إسلام محمد سيد أحمد يكنب: جرائم استعراض القوة والبلطجة والضرب

رؤية قانونية للمحامي

في الآونة الأخيرة، شهد المجتمع تزايدًا ملحوظًا في جرائم الاعتداء على النفس، والتي تتخذ أشكالًا متعددة من ضرب وسب وقذف وتهديد. وغالبًا ما يكون مصير المتهمين في هذه القرارات، للأسف، هو البراءة، مما يثير تساؤلات حول فعالية النصوص القانونية القائمة في تحقيق الردع الكافي. من هنا، يرى المحامي إسلام محمد سيد أحمد، المتخصص في هذا النوع من الجرائم، أن الحل يكمن في التفعيل الجاد والمدروس لمواد استعراض القوة والبلطجة في قانون العقوبات المصري، والتي يصفها بأنها “مواد سحرية” إذا ما تم دعمها بالأدلة الكافية.

وفقًا للمحامي إسلام محمد سيد أحمد، فإن إضافة تهمة استعراض القوة والبلطجة إلى ملف القضية يمكن أن يُحدث فرقًا جوهريًا في مسارها ونهايتها. فبينما قد تفلت جرائم الضرب والسب التقليدية من العقاب الصارم، فإن وجود عنصر استعراض القوة يغير المشهد القانوني بالكامل. فالعقوبة في هذه الحالة لا تقل عن سنة حبس. هذا التعديل البسيط في التكييف القانوني للقضية ينقلها من دائرة الجرائم التي قد يُستهان بها إلى جرائم تحمل عقوبات رادعة.

وما يعزز قوة هذه المواد هو تصاعد العقوبة بتصاعد حجم الجريمة وتعدد مرتكبيها. فإذا تعدد المتهمون في جريمة استعراض القوة، تتضاعف العقوبة لتصل إلى سنتين على الأقل. هذا البند يهدف إلى مكافحة ظاهرة “العصابات” أو “التجمعات” التي تستغل القوة العددية لترويع الأفراد والمجتمعات. كما تتضاعف العقوبة أيضًا إذا اقترنت جريمة استعراض القوة بجنحة أخرى، مما يعني أن ارتكاب فعل بلطجة مصحوبًا بجريمة أخرى كسرقة أو إتلاف، يزيد من جسامة الجرم ويشدد العقوبة.

ويصل التشديد إلى ذروته عندما تقترن جريمة استعراض القوة بجناية الجرح، أي إحداث إصابات جسيمة بالمجني عليه. في هذه الحالة، تصبح العقوبة السجن المؤقت أو المشدد، مما يعكس خطورة الجرم وتأثيره على سلامة الأفراد وأمن المجتمع. هذه البنود المتدرجة في العقوبات تهدف إلى تحقيق الردع الخاص والعام، وتأكيد أن القانون لن يتهاون مع من يحاولون فرض سطوتهم بالقوة.

ولم يتوقف المشرع عند حد العقوبة السالبة للحرية، بل أضاف إليها تدبيرًا احترازيًا هامًا وهو المراقبة الشرطية. ففي كل الأحوال، وبعد انتهاء مدة العقوبة الأصلية، يتم الحكم على المدان بالمراقبة الشرطية لمدة مساوية للعقوبة المحكوم بها، ولا تقل عن سنة. هذا التدبير يضمن استمرار الرقابة على المحكوم عليه بعد خروجه من السجن، ويساهم في ردعه عن تكرار جريمته، ويطمئن المجتمع بأنه لن يعود لممارساته البلطجية بسهولة.

يشدد المحامي إسلام محمد سيد أحمد على نقطة جوهرية تتعلق بمتطلبات جريمة استعراض القوة، وهي ضرورة توافر القصد الخاص لدى المتهم. لا يكفي مجرد استخدام القوة، بل يجب أن يكون الهدف من ذلك ترويع المجني عليه، أو المساس بطمأنينته، أو سكينته هو أو أحد أفراد أسرته، ومنعه من ممارسة حق من حقوقه. هذا القصد الخاص هو ما يميز جريمة استعراض القوة عن مجرد الشجار أو الاعتداء البسيط، ويجعلها جريمة تحمل أبعادًا اجتماعية ونفسية خطيرة.

وفي ختام حديثه، يؤكد المحامي إسلام محمد سيد أحمد أن هذه المواد “السحرية” في قانون العقوبات لن تؤتي ثمارها إلا بشرط أساسي وهو دعمها بالأدلة الكافية. فالمحكمة لا تحكم بالنيات، بل بالبينات. ولذا، فإن شهادة الشهود الموثوق بها، والتحريات الدقيقة التي تجريها الجهات الأمنية، هي حجر الزاوية في إثبات هذه الجرائم وضمان عدم إفلات مرتكبيها من العقاب. فالتكامل بين النص القانوني القوي والإجراءات التحقيقية الفعالة هو السبيل الوحيد لمكافحة ظاهرة البلطجة واستعراض القوة، وتحقيق العدالة التي يطمح إليها المجتمع.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى