محمد مطر يكتب: الكتابة داؤنا الجميل

لم أكن أحلم في يومٍ من الأيام بأن أفوز في ميادين الحب، لأنني وبكل بساطة لم أكن مقتنعًا بأن شيئًا حقيقيًا يحدث في هذه الحياة –غير الموت-، فمنذ الطفولة وأنا أرى الناس يركضون وراء شهوات دنيوية لا قيمة لها –من وجهة نظري التي من الممكن ألا تكون لها أي قيمة بالنسبة لك-، فما أتعس الإنسان حين يولد في بقعة جغرافية لا يستطيع أن يملك فيها أفكاره، أو جسده، أو أحلامه، أو أمنياته، أو حتى خياله، ما أتعسه حين يقضي كل سنوات عمره في بقعة كل شيء فيها (زائف، مقيد، مقنع).

إلى أن رأيته استروحت إليه نفسي، واطمأن إليه قلبي، قلت: سأحبه…
وسيكون كل شيء…

إنها المرة الأولى التي أُؤمن فيها بأن شيئًا حقيقيًا يحدث في هذه الحياة -غير الموت-، وهي المرة الأولى أيضًا التي أرغب فيها بأن أكون بجوار أحدٍ إلى نهاية العمر.

كان الخميس الأول من شهر مارس، والساعة تقترب من العاشرة، وإذا بـــ سهم من سهام العين يُلقي في الفؤاد، لم يكن من داعٍ لأتظاهر بالثبات، لكني تظاهرت حتى انهار قلبي، ثم سافرت خواطري في عينيه قسرًا، لم أصدق وأنا أسمع نبض قلبي في صدري مجددًا، إنه أغلى اختراع عاطفي.

وبعد برهة من التأمل المتأني في تفاصيله سرت بهدوء في طريقي، دون أن ألتفت يمينًا أو يسارًا، أو حولي وخلفي، إلى الوجهة الآمنة التي أذهب إليها دائمًا، كوخ على حافة ترعة، أمضي فيه بعض الوقت متحدًا مع الطبيعة، أحمل الماء، وأحتطب، وأصنع قهوتي على مهل (#قهوة_مطر)، حتى يتحقق العناق بيني والوجود.
وماذا بعد عزيزي الكاتب؟

قلت.. لا شيء أكثر من أن الكتابة هي داؤنا الجميل…
فــ ألا تتفق معي أنه كلما تقدم بنا العمر، نرى أن أكثر ما يحدث حولنا مجرد خدعة سخيفة، وأننا قطعنا مسافات من أجل الــ لا شيء، لا أشخاص يستحقون المسافات التي قطعناها من أجلهم، ولا الوظائف كانت تستحق عناء المشاكسة، وإذا بك تغرق في دوامة من القلق لا نهاية لها.

وللقصة بقية إن كان في العمر بقية…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى