مسلسل “وينزداي”.. تسلية ورعب وإثارة في آن واحد

كتبت/ ميرا فتحي

مع نهاية عام 2022 طرحت “نتفليكس” لمشتركيها مسلسل رعب جديدا يعتمد على قصص مصورة قديمة، وهو مسلسل “وينزداي” (Wednesday) الذي حقق نجاحا ربما لم تتخيله المنصة ومديروها، فهو لم يستحوذ على اهتمام جيل واحد، بل عدة أجيال.

حقق “وينزداي” رقما قياسيا جديدا ليصبح أكثر مسلسل باللغة الإنجليزية قد شوهد خلال أسبوع على منصة نتفليكس، بإجمالي 341.2 مليون ساعة، وشاهدته أكثر من 50 مليون أسرة في العالم خلال الأسبوع الأول من عرضه، ليفوز على مسلسل “سترينغر ثينغز” (Stranger Things) حامل الرقم القياسي سابقا بـ335 مليون ساعة، وفي السادس من ديسمبر/كانون الأول أصبح ثالث أكثر مسلسلات نتفليكس مشاهدة باللغة الإنجليزية في تاريخ المنصة.

نجاح لم يتوقعه أحد

تدور حبكة مسلسل وينزداي حول الفتاة “وينزداي” من عائلة “آدمز” الخيالية الشهيرة، وهم أسرة من 4 أفراد ظهرت أول مرة في الثلاثينيات من القرن الـ20، ومثلت انعاكسا ساخرا للعائلة الأميركية المثالية، فهي عشيرة أرستقراطية ثرية تعشق الرعب ويبدو أنها غير مدركة أو غير مهتمة بأن الآخرين يجدونها غريبة أو مخيفة.

بداية من المسلسل التلفزيوني لعام 1964، تتكون عائلة آدامز من غوميز ومورتيسيا آدامز، وأطفالهما وينزداي وبوغسلي، وأفراد الأسرة المقربين العم فيستر وغرانداماما، وكبير الخدم ليرتش، وأخطبوط بوغسلي الأليف أرسطو واليد المتحركة “ثينغ” في عام 1954.

في المسلسل تُطرد وينزداي من مدرستها الثانوية بعد إيذائها أحد الصبيان إذ بالغ في المزاح وحبس أخاها وعذبه، وتنتقل إلى مدرسة مخصصة لمن يسميهم المجتمع “المنبوذين”.

نحن هنا أمام عالم خيالي متكامل، فيه شخصيات مثل الساحرات والمتنبئين، ولكنهم يعيشون على هامش المجتمع الذي يعاملهم معاملة “الآخر” المحتقر، ولهم مدرسة ثانوية تدعى “نيفرمور”، تُنقل إليها “وينزداي” لاستكمال دراستها مع أشخاص مشابهين لها.

عودة تيم برتون

أسهم المخرج الأميركي الشهير تيم برتون في عالم عائلة آدمز في التسعينيات بفيلم حقق نجاحا كبيرا، وكان من المتوقع عودته مرة أخرى لهذا العالم الخيالي، ولكن بفيلم رسوم متحركة وتم إجهاض المشروع للأسف، ولكن ها هو يدلف مرة أخرى إلى عائلة آدم بمسلسل يركز بشكل أساسي على وينزداي، وفي حبكة جمعت بين الرعب ودراما النضوج.

صنع تيم برتون مكانته لعدة أسباب، على رأسها قدرته على خلق عوالم عجائبية من الصفر ودفع المشاهد إلى تصديقها، الديكورات والأزياء كانت دوما أهم سلاحين في جعبته الفنية. وفي “وينزداي” يعيدنا إلى عالمه القوطي، وهو طراز عمارة أثر في كل الفنون، ومنها السينما، ومن سماته كثرة استخدام اللون الأسود والإضاءة الداكنة والظلال والتصوير في مبان قديمة وقلاع ذات أبراج مدببة وسقوف عالية، ولكن قوطية برتون مختلفة فلا يسودها الأسود فقط، بل أحيانا يصنع تضاربات لونية بين الداكن والفاقع.

أخرج برتون بنفسه نصف حلقات مسلسل “وينزداي”، ولكنه صاحب اليد العليا في الرؤية الفنية، وبشخصيات عائلة آدمز الشهيرة وضع أول خطوات بناء عالمه القوطي المميز للمسلسل، خاصة مع انتقال الأحداث إلى نيفرمور، القلعة التي لا يمكن تشبيهها سوى بـ”هوغورتس” مدرسة السحرة الصغار في “هاري بوتر”.

ويأتي التضارب اللوني بالتناقض البصري بين شخصية وينزداي بألوانها الداكنة وشريكة حجرتها إينيد، الفتاة الشقراء التي تصبغ كلا من أظفارها بلون مشرق مختلف، وبأزياء عصرية للغاية لتشبه مؤثرات تيك توك وإنستغرام اللواتي يتابعهن مراهقو ومراهقات اليوم.

مسلسل لكل العائلة

يمكن أن ينسب نجاح مسلسل “وينزداي” الكبير إلى مخاطبته عدة أجيال في آن واحد، فمواليد التسعينيات والثمانينيات ألفوا شخصيات هذه العائلة الخاصة للغاية، وتسعدهم عودتهم على يد المخرج الذي أسهم في وصولهم إليهم في الأساس، ولكنه في النهاية مسلسل شخصياته المراهقة تخاطب الجيل الحالي أكثر من غيره، فجذب انتباه الأجيال الصغيرة لتصبح وينزداي بملابسها السوداء ونظرتها المتجهمة خلال بضعة أيام صيحة جديدة يسعى الكل لتقليدها.

وعلى الرغم من التقييم العمري المرتفع للمسلسل الذي يفوق 14 سنة (+14) على موقع “آي إم دي بي” (IMDb)، فإن ذلك يرجع في الأساس إلى بعض المشاهد المخيفة نسبيا، ومن ثم يمكن اعتباره عملا عائليا يجتمع حوله كل أفراد الأسرة، وهو ما أسهم في وصوله إلى شرائح أوسع من المشاهدين.

يقدم المسلسل طبقات من الحبكة: الطبقة الأولى تتمثل في المغامرة التي تخوضها “وينزداي”، سواء في التأقلم بمدرستها الجديدة أو قتال الوحش، ولكن الطبقة الثانية حول العنصرية والعنصرية المضادة، التي تتمثل هنا في الصراع بين “المنبوذين” و”العاديين”، والذي يعدّ الصراع بين “وينزداي” والوحش مجرد تعبير مجازي عنه.

حاز مسلسل وينزداي إعجاب كل من المشاهدين والنقاد، فحقق معدل 72% على موقع “روتن توماتوز” الذي امتدح زواره الطابع البصري المميز للمسلسل والسيناريو الذي يتميز بالذكاء وخفة الظل وأداء بطلته “جينا أورتيغا” التي تحولت بين ليلة وضحاها إلى نجمة المراهقين والمراهقات.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى