مني النمر تكتب: نصف حياة …!!

الوضوح هو أجمل ما يمكن أن تهديه لأي علاقة في حياتك ، و الغموض و التجاهل هو أقسى ما يمكن أن تحرم منه إنسانا يتشارك معك المشاعر و الحياة … العلاقات التي تتأرجح بين الأبيض والأسود ، بين الحضور والغياب ، بين الاهتمام والتجاهل ، تخلق منطقة رمادية خانقة ، حيث لا يستطيع القلب أن يتنفس بارتياح ، ولا تستطيع الروح أن تستقر …

تلك المنطقة التي لا تظهر الحقيقة كاملة ، لكنها أيضا لا تنكرها ، فتبقيك عالق في المنتصف …
مثل طريق ليلي بلا إضاءة ، مملوء بالمطبات والمفاجآت التي لا يمكنك رؤيتها بوضوح ، ولكنك تشعر بوجودها مع كل خطوة تخطوها …

لا تندرج هذه المنطقة على العلاقات العاطفية ، لكنها تشمل جميع نواحي الحياة …
ففي العلاقات العاطفية …

تكون المنطقة الرمادية كابوسا مرهقا ، بأن تحب شخصا ولا تعلم إن كان يبادلك الشعور أم لا ، أن تكون في علاقة لكنك لست متأكدا من موقعك فيها ، أن تشعر بالقرب أحيانا ثم تغرق في البعد دون تفسير ، كل ذلك يستنزف الروح ويجعل المشاعر تتآكل ببطء …

قد يختار البعض إبقاء الأمور مبهمة ، لا يمنحون وعودا ، ولا يعلنون انسحابا ، فقط يتركون الآخر معلقا بين الاحتمالات ، متروكا لوحده في متاهة من التوقعات التي لا تتحقق …
وما أصعب أن تعيش على أمل قد لا يأتي ، أو تنتظر وضوحا قد لا يحدث أبدا …

ليست العلاقات العاطفية وحدها من تقع في تلك المساحة الغامضة ، فحتى الأخلاق والقيم ليست دائما أبيض وأسود .
هناك مواقف في الحياة تجعلنا نتساءل: هل نحن على حق تماما …؟ هل نحن مخطئون بالكامل …!!؟
أحيانا يختار البعض تبرير أفعالهم ، ليس لأنها صحيحة ، ولكن لأنها ليست خاطئة بشكل كامل …
قد يكذب شخص بحجة أنه يحمي المشاعر ، وقد يخدع نفسه بأنه لا يضر أحدا ، بينما هو يخلق دائرة من الظلم والضرر غير المباشر …

في تلك اللحظات ، يصبح الفرق بين الخير والشر طيفا باهتا ، لا يمكن تحديد حدوده بدقة …

أما القرارات الحياتية ، فكم من شخص وجد نفسه عالقا في منطقة رمادية دون أن يدرك …!!
كأن يظل في وظيفة لا يحبها ، لكنه لا يملك الشجاعة لتركها .
أو أن يعيش في مكان لا ينتمي إليه ، لكنه لا يجرؤ على الرحيل …

أو أن يستمر في علاقة باردة ، فقط لأنه يخشى الوحدة .
تلك اللحظات التي لا نكون فيها قادرين على إتخاذ القرار ، ولا نملك القوة لمواجهة التغيير ، تحبسنا داخل منطقة بين البقاء والرحيل ، بين الاستسلام والمحاولة ، بين التردد والحسم …

في النهاية …
لا أحد يستحق أن يعيش نصف حياة ، ولا أن يشعر بنصف حب ، ولا أن يتخذ قرارات بنصف قناعة …
ربما يكون الخروج مؤلما ، وربما يكون القرار صعبا ، لكنه دائما أفضل من الانتظار في الظل ، في مساحة لا تعطيك يقينا ، ولا تمنحك راحة …

يجب أن نمتلك الشجاعة لنطلب الوضوح ، لنرسم الحدود ، لنختار الطريق حتى لو كان صعبا ، أرحم من أن تحتمل أن تعيش حياتك في المنتصف المميت …

المنطقة الرمادية قد تبدو مريحة أحيانا ، لكنها في الحقيقة سجن ناعم الجدران ، كلما طالت إقامتك فيه ، كلما أصبح الهروب منه أكثر صعوبة …
لذلك …

لا تخف من الحسم ، لا تتردد في المطالبة بحقك في الإجابة ، ولا تسمح لأحد أن يتركك معلقا في فراغ الاحتمالات …
اختر الوضوح ، لأن الضبابية تسرق منك عمرك دون أن تشعر ، وحين تكتشف ذلك ، قد يكون الأوان قد فات …
فلا أحد يستحق أن يعيش نصف حياة …

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى