاد الأصول .

فهناك من يدعى الإخلاص لكنه مخلص لنفسه فقط ، و من يدعي الورع و في حقيقته شيطان ماجن ، و من يدعي الشرف لكنه لايتردد حتى عن بيع نفسه مادام هناك مقابل .

فقد أصبحنا نعيش في زمن غريب مخيف جدآ لدرجة أننا صرنا ندعوا الله … أن يكفينا شر الأحبة … أكثر مما ندعو أن يكفينا شر الأعداء .

و أصبحنا نندهش من كل ما هو أصيل ، و وصل بنا الحال أنه قد نتعامل يوماً ما مع أناس بشكل لا يليق فقط ل بساطة حالهم و رقة ملبسهم و لا نكتشف معدنهم إلا متأخراً جدآ ؛ لأننا اتخذنا من الأخلاق قشورها ، ومن القيم أدناها ؛

فلم يعد هناك مكان لأولاد الأصول ..!!

و لهذا يرجع أغلب أسباب إنهيار الكثير من البيوت ، فلم
يعد الزوج قوام حق القوامة ولم تعد الزوجة السكن و الراحة ؛ فقد جلب الكثير منهم على الأخذ دون عطاء ، و أصبحنا نفتقد لكلمة « ست أصيلة ، رجل إبن أصول »

و تحضرني مقولة اوجزت الكثير من الكلام :
« ليس كل من لبس الحرير أميرا وَ ليس كل من نام بدون سرير فقيرا ، فكم مِن جسد تحت الحرير حقير .. و كم منْ فقير دون سرير أمير »

فابن الأصول «و إن جار الزمان عليك … لا يجور»

تحياتي أولاد الأصول .

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى