د. نهلة جمال تكتب: الهروب الأعمى
الأمر ليس بجديد، فبكل مكان ستجد هالة صنعها الناس لصاحب الكرامات شئت أم أبيت ستبقي هالته، لأن ما تستنكرون من طرق ومظاهر ما هو إلا نتاج اغتراب التعليم وضعفه في مواجهة تغييرات وضغوط الحياة، لتبقي الأبواب كلها مفتوحة أمام الفساد المزركش بخرافة امتلاك مفتاح النجاة من الشرور.
إن منظومة التنشئة الاجتماعية رغم تعدد مؤسساتها باتت واهنة تقذفها أمواج واعاصير الالحاد والعلمانية تارة وزيف التبعية الفكرية وصدماتها تارة وسلطة القوي الاقتصادية تارة أخرى ، و لا تملك حلول واقعية في ظل انفصام مجتمعي، وغلبة الشكلية والمظاهر علي حياتنا..ايقاع سريع متلاحق عبثي من الضغوط المالية والنفسية يحرك العقل نصف المتعلم المحبط إلي قاع الخرافات هروبا لا تصديقا، طلبا للسلام النفسي المؤقت .
إنه نهج قديم قائم علي اشباع حاجات الأنسان غير المنطقية تذكرني بقصة التاجر الذي سافر إلي بلدة بعيدة يطلب اصناف مختلفة تميز تجارته فوجد أهلها يقفون أمام بيت رجل عجوز يتسابقون علي شراء قطع بالجنة يدعي الرجل أنه موكل ببيعها، فلم ينهرهم أنما احتال علي الرجل وطلب شراء النار كلها وأخذ صكا موثقا منه بها وأعلن في الناس ذلك ليزهدوا حاجتهم للجنة وانفضوا من حول النصاب، بعدها تبقي مرحلة بناء الوعي ليدركوا أن طريق الجنة محدد بافعالهم لا بصكوك شراء وهذا ما نحتاجه :الوعي ، وهنا يسأل البعض وماذا عن مشاهير الفن والحياة العامة اتباع هؤلاء الغرباء، أجيبك من وجهة نظري : فرق كبير بين عالم واعي يملك مهارات التفكير المنطقي ومشهور بموهبة أو صناعة ويعاني من ضعف الوعي وغياب مهارات التفكير المنطقي بل يقوده التفكير الحدسي.
وهنا نعود لنذكر : تعليم قائم علي تنمية مهارات التفكير وتوظيفها حياتيا وتدعيمها قيميا هو سهم قاتل لخرافات التغييب.
وعلي كل أسرة الاختيار بين بناء العقل أو الهروب الأعمي.