د. مصطفى كمال بدوي يكتب : زواج بعيون المجتمع: بين القبول والقلق

أثار زواج شاب من ذوي متلازمة داون بفتاة طبيعية جدلًا واسعًا، كشف عن انقسام مجتمعي بين من يراه خطوة نحو الدمج الإنساني، ومن يعتبره تجاوزًا لمعايير أساسية في العلاقة الزوجية، لكن السؤال الأهم: هل تكفي النية الطيبة والمشاعر الصادقة لتأسيس زواج ناجح ومستقر؟

الحب وحده لا يكفي

المشاعر حق إنساني أصيل، لكنّ الزواج يتطلب أكثر من الانجذاب والتعاطف. فهو شراكة قانونية ونفسية واجتماعية، تحتاج إلى قدر من الوعي والإدراك. لا يكفي أن “يُحب”، بل يجب أن “يفهم” معنى الزواج ويلتزم بتبعاته.

الشرع لا يمنع… لكنه لا يطلق الحكم جزافًا

الرأي الشرعي لا يمنع هذا الزواج بإطلاق، بل يربط الجواز بقدرة الشخص على التمييز، أو بتقدير مصلحة راجحة من قبل الولي. فإن توفرت الأهلية الذهنية، جاز العقد. أما في حال انعدام الإدراك، فإن العائق لا يكون فقهيًا فقط، بل واقعيًا يمنع قيام العلاقة من أصلها.

الطب النفسي هو الحَكم الحقيقي

تشخيص المتلازمة لا يُحدّد وحده أهلية الزواج. الأهم هو التقييم النفسي والاجتماعي: هل الطرف قادر على اتخاذ قرار مستقل؟ هل يمتلك نضجًا عاطفيًا؟ هل يمكنه فهم طبيعة العلاقة الزوجية؟ كما أن البعد الوراثي يُحتّم التخطيط إذا وُجدت رغبة في الإنجاب.

المجتمع في منطقة رمادية

يتراوح بين تعاطف إنساني مشروع، وخوف من التفلت من الضوابط. وهذا التباين لا يدل بالضرورة على انغلاق، بل يكشف حاجة حقيقية لإطار مؤسسي يُنظّم، ويُقيّم، ويوجّه.

 لا حُكم دون معرفة

القضية لا تُختزل في فتوى عامة أو انطباع جماهيري. لكل حالة خصوصيتها، ولكل ارتباط شروطه. الحب لا يكفي، والإدراك لا يُؤسس وحده لعلاقة ناجحة. وما نحتاجه فعلًا هو توازن بين العقل والعاطفة، والمعرفة والنية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى