​24 فيلما في 2022 فقط.. أزمة إنتاجية غير مسبوقة تمر بها السينما المصرية

كتبت/ ميرا فتحي

مع انتهاء عام 2022، تكشف أرقام السينما المصرية عن أزمة كبيرة، إذ أنتج 24 فيلما فقط وبعضها لم يحقق إيرادات تذكر في دور العرض رغم الارتفاع التاريخي في أسعار التذاكر الذي تزامن مع ارتفاع التضخم، إضافة إلى عدم ترشيح فيلم مصري للمنافسة في مسابقة الأوسكار وتوقف مهرجان الجونة هذا العام ومنع العرض الجماهيري لـ6 أفلام في مهرجان القاهرة.

ووفقا للصحافة المصرية، شهد عام 2022 عرض 24 فيلما مصريا في دور العرض، وهذا العدد أكبر بقليل من العامين الماضيين اللذين شهدا أزمة انتشار فيروس كورونا وفرض قيود على دور العرض وإغلاقها بعض الوقت، ولكن في الوقت نفسه يظل عدد الأفلام أقل من الأعوام التي سبقت انتشار فيروس كورونا والتي كانت تصل فيها عدد الأفلام إلى أكثر من 30 فيلما في العام الواحد.

جرس إنذار

وكتب الناقد ومبرمج الأفلام المصرية في مهرجان “البحر الأحمر” السينمائي محمد سيد عبد الرحيم أن الأفلام المصرية المنتجة تجعل مصر في المركز الثالث عربيا بعد السعودية وتونس مع مستوى أقل من جيد، مما يعكس الواقع المزري “على كل المستويات” وأن ذلك “جرس إنذار علينا جميعا أن ننتبه له”، على حد وصفه.

وأضاف -في منشور على صفحته على فيسبوك- أن الأمر يحتاج وقفة طويلة وقوية وفعلية، وتوقع استمرار هذه الأزمة لعامين إضافيين على الأقل مع انخفاض عدد الأفلام وسوء مستواها، وأوضح أن أسباب الأزمة تتجلى في تدهور ذوق الجمهور واهتمام المنتج بأسواق أخرى وبالمكسب السريع من الفيلم وتوقف بعض المخرجين عن العمل وخروج آخرين واعدين للعمل في أسواق غير مصرية بسبب “بيئة العمل غير الصحية”.

إيرادات بنصف مليار

وبلغ مجموع الإيرادات أكثر من نصف مليار جنيه مصري، حصد منها فيلم “كيرة والجن” للفنان أحمد عز وكريم عبد العزيز وهند صبري نصيب الأسد، محققا 120 مليون جنيه في موسم عيد الأضحى، بينما حقق فيلم “بحبك ” لتامر حسني خلال الموسم نفسه 55 مليونا، متساويا في الإيرادات مع فيلم “عمهم” لمحمد إمام.

وبلغ مجموع إيرادات فيلم “الجريمة” للفنان أحمد عز والمخرج شريف عرفة 33 مليونا، وشهدت دور العرض عودة الفنان أحمد حلمي بفيلمه “واحد تاني” الذي حقق 64 مليونا، كما عاد الثنائي أحمد السقا ومنى زكي بفيلمهما “العنكبوت” ليحقق 37 مليونا، وقدم المخرج بيتر ميمي فيلمه الكوميدي “من أجل زيكو” من بطولة منة شلبى وكريم محمود عبد العزيز محققا 28 مليونا.

بينما فشلت أفلام أخرى لكبار النجوم في حصد إيرادات جيدة، مثل فيلم “قمر 14” من بطولة مجموعة من الفنانين أبرزهم خالد النبوي وياسين رئيس وحقق أقل من 3 ملايين جنيه.

وتأتي هذه الإيرادات في ظل ارتفاع قياسي لأسعار تذاكر دور العرض وانخفاض ملحوظ في قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي وتصاعد مستمر لمعدل التضخم في مصر أسهم في ابتعاد الجمهور، لاسيما من الطبقة المتوسطة وما دونها، عن شراء تذاكر السينما، خصوصا أن أهم هذه الأفلام تعرض بعد شهور على المنصات.

هجرة الكوادر

وأشار المخرج عمرو سلامة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي إلى أن عددا كبيرا من الفنانين وطاقم العمل الفني لم يعد موجودا في مصر واتجهوا إلى السعودية لغزارة إنتاجها الآن أو لبنان لسهولة الإنتاج فيه.

وأضاف سلامة -في صفحته على مواقع التواصل- أن هناك إرهاصات هجرة للكوادر المحلية، وعملية الإنتاج المصري نفسها، مما يضعف صناعة السينما التي كانت مصر رائدة فيها على امتداد 100 عام مضت وكانت مصدر رزق وقوة ناعمة، وذلك مما يؤثر على الاقتصاد بالسلب.

لم يكن مخططا لها

كذلك غابت الأفلام المصرية عن المهرجانات السينمائية العالمية على عكس الأعوام القليلة الماضية التي شهدت مشاركة متميزة للأفلام المصرية في مهرجانات “كان” و”برلين” و”تورنتو” وغيرها.

ويعلق الناقد الفني مازن فوزي بأن غياب الأفلام الفنية هذا العام ليس غريبا، لأن الأفلام المصرية التي شاركت في المهرجانات العالمية خلال الأعوام الماضية مثل “يوم الدين” و”سعاد” و”ريش” لم تكن مشاركاتها مخططا لها، بل شاءت الظروف أن تخرج إلى النور في هذه الأعوام، ويمكن أن نرى فيلمين أو أكثر في مهرجانات كبيرة في العام نفسه.

وأضاف فوزي -في حديثه للجزيرة نت- أن هذه الأفلام نتاج مجهودات فردية، وليست ضمن خطة إنتاجية واضحة.

أسوأ أعوام السينما

ووصف الناقد طارق الشناوي عام 2022 بأنه أسوأ أعوام السينما المصرية كمًّا وكيفًا، ولفت إلى أن الفيلم الوحيد الذي تفوق في كل شيء هو “كيرة والجن”، إذ تفوق في الرؤية الإخراجية وفي الجماهيرية التي حققها، وتقديمه التاريخ في قالب تشويقي رغم طول مدة الفيلم، مما يؤثر على معدل دورانه في دور العرض وعدد حفلات عرضه، ورغم ذلك حقق رقما (إيرادات) غير مسبوق.

وأضاف الشناوي -في تصريحات صحفية– أن ظاهرة أحمد حلمي تراجعت كثيرا، فلم يحقق فيلمه نصف إيرادات “كيرة والجن” رغم أنه أحد أهم نجوم الإيرادات في تاريخ السينما المصرية، ولم تكن المرة الأولى له، فإيرادات حلمي تراجعت كثيرا في أعماله الأخيرة.

أزمات أخرى

وفي 2022 أيضا، منع مهرجان القاهرة السينمائي، في دورته الـ44، 6 أفلام من العرض العام، وقصر مشاهدتها على النقاد والمتخصصين والصحافة بسبب قيود رقابية أثارت جدلا كبيرا على مواقع التواصل.

كما اعتذرت مصر عن ترشيح فيلم يحمل اسمها للمنافسة في النسخة الـ95 لجوائز “أفضل فيلم أجنبي” في مسابقة الأوسكار، وعلقت اللجنة المختصة لاختيار الفيلم المشارك أن “الأعمال التي تنطبق عليها الشروط لا ترقى إلى المستوى، وإذا اختير أي من تلك الأفلام فسيكون الأمر غير مجد، ولن يتمكن من الوصول إلى القوائم النهائية بأي حال من الأحوال”.

وأجّل القائمون على مهرجان الجونة السينمائي دورته السادسة التي كان مقررا إقامتها هذا العام، وقال المهرجان إن قرار التأجيل جاء “حرصا وإيمانا من إدارة المهرجان على تعزيز الدور الحيوي الذي يؤديه على المستويين الفني والسياحي محليا وعالميا، وأخذا في الاعتبار للتحديات العالمية الحالية التي قد تعوق إضفاء الصبغة العالمية والإقليمية التي تسعى إدارة المهرجان لتحقيقها وتأكيد أهميتها منذ الدورة الأولى للمهرجان”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى