روجينا فتح الله تكتب: القضاء العربي بين التعاون والتحديث: قراءة في الاجتماع الحادي والعشرين لقضايا الدولة

 كاتبة صحفية

انطلقت صباح الاثنين 1 ديسمبر 2025 فعاليات الاجتماع الحادي والعشرين لرؤساء هيئات وإدارات قضايا الدولة في الدول العربية بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالقاهرة، بحضور وفود قضائية رفيعة المستوى من مختلف الدول العربية، إلى جانب قيادات الهيئات القضائية المصرية. يمثل هذا الاجتماع منصة استراتيجية لتبادل الخبرات ومناقشة التحديات القانونية والإدارية التي تواجه إدارات قضايا الدولة في المنطقة العربية، في خطوة تعكس حرص الدول العربية على تعزيز التعاون القضائي المشترك.

تكمن أهمية هذا الاجتماع في كونه يشكل فرصة ذهبية لتطوير إدارات قضايا الدولة من خلال تبادل الخبرات بين الدول، وتوحيد السياسات القانونية والإدارية، ورفع كفاءة الكوادر القضائية. فالاجتماعات العربية على هذا المستوى لا تقتصر على صياغة حلول للمشكلات الراهنة، بل تمتد لتأسيس قاعدة متينة للعمل القضائي المشترك، بما يسهم في حماية المال العام وتحقيق العدالة على المستويين الوطني والإقليمي.

واستحوذ محور التحول الرقمي في العمل القضائي على اهتمام المشاركين، حيث تناول الاجتماع سبل رقمنة الملفات القضائية وتطوير الأنظمة القانونية لتواكب التغيرات التشريعية والتكنولوجية. كما تم التركيز على برامج التدريب القضائي المشترك بين الدول العربية، بما يعزز كفاءة الأعضاء الشباب ويضمن تطوير مستدام للكوادر القانونية، وهو ما يمثل خطوة هامة نحو تحديث منظومة العمل القضائي العربي.

بالإضافة إلى ذلك، ناقش الاجتماع سبل تعزيز التعاون القضائي الإقليمي وتوحيد الآليات القانونية في مواجهة القضايا العابرة للحدود. ويظهر هذا البعد بوضوح في توصيات الاجتماع التي ركزت على أهمية تبادل البيانات القانونية والخبرات القضائية بين الدول الأعضاء لضمان سرعة وفعالية التعامل مع التحديات المشتركة.

على هامش الاجتماع، قام المشاركون بزيارة المعرض المتحفي “سيرة ومسيرة” الذي تنظمه الأمانة العامة لجامعة الدول العربية احتفالاً بمرور ثمانين عاماً على العمل العربي المشترك. وقد اطلع الحضور على تاريخ الجامعة منذ تأسيسها عام 1945، وأبرز محطات دعمها لحركات التحرر الوطني وتعزيز التعاون الاقتصادي والاجتماعي والثقافي بين الدول الأعضاء، وهو ما يعكس أهمية ربط الحاضر بالماضي في صياغة رؤية عربية مشتركة للعمل القضائي.

تؤكد هذه الفعاليات على أن التعاون القضائي العربي لا يقتصر على تبادل الخبرات فقط، بل يمتد ليشمل تطوير منظومة قانونية متكاملة تعزز سيادة القانون وتحمي الحقوق والمصالح العامة. ومن خلال هذه الاجتماعات، تُترسخ القيم المشتركة للعمل القضائي العربي، مع التركيز على التحديث والتدريب والتحول الرقمي.

وفي ختام المقال، يمكن القول إن الاجتماع الحادي والعشرون لقضايا الدولة العربية هو أكثر من مجرد لقاء رسمي؛ إنه خطوة استراتيجية نحو قضاء عربي متطور، متعاون، قادر على حماية المال العام وتعزيز العدالة. استمرار هذه اللقاءات وتوسيع برامج التدريب وتبني التحول الرقمي سيضمن أن تكون الإدارات القضائية العربية على جاهزية كاملة لمواجهة التحديات المستقبلية بثقة وكفاءة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى