مني النمر تكتب: دكان الخواطر …!!

أريد أن أفتح دكانا صغيرا ، بسيطا ، لكنه مليئ بالدفء … أسميه …!!
“دكان جبر الخواطر”. لا يبيع السلع ولا يعرض بضاعة ، لكنه يقدم أثمن ما قد يحتاجه الإنسان في رحلته على هذه الأرض : صديق لمن لا صديق له ، ونور لمن أرهقته العتمة ، و إبتسامة تعيد الأمل لمن أتعبته الحياة ، و جبرا لمن كسر قلبه …
في هذا الدكان سأبيع الأمل و أشتري الحزن ، و أرمم القلوب بلا مقابل …
سأبيع الحب لمن فقده ، والأمل لمن لا أمل له ، والكلمات الطيبة لمن يحتاجها …
هنا ستتذكر أنك ما زلت حيا ، وأنك تستحق الحب ، وتستحق أن تسمع ، وتستحق أن تحتضن كما يحتضن الليل النجوم …
في دكاني هذا ، سأقف في كل صباح ، أفتح أبواب هذا الدكان بترحيب ، و أُزين واجهته بعبارات مطمئنة ، لعل مارا حزينا يلقي نظرة فيجد في الكلمات شيئا يواسي قلبه …
سيكون لكل ركن حكاية ، ولكل زاوية قصة ، ولكل زائر نصيب من جبر الخاطر الذي يستحقه …
فهذا ركن الأصدقاء …
سأضع مقاعد خشبية متقابلة ، كل من يجلس هنا سيجد شخصا يسمعه ، دون أحكام مسبقة أو مقاطعة ؛ فكم من شخص يتمنى أن يجد من يصغي إليه دون أن يملي عليه نصائح محفوظة …
سأبيع الأصدقاء ، ليس بالمال ، بل بوجود صديق ذو قلب دافئ ، و عين صادقة ، وروح تحتضن وجع الآخرين …
و هناك في هذا الركن … للابتسامات المفقودة …
لأشخاص فقدوا قدرتهم على الإبتسام ، لا لأنهم لا يريدون ، ولكن لأن الحياة سلبتهم أسباب الفرح ؛ و سأضع مرآة كبيرة في هذا الركن ، حيث يقف كل زائر أمامها ليجد شخصاً يخبره بأنه جميل كما هو ، و بأن تعبه مرئي ، و أن هذا التعب لن يستمر ، وأن الحياة رغم قسوتها تخفي له مفاجآت لم يتوقعها …
و هناك في هذا الركن سأضع يد تطبطب على القلوب المخذولة ، من أرهقتهم الحياة بخيبات متكررة ، لمن شعر بأن الحياة تدير له ظهرها ، وأن العالم كله أصبح ضده …
و هنا ، في هذا الركن ، لن يسمح لأحد بالمغادرة دون أن يحمل معه كلمة طيبة ، رسالة أمل ، وربما عناق يشفي روحه …
و سيجد لافتة صغيرة مكتوب عليها: “لا شيء يباع هنا… فقط جبر خواطر ، ولا نريد منك مقابلا سوى أن تفعل الشيء نفسه مع شخص آخر” …
و في آخر اليوم ، عند غروب الشمس ، لحظات ما قبل الإغلاق جلست أسجل أكثر الكلمات التي تكررت على شفاه الزائرين …
وجدت أن أكثر ما يحتاجونه هو :
“الطمأنينة”
فهل يمكن لهذا الدكان أن يوجد حقا …!!؟
ربما يظن البعض أن دكان جبر الخواطر مجرد فكرة حالمة ، لكنه ليس كذلك … نحن نحتاج إلى أماكن كهذه تعيد لنا إنسانيتنا ، تجعلنا نشعر بأننا لسنا وحدنا في هذه المعركة …
قد لا يكون دكانا بمعنى الكلمه ، لكنه ممكن أن يكون شخصا في حياتنا ، أو موقف بسيط يترك بداخلنا أثر عظيم …
فحين نفكر في جبر الخواطر ، لا نحتاج إلى دكان ليكون دكانا حقيقيا …
نحن أنفسنا نستطيع أن نكون ذلك الدكان . حيث يمكن لكلمة طيبة أن تغير حياة إنسان ، أو لابتسامة تبدد ظلام يومه ، حيث
يمكن لعناق صادق أن يعيد إليه شعور الأمان …
إذا كان لي أن أحلم ، فسأحلم بدكان جبر الخواطر في كل شارع ، في كل قلب ، و في كل بيت … وسأبقى مؤمنة بأن العالم الآن يحتاج إلى الأمان و الحب و الطمأنينة أكثر من أي وقت مضى …