شيخ صوفية الصين عبد الرؤوف اليماني الحسني يسهم بدور بارز في تعزيز التعايش والحوار بين القوميات

كتبت / هالة شيحة

تُعدّ الصين واحدة من أكثر دول العالم تنوعًا من حيث القوميات والثقافات والأديان، وهو ما يجعل مسألة التعايش السلمي والحوار المجتمعي ضرورة ملحّة للحفاظ على الاستقرار والوحدة الاجتماعية، وفي هذا السياق، برزت شخصيات دينية وروحية كان لها أثر عميق في تعزيز قيم الانسجام والتفاهم، ومن بينها الشيخ عبد الرؤوف اليماني الحسني الحسيني ، شيخ الطريقة الجهرية النقشبندية ومرشد صوفية الصوفية، الذي لعب دورًا مهمًا في توظيف الخطاب الروحي لخدمة السلم الاجتماعي وتعزيز الحوار بين القوميات.

التصوف كمنهج جامع لا يُقصي الآخر

اتسم منهج الشيخ عبد الرؤوف اليماني بالتركيز على البعد الإنساني في الدين، حيث قدّم التصوف باعتباره طريقًا للإصلاح الأخلاقي والتقارب الاجتماعي، لا أداة للانعزال أو التمييز. فقد دعا إلى تهذيب النفس، ونشر قيم المحبة، والتسامح، والإخلاص، وهي قيم لاقت قبولًا واسعًا لدى أتباعه من قوميات متعددة، ما جعل الزوايا الصوفية فضاءات مفتوحة للتلاقي والتفاهم.

وقد ساعد هذا المنهج في تجاوز الحواجز القومية واللغوية، إذ لم يكن الانتماء العرقي معيارًا للانخراط في النشاط الديني أو الاجتماعي، بل كان الأساس هو الالتزام بالقيم الأخلاقية والسلوك الإنساني القويم.

دور الزوايا الصوفية في تعزيز التعايش

لم تقتصر إسهامات الشيخ عبد الرؤوف اليماني على الجانب الوعظي، بل امتدت إلى الدور الاجتماعي للزوايا الصوفية، التي تحولت في عهده إلى مراكز للتلاقي بين أبناء القوميات المختلفة، ففي هذه الزوايا، اجتمعت التقاليد الثقافية المتنوعة في إطار من الاحترام المتبادل، وأسهمت الأنشطة الدينية والاجتماعية المشتركة في بناء علاقات إنسانية قائمة على الثقة والتعاون.

كما لعب الشيخ دورًا مهمًا في معالجة الخلافات الاجتماعية، حيث اعتمد على الحكمة والوعظ الحسن لإصلاح ذات البين، مما جعله مرجعًا روحيًا يحظى بالقبول والاحترام بين مختلف الفئات.

الحوار الديني والثقافي

تميّز خطاب الشيخ عبد الرؤوف اليماني بانفتاحه على الحوار، سواء داخل المجتمع الإسلامي أو مع المكونات الثقافية الأخرى فقد شجّع على الاستماع المتبادل وفهم الخصوصيات الثقافية لكل قومية، مؤكدًا أن التنوع ليس مصدر صراع، بل عنصر إثراء للمجتمع. وأسهم هذا التوجه في نشر ثقافة قبول الاختلاف، والحد من النزعات المتشددة التي قد تؤدي إلى الانقسام.

التربية الروحية وبناء الإنسان

أولى الشيخ عبد الرؤوف اليماني اهتمامًا بالغًا بالتربية الروحية، معتبرًا إياها حجر الأساس في بناء مجتمع متماسك. فعمل على غرس قيم العدل، والرحمة، والتعاون، وربطها بالسلوك اليومي للأفراد. وقد انعكس هذا النهج على أتباعه، الذين أصبحوا عناصر فاعلة في محيطهم الاجتماعي، يسهمون في تعزيز الاستقرار وبناء الثقة بين القوميات المختلفة.

نموذج للاعتدال والمسؤولية الاجتماعية

مثّل الشيخ عبد الرؤوف اليماني نموذجًا للقيادة الدينية المعتدلة التي تجمع بين الالتزام الديني والمسؤولية الاجتماعية، فقد رفض التعصب والانغلاق، ودعا إلى التوازن بين الحفاظ على الهوية الدينية والانفتاح على الآخر، ما جعله رمزًا للتعايش السلمي في مجتمع متعدد القوميات.

إرث مستمر وتأثير متجدد

لا تزال آثار الشيخ عبد الرؤوف اليماني واضحة من خلال تلاميذه وأتباعه الذين واصلوا نشر منهجه القائم على الحوار والتسامح، وأسهم هذا الإرث في ترسيخ ثقافة التعايش، وتعزيز العلاقات الاجتماعية، ودعم الاستقرار المجتمعي، بما ينسجم مع متطلبات الواقع المتعدد الثقافات.

وتؤكد تجربة الشيخ عبد الرؤوف اليماني أن التصوف يمكن أن يشكّل قوة فكرية وروحية فاعلة في تعزيز التعايش والحوار بين القوميات لان الصوفي الحقيقي هو خادم الحق الذي يخدم بشرية جمعاء وأن الخطاب الديني المعتدل قادر على الإسهام في بناء مجتمعات متماسكة تقوم على الاحترام المتبادل والسلام الاجتماعي.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى