د يسري الشرقاوي يكتب : البيركس … بهدوء مالنا …. وماعلينا ..
ماذا بعد البيركس ؟
ماذا سنحصد ؟ والي اين نتجه ؟ وماهي المسارات السليمة لتحقيق الاستفادة الممكنة !!
المواطن المصري …. علي مدار ٧٢ ساعه تابع الاخبار والانباء والافراح والليالي الملاح احتفالا بالصعود الي منطقة “البيركس” !! و بعيدا عن غابات وتزاحم الارقام التي تعبر عن حجم التكتل و مدخلات اقتصادية ومؤشرات التكتل و الناتج المحلي الاجمالي للتكتل وموازين المدفوعات واحجام التبادل التجاري و انتاج النفط وكل المؤشرات التي نُشرت في كل وسائل الاعلام.. كل هذا جميل ولا غُبار عليه ..ويدعوا للأمل والتفاؤل .. لكن علي كل دولة من الدول الحديثة المنضمة بكل طبقاتها وسلطاتها وفئاتها ..سواء ( حكومة – قطاع خاص ومستثمرون وتجّار – وشعوب) ان يعلموا حقائق ثابتة لا تقبل النقاش أهمها … ” أن الانضمام للبريكس لن يجعل دولا تعاني اقتصاديا “غنية وينتشلها من المعاناة والمشكلات الاقتصادية بلمسة سحرية!! وانما ربما يكون اداة عون واجواء وفرص مهيأة فقط ليس إلاّ !!.. حتي لا نُفرط في التفاؤل ونتخيل ان مشاكلنا الاقتصادية انتهت والحياة اصبحت افضل ما يكون … وعلي الدول المنضمة واخص منها … “مصر ” بالطبع ان تعلم ان العمل داخل هذه التكتلات له معايير وانماط وقياسات جديدة مثل دخول اللاعب الي عالم الاحتراف وما يجب عليه فعله ليحافظ علي مستواه بل يخطط ويتعب ويجتهد جدا قي خطوات متقدمة مع اعضاء فريقه الجديد —- والحقيقة الاخيرة والهامة جدا ان مراحل التحولات القطبية التدريجية من اشد المراحل حساسية وخطورة في التاريخ السياسي العالمي والدولي وان الامور لا تسير بمحاكاة مثل من يجلس امام التلفاز ويتحكم في التنقل بين القنوات بدعسة زرّ ريموت كنترول!! ولهذا علينا ان نكون متصارحين جدا مع انفسنا وصادقين وعازمين علي المضي قدماً وفق حقيقة واحدة هي اننا لن نستغني اطلاقا عن العملة الدولارية لكن ربما سيخف الضغط العام والعالي تدريجي ونسبي من الاحتياج للدولار.. اذا ما صارت الامور كلها في مسارها الطبيعي دون حدوث اي خلل وذلك في غضون عامين علي الاقل بعد تفعيل الانضمام من يناير ٢٠٢٤ وليس خلال الساعات المقبلة .. مع ضرورة ان تعمل الدول المنصمه حديثا علي تحليل حساب احجام وقيم الدين الخارجي ومواعيد سداد اقساط الدين وفوائده وتدابيره الدولارية لباقي الدول الدائنة الخارجه عن نطاق البيريكس “نقطة حساسة للغاية ” سوف نحتاج الوقوف عندها مستقبلا ً !!
إذا ..ماذا يجب ان تفعله الحكومات ؟ انه بات امراً واضحا ويجب ان يكون سريعا وعاجلاً وذكيّا ،،
اولا:-
لابد ان يكون هناك استكمالا لمشروع مصري قومي للاستفادة التامة من الانضمام لتكتل البريكس ويسير مع الاصلاحات الحقيقية التي يجب ان تستكمل في مسار تحسين مناخ الاستثمار وما يتطلب ذلك من اصلاح هيكلي اداري وزاري يطال قطاعات كثيرة ومتعددة بما فيها الهيئات والبنوك والمصارف والمؤسسات شبه الحكومية بهدف استكمال القضاء علي البيروقراطية والفساد الاداري مع العمل علي ضبط جودة التشريعات بما يختصر الوقت ويضمن سلامة تطبيق القوانين ،، مع ضرورة رفع مستوي مراكز الابحاث وادخال التكنولوجيا الحديثة ومتطلبات الثورة الصناعية الرابعة مع ما يحدث في دول البريكس،، وان يتم استهداف بناء اقتصاد انتاجي صناعي وزراعي وليس ريعي او اقتصاد جبايات ضريبية فقط ،، ونتعلم ونعلم ان منطقة البريكس القدامي والجدد ليسوا دولاً عقارية الاقتصاد!! .. بل صناعية زراعية تصديرية ..وضرورة ان نأخذ في الاعتبار المشروع القومي البرازيلي والاثيوبي والجنوب افريقي ومن قبلهم الصيني والهندي والروسي .. وهنا نستوعب الدرس جيداً
ثانيا:-
يتم تشكيل خلايا عمل ومواقع Think Tank نزيهة تُشكل بحيادية باختيارات ومعايير مبنية علي الكفاءة والايدولوجيات والخبرات الدولية من المحترفين والخبراء بعيدا عن اقحام الكادر الحكومي والمسئولين الحاليين في هذه المهمة الصعبه عليهم .. وذلك لدراسة وتحليل دقيق للغاية لدول التكتل وعمل تحليلات ودراسات عميقة لكل مدخلات الانتاج والحياة الاقتصادية السليمة والمستدامة و وضع خريطة وخطة اقتصادية شاملة ومتنوعة للصناعة والزراعة باهداف استثمارية وتجارية بينية بين مصر ودول البريكس وتكون محوكمة من الجانب التطبيقي وليس التنظيري حتي لا نرسب في الامتحان الاقتصادي الجديد.. وتشمل اهداف وبرامج جديدة للسياحة مع اسواق البيركس وكذا التعاون في مجالات التعليم والصحة العامة والخدمات والمناطق الصناعية المتخصصة كصناعة السيارات وكذا مناطق التكنولوجيا علي غرار السيلكون فاللي ونكون جاهزين بخطط وعقود وليس مذكرات تفاهم واتفاقيات.
ثالثا:-
علي القطاع الخاص المصري ومستثمروه وجمعيات ومنظمات واتحادات الاعمال ضرورة العمل علي التقارب الشديد بمنهجية وفكر جديد مع نظائرهم في دول منطقة البريكس .. متسلحين بايدولوجية جديدة مبنية علي دراسات وابحاث وقدرة تمويلية لاختراق اسواق البيركس والعمل فيها بشكل فعال .. والعمل ايضا علي الترابط الداخلي وتجميع القوي الناعمه الاقتصادية ..و كذلك التنازل عن اساليب قديمة ومنهجيات نجاح ومصالح الافراد فقط والتي عفا عليها الزمن في استقبال الشراكات الاستثمارية الجادة بكل صدق وتاسيس صناديق استثمار بفكر وادارة قوية وادرات وادوات مرنه ..وبالتالي نستطيع ان نصل الي نموذج قوي جدا من الاستثمار البيني والتجارة البينية مع دول البريكس ،، وعلي كل المتعاملين في هذا الشأن سواء شركات نقل ولوجيستيات او مصارف وبنوك عامة وتجارية سرعة قراءة المشهد و وضع اهداف استراتيجية للاستفادة من هذا المشهد فيما بعد الانضمام لبيركس!!
رابعاً:-
رسالة مع بعد الانضمام للبريكس للشعوب .. قولا واحداً … ” لن ينفعك احدا الا عملك ” ،،اقول للشعوب وللشعب المصري العظيم انت الان في اختبار دولي مع ١١ لاعب كبير وعظيم اقتصادي .. ونتمني ان يكون هناك معنا اعلام قوي صادق متنوع يعمل معنا لكي نخلق روحاً جديدة و وعي جديد داخل هذا الشعب العظيم منذ فجر التاريخ .. وتكون المصارحة والمكاشفة والتنوير والحقيقة هم اعمدة العمل والانتاج حتي لا يخدعنا احداً مرة اخري ونظن اننا فقط سعداء لاننا سنتحول من مقترضين من عم الحاج ” جورج ” صندوق النقد الدولي .. الي عم الخواجه ” احمد” البنك الدولي الجديد… اذا يجب علينا ان نعمل في وعي جديد كشعب عظيم وندخل لكل المصادر عبر شبكة المعلومات الدولية ونبدأ جمع معلومات عن حياة وانظمة وانماط شعوب البيركس و ندرس ثقافتهم الانتاجية والسلوكية والاستهلاكية والتقدمية واخلاقهم وتعليمهم وصفاتهم .. وبدأنا بوازع داخلي من انفسنا بزراعة تنافسية قوية لا تقبل فيها الهزيمة ونتحلي بروح البناء ونتغاضي عن الصراعات الداخلية السياسية والكروية والفنية ..الخ !! ونعلي الصالح العام المصري فلن تنفعنا بريكس ولا عائلات بيركس ولا تكتل السبع ولا تكتل العشرين بل سنعود الي الخلف لا قدر الله بسقوط غير مسبوق ،،، لان اللعب مع المحترفين له اصوله.