روچينا فتح الله تكتب: «منتدى مصر للإعلام 2025».. من سيستمر حتى 2030؟
لم يعد الإعلام كما كان، ولم تعد المنافسة تدور حول من يملك المعلومة، بل من يملك الاستمرارية، وهنا تأتي أهمية منتدى مصر للإعلام 2025، الذي عُقد هذا العام تحت شعار لافت ومثير للتفكير: “2030.. من سيستمر؟”.
هذا المنتدى لم يكن مجرد حدث سنوي أو تجمع مهني، بل أشبه بمرآة تُظهر أين يقف الإعلام المصري والعربي وسط عاصفة التطور الرقمي.
منصة تجمع الأجيال..
من يتابع النسخة الثالثة للمنتدى يلاحظ حالة التنوع الكبيرة في الحضور؛ إعلاميون كبار بجانب شباب وشابات ما زالوا في بداية الطريق، هذا المزيج الإنساني والمهني يمنح المنتدى روحًا مختلفة، ويؤكد أن مستقبل الإعلام لن يصنعه جيل واحد، بل حوار بين الأجيال.
لقد أصبح المنتدى مساحة لتبادل الخبرات، وللتساؤل الصريح: كيف نحافظ على المهنية في زمن السرعة؟ وكيف نصنع محتوى حقيقي في عالم مليء بالضجيج الرقمي؟

التحول الرقمي.. لا عودة إلى الوراء
من أكثر ما لفت نظري هو حجم التركيز على الذكاء الاصطناعي والإعلام الرقمي، الجلسات والنقاشات لم تكتفِ بالتنظير، بل حاولت أن تضع خطوات عملية لتأهيل الصحفيين على أدوات المستقبل.
ومع ذلك، يظل السؤال الأهم: هل مؤسساتنا الإعلامية مستعدة فعلًا لتبنّي هذه التحولات؟ أم أننا ما زلنا نستخدم الأدوات الحديثة بعقلية الماضي؟
التحول الرقمي ليس ترفًا ولا خيارًا، بل هو البقاء أو الاختفاء.
2030.. من سيستمر فعلًا؟
الشعار لم يكن مجرد عنوان دعائي، بل سؤال وجودي لكل من يعمل في المهنة، من سيستمر حتى 2030؟
الإجابة ليست في حجم المؤسسة ولا تمويلها، بل في قدرتها على التطور، والمصداقية، والتفاعل مع الجمهور بوعي واحترام.
الإعلامي الذي سيبقى هو من يتعلم كل يوم، من يفهم جمهوره، ويقدّم له قيمة حقيقية وسط بحر من المحتوى السطحي.
المنتدى والمرأة في الإعلام
اللافت أيضًا الحضور الكبير للصحفيات والإعلاميات، سواء كمشاركات أو متحدثات. وهذا يعكس التحول الحقيقي في نظرة المجتمع لدور المرأة في الإعلام، لكنّ التمثيل وحده لا يكفي، المطلوب أن نمنح الأصوات النسائية مساحة أكبر في صناعة القرار الإعلامي، لا فقط في التقديم أو المراسلة.
ما بعد المنتدى.. هو الأهم
ينتهي المنتدى كل عام، وتبقى الأسئلة معلقة:
هل نكتفي بالتصفيق والتصوير، أم نبدأ مرحلة التنفيذ؟
الاختبار الحقيقي لأي حدث إعلامي ليس في عدد الجلسات أو الصور التذكارية، بل في الأثر المستمر بعد انطفاء الأضواء، وحتى نصل إلى 2030 بثقة، نحتاج أن نحول كل ما طُرح في المنتدى إلى خطط عمل، وتدريب، وتغيير حقيقي في واقع المؤسسات الإعلامية.
منتدى مصر للإعلام 2025 لم يكن مجرد حدث، بل كان رسالة: أن من يريد البقاء في هذا العالم المتغير، عليه أن يتعلم، ويواكب، ويؤمن بأن الإعلام رسالة ومسؤولية قبل أن يكون مهنة.
2030 ليست بعيدة، ومن سيستمر حقًا هو من يمتلك الوعي، والمرونة، والإيمان الحقيقي بقيمة الكلمة.



