د. ياسمين أسماعيل تكتب: من الحيرة إلى الأمل: كيف غيّر الـABA حياتي وحياة طفلي؟

أنا أخصائية تحليل سلوك تطبيقي ، ومن خلال عملي مع الأطفال، شفت مشاعر الحيرة في عيون الأمهات، وشفت تحديات كتيرة، لكني كمان شفت التغيير، وشفت الأمل، والفرق اللي بيصنعه العلاج السلوكي التطبيقي (ABA) في حياة الأطفال وأسرهم. اللي يمكن ناس كتير مش تعرفه، إن رحلتي مع الـABA ما بدأتش كمتخصصة، بل كإنسانة عايزة تساعد، وبتسأل: “ليه في أطفال مش قادرين يتواصلوا؟ ليه في سلوكيات بتتكرر ومحدش فاهم معناها؟ وهل في طريقة فعلاً تساعدهم؟”. الأسئلة دي خدتني في طريق طويل، لحد ما وصلت للـABA.

العلاج السلوكي التطبيقي مش برنامج جاهز بيتطبق على كل الأطفال بنفس الشكل. هو منهج علمي متكامل بيعتمد على فهم سلوك الطفل، وتحديد أسبابه، ووضع خطة فردية لتعليمه مهارات جديدة بطريقة تدريجية. ببساطة، هو بيعلم المهارات الاجتماعية، واللغوية، والمعرفية، بيساعد في تقليل السلوكيات غير المرغوبة، وبينمّي الاستقلالية والقدرة على التفاعل مع البيئة. وبيتم ده من خلال التعزيز الإيجابي، والتكرار، وتحليل البيئة بدقة، وكل ده في إطار من المتابعة والتقييم المستمر.

هحكي عن طفل من الأطفال اللي أثروا فيّ جدًا، مبيتكلمش، وبيصرخ باستمرار، ورافض أي تفاعل. أمه كانت يائسة وبتقوللي: “أنا مش عارفة هو سامعني ولا لأ… مش عارفة أساعده”. بدأنا بالخُطوة الأولى: الاستجابة لاسمه. وبعدها علمناه إزاي يشاور لما يعوز حاجة، وإزاي يطلب “ما”، وبعد فترة بدأ يقلد أصوات، ثم كلمات بسيطة. كانت فرحته بكل إنجاز بتعلمنا إن الطفل مش رافض التعلم، هو بس محتاج طريقة مناسبة توصله.

من كل حالة اشتغلت معاها، كنت بتعلم حاجة جديدة. أهم الدروس اللي غيرتني كأخصائية: الطفل لازم نحترمه ونفهمه قبل ما نعلمه، والأساس مش سرعة التقدم، الأساس هو الثبات والتحسن الحقيقي، والشراكة مع الأسرة ضرورية، وجود ولي الأمر جزء من نجاح كل خطة، ولازم نحتفل بكل نجاح مهما كان بسيط، لأن بالنسبة للطفل هو كبير جدًا.

وبيشتغل الـABA عمليًا من خلال خطوات واضحة، أولها التقييم الشامل لمهارات الطفل وسلوكياته، وبعدها بنحط خطة فردية تناسب قدراته واحتياجاته، وبنقسّم الأهداف لمهارات بسيطة زي الاستجابة للاسم، أو تقليد صوت، أو الإشارة للطلب، ونبدأ نشتغل باستخدام التحفيز والتعزيز، سواء بمكافأة أو لعبة أو ابتسامة، وبنكرر وبنراجع وبنطوّر، وكل يوم بيعدّي بنتعلم أكتر عن الطفل، وبنقرب منه خطوة.

الـABA مش مجرد طريقة تعليم… ده أسلوب حياة بيساعدنا نقرّب من الطفل، نفهمه بعمق، ونمشي معاه خطوة بخطوة عشان يكتشف قدراته ويعبّر عن نفسه بثقة.

النهاردة الطفل ده بيتكلم، وبيطلب، وبيسأل، وبيضحك، وبيروح الحضانة. وأمه بتبص لي بعين كلها شكر وفرح، وأنا ببصله بعين كلها فخر. الـABA ما غيّرش بس سلوكه، غيّر حياتي كأخصائية، وخلاني أؤمن إن كل طفل، أيًّا كان وضعه، يقدر يتعلم، لو لقى اللي يفهمه ويؤمن بيه. من الحيرة للأمل… كانت رحلة، ولسه مستمرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى