مطعم في مراكش تديره النساء فقط منذ 35 سنة

كتبت/ نواهل سليمان

لم يكن مطعم “الفاسية” مطعما عاديا، حيث استطاع فرض نفسه منذ 35 سنة بين مطاعم مدينة مراكش المغربية وصنع اسمه منذ البداية، بعد أن خلق جدلا كبيرا بسبب تشغيله النساء فقط، في وقت كانت المرأة محكومة بتقاليد وعادات تفرض لزومها البيت أو دخوله قبل أن تغرب شمس النهار.

“كان أبي محمد الشاب مسؤولا فندقيا في مدينة فاس، وقبل انتقالنا إلى مدينة مراكش، راودته فكرة إنشاء مطعم عائلي، نشتغل فيه نحن بناته إلى جانب أمي فاطمة. الفكرة في حد ذاتها كانت سابقة في عصر مختلف تماما”، هكذا تصرح مديرة المطعم، سعيدة الشاب في حديثها لموقع “سكاي نيوز عربية”.

وتتابع: “أراد أبي أن يصنع منا قائدات، لا نحتاج لوساطة ولا ننتظر من يوظفنا. وهذا ما دفعني أنا وأخواتي للسير وراء تحقيق هذا الحلم، بالتزود أولا بالعلم والكفاءة، إذ أتممت دراستي في فرنسا في مجال الفندقة فيما درست أختي ميرا التسيير في الولايات المتحدة”.

وفي انتظار عودة بناته بالشهادات العليا، أطلق الأب محمد الشاب بمساعدة ثمينة من زوجته الراحلة المطعم المغربي الذي يقع في وسط مدينة مراكش.

 صورة لطاقم مطعم الفاسية
صورة لطاقم مطعم الفاسية

وبفخر كبير تحكي سعيدة: “في ثمانينيات القرن الماضي، لم تكن السياحة مزدهرة بعد في المغرب، ولم يكن الربح مؤكدا، ومع ذلك خاض والدي المغامرة وأخذ قرضا بنكيا واعتمد على خبرته ومساندة أمي له، وأطلق المشروع إلى جانب عمله في أشهر وأكبر الفنادق في المدينة الحمراء”.

تولت الأم زمام الأمور، وعملت في المطبخ وفي الإدارة، ودربت نساء تحدين بدورهن المجتمع واخترن إثبات ذواتهن.

تنكر العاملات في زي الرجال

هذا ما تؤكده طباخة المطعم، حليمة لموقع “سكاي نيوز عربية”، حيث تقول: “كان الأمر في البداية صعبا للغاية، لحد أني كنت أرتدي جلبابا رجاليا وأركب دراجتي الهوائية للعودة إلى المنزل في ساعات متأخرة ليلا، وذلك لتجنب التعرض لتهكمات المجتمع والحي. لم يكن لدي خيار، إذ كان علي مساعدة زوجي ماديا لتربية أبنائنا وتلبية حاجات البيت”.

لم تمر إلا أيام قليلة لتتحول الحاجة إلى حب كبير للعمل وإثبات الذات عند حليمة التي توضح أنها أمضت أكثر من ثلاثين سنة في “الفاسية”.

 الطباخة التي كانت تتنكر بزي رجل
الطباخة التي كانت تتنكر بزي رجل

وذكرت: “بمجرد عملي مع السيدة فاطمة الأم، تملكني طموح كبير، فأصبحت أبحث عن التطور والمعلومة. إذ كنت أعمل في بدايتي في التنظيف وبالتدريب والتكوين، استطعت أن أكسب ثقة أصحاب المحل، وأصبحت من الطباخات الماهرات، اللواتي يتقن أصعب الأطباق المغربية وألذها”.

وتابعت: “وأنا في عمر الستين، أحاول أن ألقن الجيل الجديد من العاملات في المطعم ما حثتني عليه السيدة فاطمة قيد حياتها، الابتسامة في وجه الزبون والنظافة والنظام وحب التعلم، وهي أسس لاتزال تواظب عليها بناتها بعدها”، هكذا تختم حديثها.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى