شكيب أبوزيد الأمين العام للاتحاد العربي للتأمين « التأمين الصحي الشامل في مصر مشروع القرن»
❑ أزمة الكورونا أظهرت ضرورة الرقمنة ولدينا مشاكل فرضت نفسها علي الشركات المتأخرة فيها
حوار : عاطف طلب
شخصية اقتصادية لديها علم وثقافة ورؤية، يتولي مسؤولية منظومة عربية عمرها 54 عامًا وهو الاتحاد العام العربي للتأمين الذي يهتم بالتأمين في الوطن العربي، ومن يتولي هذه المسؤولية هو شكيب أبو زيد، الأمين العام للاتحاد العربي للتأمين، الرجل الذي لديه خبره قادته إلي هذا المنصب الرفيع.
يسعي الاتحاد العربي للتأمين مع «شكيب»، لأن يوفر حماية تأمينية لكل مواطن عربي، ولديه عين ترعي المصالح التأمينية في المنطقة.
يتميز «شكيب» بأنه لديه خطة للاتحاد وحينما تم اختياره في منصبه لم يفكر في القيادة الارتجالية، بل يعمل وفق خطة وعلم ويمكن أن نلخصها في الحوكمة والرقمنة وإضافة قيمة للأعضاء.
❑ الرقابة المالية تقوم بنشاط كبير وهي أحد النماذج الناجحة في مراقبة التأمين في المنطقة العربية
إجمالي أقساط التأمين في المنطقة العربية ليست مرتفعة ( 40,5مليار دولار) وهذا ما يسعي شكيب لمضاعفته خلال الفترة المقبلة، استنادًا إلي أن المنطقة العربية لم تٌشَبَع من التأمين حتي الآن وتحتاج إلي الكثير، وهو ما يسعي الاتحاد العربي للتأمين وقياداته إلي تحقيقه.
في هذا الحوار التقينا موقع « الجالية » شكيب أبو زيد، الأمين العام للاتحاد العربي للتأمين، ليفتح قلبه لنا ويتحدث عما قدمه للاتحاد، وإلي أين يسير الاتحاد، وما يريد أن يحققه فإلي الحوار.
● كيف يعمل الاتحاد العربي للتأمين؟
●● الاتحاد العام العربي للتأمين عمره 54 عامًا، ومنذ تأسيسه يعمل لخدمة صناعة التأمين العربية، ورفع الوعي التأميني عند جموع المواطنين العرب ليكون الأرضية المشتركة أو نقطة لقاء لجميع شركات التأمين في المنطقة العربية ووسطاء التأمين ومراقبي التأمين في المنطقة العربية وشركات الخدمات الطبية.
والاتحاد العام العربي للتأمين، يعتبر أول كيان جمعوي للتأمين في المنطقة العربية.
● الاتحاد أحد أكبر وأهم المشاريع العربية المشتركة التي نجحت.. كيف؟
●● نجح لأننا لدينا البطاقة البرتقالية، وهي البطاقة التي تُمكن أي مسافر عربي وهو ينتقل بسيارته من بلد إلي بلد أخري يكون مُغطي تأمينيًا، فمثلًا المواطن المصري الذي يذهب إلي ليبيا أو المواطن الليبي الذي يأتي إلي مصر للعلاج أو السياحة يأخذ وثيقة تأمين تسمي البرتقالية، وتغطي مسؤوليته المدنية ( الطرف الثالث) ، وهذا مشروع ناجح، بعيدًا عن الضوضاء.
● نريد التحدث عما قدمه الاتحاد؟
●● الاتحاد قدم البطاقة البرتقالية، وقدم كثير من الأشياء علي مستوي التأمين، منها العمل علي توحيد القوانين، والتوعية التأمينية، وتنظيم دورات تدريبية وندوات.
وكل عامين ينظم الاتحاد أهم مؤتمر علي صعيد الدول الناشئة، وهو يجمع 2000 شخص تحت سقف واحد، والناس تحضر لسببين، الأول: بسبب مستوي المحاضرات؛ الثاني: لقاء ما بين شركات التأمين شركات الوساطة والمعنيين، وبالتالي تكون هناك لقاءات علي هامش المؤتمر هي لقاءات أعمال.
● هل البطاقة البرتقالية تسري في جميع الدول؟
●● تسري علي جميع الدول العربية ما عدا دول قليلة، لأن في بعض الدول ليست لها حركة سيارات بينها وبين الدول الأخرى.
● ما خطتكم التي تعملون بها في الاتحاد؟
●● اُنتخبِت في الاتحاد عام 2019 علي أساس ثلاثة أهداف:
الهدف الأول الحوكمة، والثاني رقمنة الاتحاد، والثالث إضافة قيمة حقيقية للأعضاء.
● لماذا الحوكمة؟
●● الحوكمة حجر الزاوية في أي نشاط مؤسساتي، وخاصة عندما يتعلق الأمر بتجمع مهني.
● لماذا الرقمنة؟
●● أزمة كورونا أظهرت بشكل واضح ضرورة الرقمنة، لأننا عندما اضطررنا للمكوث في المنازل كان التعامل سهلًا مع اتحادات وشركات ومراقبي التأمين، لأن التعامل كان عن طريق الإيميل والتليفونات، لكن شركات التأمين وشركات الإعادة التي تتعاطي تأمين أو إعادة تأمين ولديها تعاملات مع عملاء كيف تصل إلي هؤلاء العملاء؟ الحقيقة أنه واجهتنا مجموعة من المشاكل فرضت نفسها علي الشركات التي كانت تأخرت في رقمنة عملياتها.
● كيف تغلبت الشركات علي الأزمة؟
●● أغلبية الشركات الآن لديها تطبيقات، يتابع من خلالها مالك الوثيقة جميع العمليات، ويُمكن من خلالها تجديد وثيقة سيارته ووثيقة التأمين علي الحياة وثيقة تأمين المنزل، والمستندات تُرسل عن طريق الواتس آب أو عن طريق التطبيق أو عن طريق البريد.
● ما القيمة المضافة التي يمكن ان يضيفها الاتحاد العربي للأعضاء؟
●● الاتحاد هو تكتل مهني، مكون من 98٪ أو 99٪ من الشركات التابعة للقطاع الخاص وبعض الشركات التابعة للقطاع العام، لكن الهدف هو خدمة الصالح العام، خدمة الاقتصاد الوطني، وبالتالي خدمة صناعة التأمين وخدمة الشركات، ودور الاتحاد العربي للتأمين أن يُعطي قيمة مضافة حقيقية بحيث نحقق الأهداف وهذا ليس بالشيء الصعب.
● ماذا عن تنظيم ندوتين مؤخرًا بالقاهرة؟
●● الندوة الأولي كانت عن الشمول المالي، والثانية عن التأمين الطبي، والندوات الهدف منها تجميع المهتمين ليناقشوا بشكل موضوعي وعملي مواضيع الشمول المالي أو الشمول التأميني.
● حدثنا عن التأمين بعد انفجار بيروت؟
●● مجمل الخسائر كانت 7,5 مليار دولار تقريبًا حسب التصريحات، لكن المؤمن منها فقط 1,5مليار دولار، أي أن هناك فارق 6 مليارات دولار. يُفترض بأننا كاتحاد عربي أو اتحاد محلي وشركات مراقبي التأمين، نعمل جميعا علي تقليص الهوة التأمينية.
❑ المُشَرع في كل البلدان يجب أن يسن مجموعة من التأمينات
الإجبارية سواء في فروع الطبي أو الحريق أو التأمينات الهندسية
● مساهمة قطاع التأمين في الاقتصاد الوطني؟
●● قطاع التأمين لديه صناديق تجمع أقساط من المؤمن لهم، منها التأمينات علي السيارات أو علي الحياة، وهذه هي المساهمة الأولي له في الاقتصاد؛ في الأزمة المالية العالمية في 2007، الحكومة الأمريكية سمحت لاثنين من البنوك الكبار أن تصفي ولم تسمح لـAIG أن تصفي، وضخت 180 مليار دولار لإنقاذها.
في مصر، شركة مصر للتأمين تعتبر من أعمدة الاقتصاد المصري لأنها شركة كبيرة ومؤثرة، ولا بد أن نُدرك جميعًا أن شركات التأمين لها دور كبير، فلا طائرة تطير ولا سفينة تغادر ولا بناية تبني إلا إذا كان عندها تأمين، أي أن التأمين أساسي لحماية الاقتصاد الوطني من الزلازل والحرائق وحماية الأفراد من الأمراض.
● هل لدينا أزمة في الوعي التأمينى؟
●● هذه العبارة تضايقني، لأن من كثرة استعمالها أصبحت مبتذلة تستعمل كثيرًا وأصبحت مثل الشماعة التي نعلق عليها كل خيباتنا وكل فشلنا.
● كيف يأتي الوعي التأميني؟
●● يأتي بعدة وسائل، حملات إعلانية وغيره، لكن ما يجب أن ندركه أن الوعي التأميني لا يأتي إلا إذا كنا قادرين علي إنجاح الشمول التأميني، ويجب هنا أن نحيٌّي الحكومة المصرية علي خطتها الجريئة في مشروع التأمين الطبي الشامل، ومستقبلًا سيفسح المجال فيه للشركات الخاصة واعتبره مشروع القرن في موضوع التأمين، فعندما تصل هذه الخدمة للمواطن المصري ويكون عنده تأمين طبي وقتها سيدرك أهمية التأمين في حياته.
● كيف نظر القطاع لجائحة كورونا؟
●● الغالبية العظمي من الذين أصيبوا بالكورونا ذهبوا إلي المستشفيات العامة، وجائحة الكورونا أظهرت أننا نحتاج في مجتمعاتنا إلي نوع من الشراكة بين القطاعين العام والخاص، والقطاع العام ممثلاً في وزارات الصحة والشئون الاجتماعية والمالية والوزارات المعنية ومن الجهة الثانية القطاع الخاص المهتم بالطب وشركات التأمين والمستشفيات وشركات الخدمات الطبية TPA شركات الصيدلة وشركة الأدوية وشركات التجهيزات الصحية.
● ما هو المدخل للشمول التأمينى؟
●● الجمعيات الخيرية والتجمعات الصغيرة للفلاحين والمزارعين أو الحرفيين، والتأمين المتناهي الصغر مدخل للشمول التأميني، وبذلك الوعي التأميني يرتفع.
● رأيكم في القانون الجديد؟
●● من مميزات القانون الجديد الذي أعدته هيئة الرقابة المالية، ووافق عليه مجلس الوزراء أنه أدخل مجموعة من التأمينات الإجبارية.
لكن المشكلة تكمن في أن بعض الشركات تحاول التوفير في المصاريف وبالتالي لا تنفق علي التأمين. التقيت من فترة مع مسئولي شركة كبيرة تعمل بالمنطقة العربية وكنت قد ذهبت عندهم لأعرض عليهم خدمات شركة تأمين، فاكتشفت أنهم لم يتوجهوا للتأمين إلا بعد إحتراق المعمل الخاص بهم وخسارة ملايين الدولارات ولم يكن مؤمناً ضد الحريق، بعدها اكتشفوا أن التأمين مهم.
اليوم المُشَرع في كل البلاد مطالب بسن مجموعة من التأمينات الإجبارية في فروع الطبي والحريق، التأمينات الهندسية.
التأمينات الإجبارية مهمة جداً لأن في أسواقنا الوعي التأميني لا يزال غير مكتملٍا. ولكي يكتمل المفروض العمل حتي يصل التأمين إلي مرحلة متقدمة بقوة إجبارية التأمين.
لولا إجبارية التأمين علي السيارات لكانت الدنيا فوضي فإجبارية تأمين المسئولية المدنية علي السيارات مسألة هامة جداً، لا توجد دولة علي مستوي العالم تستطيع أن تسير فيها السيارات بدون التأمين الإجباري علي السيارات.
● هل إجبارية التأمين سببًا في التطور؟
●● تتطور الأسواق بطريقتين، هناك أسواق تتطور عن طريق التأمينات الإجبارية وأسواق تتطور عن طريق التأمينات الاختيارية في مرحلة النضج، والأسواق غير الناضجة كأسواقنا لم تصل نسبة التأمين في الناتج القومي الخام أكثر من 5٪، ونحن أسواقنا بعيدة عن ذلك، ولابد أن تسن مجموعة من القوانين الإجبارية، لنحمي المؤسسات والمواطنين وممتلكات الدولة.
● ماذا عن التأمين التكافلي؟
●● أصبح جزء مهم من تأمين المنطقة العربية، و18٪ من أقساط التأمين في مصر تكافلية.
التأمين التكافلي عمره في مصر 17 سنة، منذ تأسيس بيت التأمين المصري السعودي، وليستمر التطور تحتاج الشركات التكافلية الإتيان بمنتجات جديدة وبفكر جديد وعملاء جدد.
● كيف نعزز الثقافة التأمينية؟
●● الثقافة التأمينية لا تأتي من العدم، لكنها نتاج تراكم معارف وتجارب، بالإضافة إلي ضرورة تحسين سمعة التأمين، فكثير من الشركات عانت من الممارسات الغير مهنية لبعض الأشخاص.
وفي مصر، هناك تقنين واضح وصريح لعمل الوساطة، والهيئة في 2020 أوقفت إعطاء تراخيص جديدة لشركات الوساطة.
ومن عوامل تعزيز الثقافة التأمينية، تدريب الكوادر العاملة في قطاع التأمين، وإذا مورس التكافل بطريقة جيدة فهذا يساهم في توسيع نطاق التأمين، وجذب أكبر عدد ممكن من الناس.
● تأثر السوق بكورونا؟
●● شهد العام الحالي خسائر، وطبيعي حينما تخسر الشركات تتجه إلي رفع أسعارها، وأسعار التأمين علي الصعيد العالمي، خاصةً في أمريكا وأوروبا وآسيا في الدول الكبري ارتفعت 19٪ في الثلاث سنوات الأخيرة، وهذا دليل علي أن هناك إتجاه تصاعدي، وشركات إعادة التأمين العالمية لا تزال دون مستوي الأرباح التي تحتاجها تكلفة رأس مال المسخر لإعادة التأمين.
● كيف سيكون التجديد بالنسبة للشركات العربية؟
●● شركات الإعادة مما لا شك فيه ستحاول وبكل قوة أن تفرض زيادات في الأسعار، كما ستحاول التخفيض من الطاقات التي تضعها تحت تصرف الشركات.
ويجب أن نذكر هنا أن شركات إعادة التأمين العربية تأثرت بشكل مباشر بمجموعة من العوامل، وأحد هذه العوامل هو انفجار بيروت، وهناك 5 بلدان تعاني من الوضع الجيوسياسي والكورونا أثرت علي جميع البلدان.
الشركات العربية تأثرت بشيء آخر، فبعض الشركات توقفت عن الاكتتاب آخرهم المجموعة العربية «أريج»، وهذا التوقف جاء بعد توقف 4 شركات في السنوات الأخيرة والذي ألقي بظلاله علي صناعة إعادة التأمين العربية.
● وماذا عن سوق التأمين المصري؟
●● سوق التأمين المصري يعيش طفرة في السنوات الأخيرة، السبب الأول اقتصادي متمثل في حزمة الإصلاحات الاقتصادية والمشاريع الكبيرة منها محطات الكهرباء والطرق التي شجعت الاستثمار، ومشروعات الطاقة الشمسية، وهذا كله أعطي زخمًا للتأمين.
الأمر الثاني، هو أن هيئة الرقابة المالية تقوم بنشاط مكثف، وهي أحد النماذج الناجحة في مراقبة التأمين في المنطقة العربية، وتقدم تشريعات حديثة كمشروع التأمين الجديد، بالإضافة إلي آليات حماية المستهلك.
يجب أيضًا أن نذكر أن السوق المصري سوق كبير، لكن دون المليارين دولار، وهذا لا يعقل؛ صحيح أن السوق المصري عاني من تعويم الجنيه وتدهور صرف العملة علي مدار السنوات الماضية، واليوم مع استقرار العملة وتحسن سعر العملة من المفترض أن يتحسن السوق بشكل واضح في السنوات القادمة.