محمد مطر يكتب: دَهْمَاء
لم أستطع أن أحيا دون أن أدرك معنى الحياة، ولم يسعني إلا أن أرى الليل والنهار يتعاقبان ويسيران بي نحو قمة الحياة -وليست هذه أسطورة ولكنها حقيقة واقعة- ووقفت فوق قمة الحياة -كفلاح أراري- أرى بجلاء ما لا يراه الناظرون، وبدا لي دون قصد مني -أن في حياتي العملية- شخصًا حاقدًا عليَّ، كائدًا لي، وكأنه لم يسره مرآي وأنا أستمتع بالطريقة التي أعيش بها حياتي وأنا في العقد الثالث من عمري، يا لها من مهزلة سخيفة شريرة.
إن أصدقائي يحترمونني كثيرًا وأنا أيضًا أبادلهم نفس الاحترام، وقد بلغت الرشد جسمًا وعقلًا، وأتعلم وأتطور، وكنت أستطيع -دون أن أخدع نفسي كثيرًا- أن أعتبر نفسي ذائع الصيت، ولم أكن البتة مجنونًا، أو مريض عقل، كما أراد أن يجعلني ذلك الشخص أعيش الوهم، بل على العكس تمامًا من ذلك، فقد كنت أتمتع بلياقة ذهنية وبدنية قلما صادفتها بين أضرابي من الرجال…
إن أمر هذا الشخص فيه من العجب ما لا تدري ما هو المعنى المعقول لأفعاله؟ إنه بئر جاف.. وإذا نظرت في أسفل البئر سترى أفعى فاتحة فكيها لتلتهم من يقع فيه، بدا لي أن هذا كل ما في الأمر.
إن مسرات تلك الحياة الموهومة والتي كانت تخفف من فزعي من الأفعى، لم تعد تخدعني، فكان الانسحاب من على قمة الحياة، هو قمة الرشد، لأن السلام النفسي هو الأهم، وذهبت إلى حياة أخرى أبحث فيها عن معنى جديد للحياة كي أحيا به.
وإلى لقاء إن قدر الله لنا البقاء…