مني النمر تكتب: مصادفة … أم قدر …!!؟

ثمة أشياء لفرط ما نريدها بإصرار وقوة تحدث …
حتى يبدو لنا في ما بعد كأننا خططنا لها بطريقة أو بأخرى …
فهل هى أشياء تحدث بالمصادفة ، أم أقدار خطت لنا …!!؟

تلك اللحظات التي تبدو وكأنها جاءت فجأة ، بلا تخطيط أو إنتظار ، ولكنها تحمل في طياتها كل ما تمنيت يوما بإصرار ، و بقوة ، و كأنك في سعيك المستمر نحوها ، كنت تفتح أبواب الكون لتحقيقها …

المصادفة قد تكون لقاء غير متوقع مع شخص غريب فيتحول إلى صديق عمر أو شريك حياة …
أو قد تكون في كتاب وجدته بالصدفة ، وأنت الذي كنت تبحث عن إجابة لشيء يعجز عقلك عن تفسيره …
أو فكرة تطرأ على بالك فجأة ، و تغير مجرى حياتك تماما …
ولكن …

أهي حق مصادفة…!!؟
أم أن قلبك ، في مكان ما، كان يعرف الطريق …!!؟

لأن اللحظات التي نظنها عشوائية قد تكون في الأصل ترتيبا ربانيا دقيقا ، وضعه الله في طريقنا لحكمة يعلمها وحده …
الله سبحانه وتعالى هو المدبر لكل شيء … هو من يهيئ الأسباب في الوقت المناسب ، وفق حكمته التي قد لا ندركها في حينها …
نحن فقط نسعى ، ندعو ، ونترك الأمر بين يدي الله ، ثم نجد أنفسنا أمام “مصادفة” تغير مسار حياتنا بطريقة غير متوقعة و أحياناً أشبه بالمعجزة …

فحين نريد شيئا بشدة ، نلجأ إلى الله بالدعاء ، في خلواتنا ، نرفع أيدينا ونطلب منه العون ، نطلب أن يتحقق ما في قلوبنا ، وفي نفس الوقت ، نخطو خطوات صغيرة و نسعى نحو هدفنا …

الله يحب العبد اللحوح في دعائه . فهو القائل في كتابه الكريم: “ادعوني أستجب لكم” …
لكن يقيناً الله لا يستجيب فقط بأمنية تسقط من السماء ، و لكن بالسعى و الأخذ بالاسباب ، فهو القائل سبحانه {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى}.
فنجد حينها الله ، يرتب لنا الأسباب ، يغير الأحداث من حولنا ، و يضعنا في الأماكن الصحيحة لنا …
ربما تكون قد مررت بهذه اللحظة من قبل …
كنت تبحث عن عمل لفترة طويلة ، ثم فجأة ، يظهر لك إعلان عن وظيفة تناسبك تماماً …
أو أنك كنت تحتاج إلى نصيحة في أمر ما ، وفي ذات اليوم تقابل شخصا يلقي على مسامعك الكلمات التي كنت تحتاج سماعها …

هذه ليست مصادفات عشوائية …

إنها أقدار من الله ، فهو من يعلم حاجاتنا قبل أن نطلبها ، وهو من يعلم توقيت الإستجابة ، ويهيئ لنا ما يناسبنا تماماً …

و علينا الا نيأس فليس كل ما نريده يتحقق فورا .
أحيانا ندعو ، ننتظر ، ولا يحدث شيء …
لكن هذا لا يعني أن الله لم يسمع دعاءنا …
بل يعني أن الإجابة تدبر بطريقة لا يتخيلها عقلك ، أو إنها تؤجل لخير أكبر لك …
فالله سبحانه وتعالى يخبرنا في الحديث القدسي …
“أنا عند ظن عبدي بي ، فليظن بي ما شاء.”

إن ظننت بالله خيراً ، وإن آمنت بأنه يدبر لك ما هو خير ، فإنك سترى حكمته في كل خطوة ، و سيرتاح قلبك و عقلك معا ، ستجد السكينة و الأمان لأنك تعلم أن لها مدبر و “و ما كان ربك نسيا ” …

هناك قصة معروفة عن سيدنا موسى عليه السلام عندما طلب الماء لبني إسرائيل .
ضرب موسى الحجر بعصاه ، ولكن الماء لم يخرج فوراً …
تأخرت الإجابة قليلاً ، ولكن عندما خرج الماء ، كان كافيا للجميع ، كان اثنتا عشر عينا…

تلك اللحظة تعلمنا أن تأخير الإجابة لا يعني رفض الدعاء ، بل يعني أن الله يرتب لنا الأفضل …

وعليه فإن الدعاء هو الطلب ، والسعي هو الفعل … و مع سعينا هذا ، يبقى الله سبحانه وتعالى ، من يفتح الأبواب المغلقة و يضعنا في الأماكن الصحيحة …

قد تسعى وتظن أن الطريق مسدود ، ولكن فجأة ، يأتيك شيء غير متوقع ، وكأنه مصادفة … الحقيقة هي ليست مصادفة ولكن الله كان يدبر لك هذا الأمر طوال الوقت ، وأنت لم تر سوى اللحظة الأخيرة من ترتيبه …

عندما تؤمن أن الله يختار لك الأفضل ، ستجد نفسك مطمئنا حتى في أشد المواقف …
ستبدأ في رؤية يده سبحانه في كل ما يحدث حولك.
ستبدأ في فهم أن كل شيء ، حتى ما بدا عشوائيا ، كان جزءا من خطة أكبر لحياتك …
و حين تنظر إلى الوراء ، ستجد أن اللحظات التي ظننتها صعبة ولن تمر كانت في الحقيقة لطفا خفيا من الله …

ستجد أن أشياء كثيرة أردتها بقوة و سعيت لأجلها قد تحققت ، لكن ليس كما توقعت …
وأشياء أخرى و تمنيتها و أردتها بقوة و لم تتحقق لأنها ليست الأنسب لك …

في النهاية …

تذكر أن الله لا يضيع دعاء ولا يهدر سعى أو أمنية …
حتى الأشياء التي لم تتحقق كما تمنيتها ، قد تكون بابا لخير أكبر في حياتك …

كل شيء يحدث في وقته الذي حدده الله …
و كل دعاء يرفع يصل إلى السماء ، وكل مصادفة نعيشها قد تكون إجابة ، أو خطوة نحو الإجابة …

فلا تيأس من الدعاء ، ولا تمل من السعي ، وكن واثقا أن الله يدبر لك ما هو خير دائمًا …

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى