جودة لطف يكتب: الجهل.. حرب باردة
الجهل من الآفات الخطيرة التي قد تواجه البشر ، والتي تتسبب في أضرار هائلة على الصعيد الفردي، والمجتمعي، والتي تنعكس على شيوعها عدد من الآثار المتمثّلة فهو يتسبب بفقدان الأشخاص عملهم، خاصّة عند الجهل بأخلاقيات العامة فالجهل بأمور السلامة قد يتسبب بإحداث الحرائق. يقود الجهل لارتكاب الخطايا والمعاصي، خاصّة عند الجهل بشريعة الله عز وجل وقوانينه مثل صعوبة التمييز بين الخطأ والصواب، وعدم القدرة على إطلاق أحكام سليمة وصحيحة كما يعد من أكثر الأسباب الشائعة المؤدية للفقر والعكس
منذُ صِغَرى وعندما أسمعُ هذه الكلمةَ أو هذا المصطلح لم يَردْ على ذهني إلا أنها تعنى أولئك البعض، الغيرُ متعلمين، الذين لم تَسْعِفهم الحياةُ على التَعلُمِ فيها، سوى التَعلُمِ الفطري الذي نَشبوا عليه
لكن الحقيقةَ أن هذه الكلمةَ تعنى الكثير وربما أعمق من مفهومها عند البعض. فها هو القرآنُ الكريمُ يُطلِقُ اسم الجاهليةِ على الفترة التي سبقت الإسلام، على الرغم من وجودِ مميزاتٍ كثيرةٍ (شعر، أدب، … إلخ) ولكن هيهاتَ، لم تشفع لهم هذه المميزات، وهذا بسبب جمود الفكر وجهل العقول.
اقرأ في التاريخ إن شِئْتَ عن شعوبٍ أخذت بزمام العلم، وسَعَتْ لإعمارِ الأرضِ، وقامت بدورها كخليفة لله في أرضه، فكرمت الإنسان وصانت الأرواح وكرمت البشرية، وحافظت على كل الكائنات التي خُلِقت مع الإنسان. وكانت أملاً لكل مظلومٍ ومريضٍ وأسيرٍ وجاهلٍ، فرفعت الظلم عن المظلوم، وأعادت الصحةَ لكل مريضٍ وفكت أسرَ الأسيرِ، وعَلَّمت الجاهل، فسبح الجميع بحمدها
لقد فاضت صفحات التاريخ بذكرها وتمجيدها. واقرأ أيضاً في التاريخ إن شِئْتَ عن شعوبٍ تلطخت بالجهل، وأحاط بها التخلف من كل جانب، ودفنت نفسها بنفسها في ظلامٍ فوق ظلام، ظلام الجهل فذلت الإنسان وعاش في كَبَدٍ، ما بقيت هذه الشعوب وما جنى منها إلا الفقر والمرض والظلم والجهل والهوان،
فَلُعِنت بين صفحات التاريخ، وطُرِدت من كل عقل يرنو نحو العلم والتقدم. لا شك أن الأزمات الراهنة التي نمر بها في تعقيدٍ مستمر، ربما لأننا نجهل أو نغفل حقيقة الأمر التي تقوم عليه الأمم
أن تقدم الفرد لا يأتي إلا بالعلم وأن المجتمعات الجاهلة هي التي عاشت فى حوارى وعشوائيات ترضى بالظلم وتخنع للظالم وتهاب سطوته وتموت في جُبنِها ألف مرةٍ قبل أن تموت الموتة الأخيرة، فلذلك أصبح كل شيء تقوم عليه هذه الافراد يَنُمْ عن جهلها لدرجة أنك تجدهم يتحدثون بنفس الأسلوب وعلى نغمات وتيرة واحد وهؤلاء سيأتى عليهم يوما ويعيشون فى عزلة بعد كشف حقيقتهم المرة
إنا نعيش عصراً من عصور الجهل ولكن بثوبٍ آخر، فبجهلنا أصبحنا نسير وراء الخزعبلات والخرافات وتجاهلنا العلم التى هو منارة كل شيئ فى الحياة منذ آلاف السنين
تواجدوا؟ فإذا كانوا حقاً يقرأون فَلِمَ يجهلون حقائق الأمور؟ لماذا وصل البعض إلى هذا الحال من الجهل والضعف ؟ لماذا أصبحنا أرقاماً لا تعبر عن شيء؟ لماذا أصبحنا في ذيل القائمة؟ لماذا أرى اليوم من يسيرُ مع القطيع أينما سار ؟ لماذا اصبحنا نرى شباباً طول بعرض ولم يكن لهم رأى حتى على أرواحهم ؟