مني النمر تكتب: الأرض التي لا تخضع …!!

لا يمكن أن تكون مصريا دون أن تشعر بالفخر وأنت ترى بلادك تواجه العواصف واقفة شامخة ، لا تطأطئ رأسها ، ولا تقبل إملاءات مهما كانت قوتها …
فمصر ليست دولة تباع أو تشترى ، ليست ورقة في يد أحد يساوم بها ، وليست رقعة شطرنج يحركها الآخرون وفق مصالحهم …
مصر ببساطة ، هي مصر ، صاحبة التاريخ الذي لا يمحى ، سيدة قرارها …
منذ أيام ، خرج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتصريح يتحدث فيه عن ضرورة تهجير الفلسطينيين إلى سيناء والأردن ، وكأنه يعطي أوامر للعالم ، و كأن على مصر أن تفتح أبوابها و تنفذ ، و كأن الشعوب بلا إرادة ، و كأن الدول بلا سيادة …
لكن الرد جاء قاطعا ، جاء كما هو متوقع من بلد لم يعرف يوما معنى الخضوع ، من قيادة تعرف كيف تحمي أرضها ، ومن شعب يفهم جيدا أن الأمن القومي ليس محل تفاوض …
فكانت كلمتها واضحة حاسمة ؛ لا تهجير ، لا تنازل ، لا إملاءات …
لطالما حاولت القوى الكبرى أن تضغط على مصر بورقة الإقتصاد اعتقاداً منهم أن الأزمات الإقتصادية قد تدفع القاهرة إلى تقديم تنازلات ، لكنهم ينسون أن هذه الدولة مرت بما هو أقسى ، و صمدت …
مصر ليست دولة ضعيفة تبحث عن مخرج بأي ثمن أو حماية من أحد ، مصر دولة كبيرة
“مصر دولة كبيرة قوي” تدير أزماتها بذكاء ، وتعرف متى تصبر و متى تتحرك …
مصر ليست وحدها ، و من يظن أنها محاصرة فهو لا يفهم طبيعة هذه الدولة .
فمصر دولة محورية ، لها نفوذ لا يمكن إنكاره في إفريقيا ، لها علاقات متوازنة في الشرق والغرب ، تملك ثقلا دبلوماسيا ، وتملك أوراقا تستطيع استخدامها وقت الحاجة …
العلاقات المصرية الأفريقية في السنوات الأخيرة أصبحت أقوى من أي وقت مضى ، و التواجد المصري في القارة لم يعد مجرد تواجد شكلي أو بحكم الموقع الجغرافي ، بل صار تواجد استراتيجي …
إلى جانب ذلك عززت مصر علاقاتها الإستراتيجية مع القوى الكبرى في الشرق الأقصى ، حيث تربطها شراكات إقتصادية وعسكرية قوية مع كل من الصين وروسيا والهند ؛ هذه الدول تعد حلفاء مهمين في مجالات التسليح ، و التكنولوجيا ، و الاستثمارات الضخمة ؛ كذلك لمصر علاقات متينة مع الدول الأوروبية ، لا سيما فرنسا وألمانيا وإيطاليا ، حيث تتعاون في ملفات الدفاع ، والطاقة ، ومكافحة الإرهاب ، مما يمنحها مساحة أوسع للمناورة السياسية و الإقتصادية بعيدا عن الضغوط الأمريكية …
فهل هذه دولة يمكن عزلها أو الضغط عليها بسهولة …!!؟
و نأتي للسؤال الأهم لماذا كل هذا الدمار و الخراب ، و ما الهدف من وراء كل هذه المحاولات و الضغوط و إشعال الحدود …!!؟
إجابة واحدة …
تشتيت و أضعاف مصر و جيشها …
فلا تستعجب عندما تجد عناوين و تصريحات من الداخل الإسرائيلي تتحدث عن الجيش المصري و كمية الهلع من قوة الجيش و تسليحه ، و بأنه لم يعد هناك حاجة إلى كل هذا التسليح ، وأنه لا توجد تهديدات تستدعي كل هذه القوة …
و لكن …
من قال إن الجيش المصري بني فقط لمواجهة تهديدات اليوم …!!؟
من قال إن مصر يمكن أن تنتظر حتى يأتي الخطر ثم تفكر كيف تواجهه …؟
مخطئ من يظن ذلك ، مصر لا تترك نفسها للصدف ، ولا تنتظر حتى تفرض عليها الحقائق ، بل تصنع واقعها بنفسها ، بيدها ، بإرادتها …
مصر دولة كبيرة ، والدول الكبيرة تحتاج إلى قوة تحميها .
الجيوش لا تبنى فقط للحروب ، بل للسلام أيضا ، والتاريخ شاهد أن الدول التي تملك جيوشا قوية ، هي الدول التي تستطيع أن تصنع الإستقرار و التنمية …
الجيش المصري ليس مجرد قوة عسكرية ، إنه درع هذه الأمة ، السد الذي يقف أمام أي محاولة للمساس بمصر أو بالمنطقة …
من يريد أن يرى مصر بجيش ضعيف ، لا يريد لمصر أن تكون قوية ، بل يريدها هشة ، يسهل التأثير عليها ، يمكن تهديدها أو الضغط عليها …
لكن …
هذه ليست مصر التي يعرفها التاريخ ، وليست مصر التي يعرفها المصريون . فمصر التي وقفت في 1973 وقالت لا لاحتلال أراضيها …
و التي لم تخضع للضغوط في 2011 و2013 …
هى مصر التي تعرف متى تتحدث ، ومتى تصمت ، ومتى تتحرك …
و المصريون رغم كل الضغوط ، يعرفون جيدا أن بلدهم لم ولن تكون ورقة مساومة في يد أحد …
القوة تخلق السلام ، فلا مجال للضعف …
هناك من يعتقد أن السلام يأتي بالاستسلام ، بالتنازلات ، لكن الحقيقة أن السلام يحتاج إلى قوة تحميه …
فالدولة التي لا تملك جيشا قويا ، لا تملك قرارها …
مصر تعرف هذه المعادلة جيدا ، تعرف أن العالم لا يحترم إلا من يملك أسباب قوته
“العفي محدش يقدر ياكل لقمته” …
ولهذا …
فإن كل محاولة لإضعاف الجيش المصري ليست مجرد “رأي” ، بل هي محاولة مقصودة لتقليل قوة الدولة ، وتقليص دورها …
لذا …
الرد المصري لم يكن بحاجة إلى ضجيج ، بل جاء بهدوء الواثق ، بهدوء الدولة التي تعرف قدرها ، وتعرف أن هذا الوطن ليس للبيع ، ولا يقبل المساومة …
ترامب يمكنه أن يصرح بما يشاء ، وإسرائيل يمكنها أن تحاول التأثير كيفما تشاء ، لكن مصر تبقى كما هي …
الرقم الصعب ، الذي لا يمكن تجاوزه ، والذي يعرف متى يتحدث ، و متى يتحرك ، ومتى يصنع تاريخه بنفسه …