مني النمر تكتب: شيخوخة روح …!!

في لحظة ما ، قد تجلس بمفردك وتتأمل وجهك في المرآة …
ترى التجاعيد التي رسمتها الأيام ، وربما شعيرات بيضاء بدأت تحتل رأسك ، لكنك تشعر أن هذه التفاصيل ليست ما يؤرقك …
ليست الشيخوخة الجسدية هي ما تخشاه ، بل تلك الشيخوخة التي تتسلل إلى داخلك ، إلى روحك …
ذلك الثقل الذي يجعلك تشعر وكأنك عشت ألف عام ، رغم أنك ربما لم تتجاوز العشرين أو الثلاثين أو …أو … حتى و إن جاوزت الخمسين أو السبعين ، ستجد أنها ليست بعدد السنين بقدر عدد الساعات أو حتى اللحظات التي لامست روحك ، أو تلك
الجروح و الندبات التي أصابت قلبك …
فتجد أن كل جرح مررت به ، و كل حلم لم يتحقق ، و كل حب انتهى قبل أوانه ، كان يضيف عمرا جديدا إلى عمرك الحقيقي …
ف الروح تشيخ حين تفقد شغفها بالحياة …
حين يتحول الفرح إلى رفاهية ، والأمل إلى سراب ، والفضول إلى عبء …
قد تكون صغيرا في السن ، لكنك تحمل داخلك روحا متهالكة ، مليئة بالندوب والتعب ، كأنها خاضت معارك ألف عام …
اتعلم متى تقول إنك كهل …
حين تشعر أنك لم تعد تستمتع بالأشياء التي كنت تحبها ، حين تجد نفسك تبتعد عن الناس ، و تكتفي بالمراقبة من بعيد …
حين تتحول الأيام إلى روتين ممل ، و كأنك عالق في دائرة لا نهاية لها …
هذا هو صوت روحك تخبرك أنها بدأت تشيخ …
ربما تكون الأسباب كثيرة، تجارب مريرة ، خيبات متتالية ، أو حتى شعور مستمر بأنك عالق في حياة لا تشبهك …
ستجد سؤال يدور في عقلك و أنت تقرأ هذه السطور …!!
هل هذا فعلا ما أشعر به الآن …!!؟
على قدر صعوبة السؤال إلا أن الإجابة بسيطة جدا …
تأمل ما بداخلك …
فالأمر يبدأ من الداخل …
ليس هناك علاج خارجي يمكنه أن يرمم روحك المكسورة …
تعلم كيف تترك أثقال الماضي ، بأن تسمح لنفسك بالشفاء من كل الم مررت به …
لا بأس أن تبكي على ما فات ، أن تحزن على ما لم يكن ، لكن لا تجعل هذا الحزن يسكنك ، لا تجعله عنوانك ، لا تجعله يترك قسماته على ملامح وجهك …
ف الشباب الحقيقي ليس في العمر ، بل في القدرة على الحلم ، في أن ترى كل يوم كفرصة جديدة …
في أن تتعلم كيف تحتفل باللحظات الجميلة مهما كانت صغيرة …
ك كوب قهوة دافئ ، ك نسمة صباح منعشة ، ك أغنية تعشق سماعها ، أو ضحكة صادقة مع صديق …
و تأكد إنك حين تختار أن تستمتع بالحياة بكل ما فيها من جمال أوقسوة ،
و حين تجيد شجاعة التخلي عن الماضي ، وقبول أن الحياة ليست كاملة …
فإنك حينها تعيد إلى روحك شبابها …
و إذا ما كنت تشعر أن روحك قد شاخت ، لا تخف …
ابدأ من جديد …
و أبحث عن الأشياء التي كانت تجعل قلبك يخفق بصوت عالي ، أبحث عن اللحظات التي شعرت فيها و كأنك طائر تحلق بلا قيود …
و تذكر أن الحياة ليست سباقا يجب أن تفوز فيه ، بل رحلة يجب أن تستمتع بكل خطوة فيها …
لعل هذه الكلمات تكون دعوة للحياة …
للتفاؤل …
فكل يوم جديد يحمل بداخله معجزة …
قد تكون بداية حلم جديد …
أو لقاء غير متوقع …
أضحك من قلبك ،
حافظ على روحك من الكسر ، و لا تثقلها بالندم فكل شئ مقدر …
لا تسجن نفسك في ماض قد مضى و لا تستطيع إرجاعه …
لا تسمح للعجز أن يتسرب لروحك ، بل قاومه بكل ما لديك ، لأن الروح التي لا تشيخ حقا هي التي تجعل الحياة تستحق أن تعاش …