المستشار. محمد سيد أحمد يكتب: براءة المتهم رغم اعترافه بالقتل

في قضية ا لقتل، إذا كان المتهم قد اعترف بارتكاب الجريمة في الساعة 12 ظهرًا، وكان هناك شهود يؤكدون هذا التوقيت، ثم جاء تقرير الطبيب الشرعي ليصف الجثة بأنها كانت داخل الثلاجة وظهرت عليها علامات التعفن الرمي أثناء التشريح في الساعة 4 عصرًا، فإن هذا التقرير يحمل دلالة قانونية مهمة.

أولًا: وجود الجثة في الثلاجة يشير إلى أنها كانت في حالة ثابتة منذ لحظة إدخالها إليها، حيث تعمل الثلاجة على إبطاء أو تثبيت التغيرات الرمية الطبيعية التي تحدث للجثة.

ثانيًا: وصف الطبيب الشرعي بأن الجثة كانت في حالة التعفن الرمي يعني أن الوفاة قد وقعت قبل مدة لا تقل عن 18 ساعة من وقت التشريح. وبالتالي، فإن هذا الزمن يُشير إلى أن الجريمة قد ارتُكبت في وقت سابق بكثير على الاعتراف أو أقوال الشهود، وربما قبل يوم كامل أو أكثر، اعتمادًا على درجة التعفن الرمي.

هذا التعارض الجوهري بين الاعتراف، شهادات الشهود، والدليل الفني (تقرير الطب الشرعي) يؤدي إلى إهدار الاعتراف وأقوال الشهود أمام المحكمة، لأن القاعدة القانونية تقضي بأن الدليل الفني المستند إلى خبرة علمية وفنية لا يُدحض إلا بدليل فني أقوى منه. ومن ثم، تُعتبر نتائج تقرير الطبيب الشرعي في هذه الحالة أقوى من أي اعتراف أو شهادة، لأن الأدلة الفنية تتمتع بحجية أعلى أمام القضاء وفقًا للمبادئ القانونية المستقرة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى