المستشار محمد سيد أحمد يكتب:  هـل يجوز الرجـوع بعـد الطلاق الثالـث؟!!!

لا يحل رجوع المرأة المطلقة ثلاث طلقات لزوجها من غير زواجها زواجا صحيحا من آخر ، يجب أن تتزوج من زوج آخر بغير نية الطلاق ويطئها زوجها ( يحصل جماع بينها وبين الزوج الثاني ) ، وإذا حدث الطلاق يجب عليها انتظار انقضاء عدتها.

وتسمى الطلقة الثالثة بالطلاق البائن ، أي الطلاق الذي لا رجوع فيه. أما الطلقتين الأولى والثانية فتسميا بالطلاق الرجعي ، حيث يستطيع الزوج إرجاع زوجته في عدتها. أو الرجوع إليها بعقد جديد حال انقضاء عدتها.

جاء في كتاب فقه السنة :

روى الشافعي وأحمد والبخاري ومسلم عن عائشة : (( جاءت امرأة رفاعة القرظي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : إني كنت عند رفاعة ، فطلقني : فبت طلاقي فتزوجني عبد الرحمن بن زبير ، وما معه إلا مثل هدبة الثوب ، فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال : (أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة ؟ لا ، حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك) ، وذوق العسيلة كناية عن الجماع.

– ونزل في ذلك قول الله تعالى : (فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظلنا أن يقيما حدود الله).

.
وعلى هذا فان المـــرأة لا تحل للاول
إلا بهــــــذه الشـــــــــــروط :

1 – أن يكون زواجهـــــا بالــــــزوج الثاني صحيحــــــا .

2 – أن يكـــــون زواج رغبــــــة.

3 – أن يدخل بها دخولا حقيقيا بعد العقـــــد ، ويذوق عسيلتها وتذوق عسيلته

.
▪طـــيب ..
ما هي الحكمة من أن المطلقة ثلاثا لا تحل لزوجها حتى تنكح زوجا غيره؟!!!

فالعلة في جميع ما شرع الله عز وجل هي أنه تبارك وتعالى رب وخالق ، ونحن عبيده ، ولا يسع العبد إلا أن يقول : سمعت وأطعت لمولاي ، عرف العلة أم لم يعرفها.

• ربنا عز وجل القائل : {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا} ، فربما أن لا يصبر الزوج على زوجته ، أو الزوجة لا تصبر على زوجها ، فشرَّع الله عز وجل الطلاق ، وجعله علاجا لداء استعصى حلُّه على الزوجين، ومع كونه شرَّع الطلاق، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (أَبْغَضُ الْحَلالِ إِلَى الله تَعَالَى الطَّلاقُ) رواه أبو داود عن ابن عمر رضي الله عنه. وذلك حتى لا يتسرع الإنسان في الطلاق ، وذكَّره ربنا عز وجل ورغَّبه بالمعاشرة بالمعروف معها فقال : {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ الله فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}. فإن لم يصبر شرع له الطلاق ، فقال تعالى : {الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ}. فمن حقه أن يطلِّق زوجته مرة واحدة وبإمكانه أن يرجعها على عصمته وهي في عدتها ، ثم من حقه أن يطلقها مرة ثانية ويرجعها إلى عصمته وهي في عدتها.

– فإذا أراد بعد ذلك أن يطلقها مرة ثالثة أعلمه أنه إن طلقها فإنها لا تحلُّ له حتى تنكح زوجا غيره ، قال تعالى : {فَإِن طَلَّقَهَا} أي في المرة الثالثة {فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ}. وما ذاك إلا لتنفير الرجل من الطلاق الذي أباحه الله تعالى للرجل لان المجتمع العربي يتميز بالغيرة الشديدة على نسائه ، فلما أراد الحق تبارك وتعالى أن يحفظ للأسرة كيانها وحتى لا تتفكك وكان الطلاق عند العرب لا حد له فأراد الحق تبارك وتعالى أن يحفظ للأسرة سلامتها فقال تعالى {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ۗ} ، حتى ينتبه الزوج أنه عندما يطلق زوجته أكثر من مرتين لا يصح أن ترجع له مرة أخرى لو طلقها الطلقة الثالثة فلا تحل له حتى تنكح زوجا غيره ، حيث بين رسول الله صلى الله عليه وسلم أن النكاح الثاني هذا ليس عقدا إنما يجب أن يكون دخولا قولا وفعلا ، وهذا فيه تنبيه غليظ حتى يحافظ الرجل على بيته وزوجته ، فلا يقدم الرجل على طلاق زوجته إلا إذا كان ينوى فراقها فراقا نهائيا. خاصة وان طبيعة الزوج الحر والغيور لا يحب هذا الأمر بأن تتزوج زوجته زوجا آخر ثم تعود إليه ، وبالتالي لا يطلق ولا يلجأ إلى الطلاق لأي سبب تافه !!!

• وأيضا لعل الله تعالى يرزقها من هو أفضل منه ، أو يرزقه من هي أفضل منها !!! قال الله تعالى : (وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِّن سَعَتِهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا ) سورة النساء(130)

– ومسألة الطلاق بشكل عام جعلها القرآن الكريم آخر علاج يلجأ إليه الزوجين في حل مشاكلهم الزوجية ! لأنه لا يريد للأسر أن تتفكك ويضيع الأولاد .

– ولهذا نجد الإسلام قرر عدة خطوات على الزوجين وخاصة الزوج إتخاذها قبل الوصول إلى الطلاق الثالث وهو الطلاق البائن بينونة كبرى ، ومن هذه الخطوات :

1- الوعظ بالطريقة الحسنة وبالأسلوب المقبول .
2- الهجر في الفراش
3- الضرب ( ضربا غير مبرحا )
4- التحكيم : حكما من أهلها وحكما من أهله .
5- الطلاق الرجعي ، تبقى في البيت حتى لا تكبر المسألة لأن العلاقة الزوجية لا تزال قائمة بينهما ، ويرجعها بكلمة أرجعتك أو بجماعها ولا يشترط رضاها .
6- الطلاق البائن بينونة صغرى – والذي يستطيع الزوج إرجاعها بشرط رضاها وعقد ومهر جديدين .
7- الطلاق البائن بينونة كبرى .

– قال تعالى : ( الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ۖ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ۗ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَن يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ۗ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا ۚ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) سورة البقرة (229)

– فقوله تعالى ( الطلاق مرتان ) اي الطلاق الرجعي ، والطلاق البائن بينونة صغرى – ولم يقل الطلاق ثلاثة لأن الطلاق الثالث تنتهي رابطة الزوجية بين الزوجين .

.. وعلى كل انسان يجب أن يمسك لسانه عن لفظ الطلاق

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى