محمذ مطر يكتب: سليمان مصر
ما إن تنظر إلى أُناسي هذا الزمن، حتى ترى نظرة انهزام وقلة حيلة، متذوقين بمحاولة مميتة للرضا والقبول، وكأنهم لا يزالون تحت التأثير اللذيذ لخطابات الأحلام والرؤى والفجر الجديد ، والتي استطاعت ببراءتها أن تنسي الشعب همومه، وتمنيهم بإحياء الأرض الميتة وتعمير خرب المدن، وبالهناء والسعادة في المستقبل القريب، لكن النظر تقيد، ولم يغني سعي السلطة الدؤوب إلى تقريب ما وراء العقل إلى العقل.
شيء بدا بدلالة ظاهرة، إنهم يطبعون الناس بطابع معبود هو تجليه والناطق باسمه، ولم يكن ممكنًا أن نتقبل هذه الخرافة المبجلة، لأن يكون النبي الداعي، والمضحي من أجل الفكرة الجديدة المبتكرة، بينما يَلمَحُ الناس كل يوم أن اقتران العبقرية بالحكمة لن يغنيا عن ذرة من الرشاد، ولسنا في عصر استثنائي لنصدق أن شيئًا لا إراديًا “رباني” يتجلىٰ على أناسي هذا الزمن.
لقد هلَّ فجر جديد، فجر لم يبق فيه لحب الوطن والدين أثر في نفوس الناس، ـــ أو هكذا أدعي ــ فتغيرت الأحكام كما تغير الزمان، ونعيش في منطقة وسطى بين الإنسان والأنعام…
إنهم يضعفون إيمان الناس، لأنهم جميعًا مشتركون في الطريقة الفظة وغير العلمية التي يتسم بها ما يقومون به، والأمر لا يتعلق بإعطاء الأمثلة أو البرهنة على صحة الملاحظة، بل يكفيك أن تنظر حولك لترى الناس يبذلون قصارى جهدهم بطرق مختلفة من القيام بالفعل والممارسات والوسائل، والنتيجة من طينة واحدة، ضيق عيش، رغم توقع السعة، لقد خلعوا عن الشعب البقية الباقية من البراءة التي كان يتسم بها، واتهموه بالتقصير ومخالفة الصواب، حتى جمح خيال الشعب إلى أن مجرد الوجود على هذه البقعة من الكوكب الذي نسميه الأرض، هو العقاب ذاته، لقد دفعوا الناس بتلك الحماقات التي ترتكب بحقهم إلى أنهم ما بين سجان وجلاد يشرفان على تربيتهم بطريقة جديدة.
وإلى لقاء إن قدر الله لنا البقاء…