هل “تيك توك” أكثر خطورة مما يبدو؟
كتبت/ ميرا فتحي
يُعدّ تطبيق “تيك توك” (TikTok) المملوك لشركة “بايت دانس” (ByteDance) الصينية أحد أكثر تطبيقات التواصل الاجتماعي شهرة وانتشارا، وحسب الكاتب إزرا كلاين في مقال له بصحيفة “نيويورك تايمز” (The New York Times) فإنه رغم عمر تيك توك البالغ بضع سنوات فقط فإن نموه “لا يشبه أي شيء رأيناه من قبل”.
ويوضح الكاتب أنه في 2021 كان لدى “تيك توك” مستخدمون نشطون أكثر من تويتر، ودقائق مشاهدة أميركية أكثر من يوتيوب، وتنزيل تطبيقات أكثر من فيسبوك، وزيارات للموقع أكثر من غوغل، كما أن أغلب طلاب الجامعات يفضلونه أكثر من غيره في تصفح الأخبار.
ويستمر الكاتب في التعريف بتيك توك بقوله إن هذا التطبيق مملوك لشركة صينية و”الشركات الصينية عرضة لأهواء حكومة بلادها وإرادتها”.
ويضيف أنه في أغسطس/آب 2020 وقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمرا تنفيذيا يصرّ على أن يبيع “تيك توك” نفسه لشركة أميركية أو أنه سيُحظر في الولايات المتحدة. وبحلول الخريف، كانت “بايت دانس” تبحث عن مشتر، وكانت “أوراكل” و”ولمارت” أكثر المرشحين المحتملين، ولكن بعد فوز الرئيس جو بايدن بالانتخابات أُجّل البيع.
مخاوف التجسس
وفي يونيو/حزيران الماضي استبدل بايدن أمر ترامب التنفيذي، الذي كتب بطريقة “قذرة” وطعن فيه بنجاح أمام المحكمة، بأمر خاص ببايدن.
وتكمن مشكلة “تيك توك” مع أميركا -كما يحددها أمر بايدن- في أن التطبيقات المماثلة يمكنها الوصول إلى معلومات واسعة من المستخدمين والتقاطها، بما في ذلك المعلومات الشخصية للأميركيين والمعلومات التجارية المملوكة، وجمع البيانات هذا يهدد بتزويد الخصوم الأجانب بإمكانية الوصول إلى تلك المعلومات.
وقال كلاين “دعونا نسمي هذا مشكلة تجسس البيانات، فالتطبيقات مثل تيك توك تجمع البيانات من المستخدمين”.
ويمكن أن تكون هذه البيانات ذات قيمة للحكومات الأجنبية؛ لهذا السبب منع الجيش والبحرية من استخدام “تيك توك” في هواتف العمل الخاصة بالجنود، وقدم السيناتور جوش هاولي مشروع قانون لحظره على جميع الأجهزة الحكومية.
وتابع كلاين أن الحكومة الأميركية أعدّت خطة لاستضافة البيانات لعملاء الولايات المتحدة على خوادمها، وتقييد وصول الشركة الأم بطريقة أو بأخرى.
ورغم أن هذا الأمر يعالج المخاوف بشأن وصول الحكومة الصينية إلى المعلومات الشخصية للأميركيين، فإنه لا يعالج الطرق الأخرى التي يمكن للصين أن تستخدم بها المنصة كسلاح، مثل تعديل خوارزميات “تيك توك” لزيادة التعرض للمحتوى المثير للانقسام، أو تعديل النظام الأساسي لبذر حملات التضليل أو تشجيعها، حسب المقال.
ويدعو الكاتب إلى تسمية ذلك بـ”مشكلة التلاعب”؛ فالقوة الحقيقية لتيك توك لا تكمن في “بياناتنا”، بل تتعلق بما “يشاهده المستخدمون ويخلقونه، وبالخوارزمية المعتمة التي تحكم ما يُشاهَد وما يكون مضمرا”.
أغراض الدعاية
كان “تيك توك” -حسب كلاين- مملوءا بمقاطع الفيديو التي تدعم الرواية الروسية عن الحرب في أوكرانيا.
وعلى سبيل المثال، تتبّعت شركة “ميديا ماترز” (Media Matters) حملة منسقة على ما يبدو يقودها 186 من المؤثرين الروس في “تيك توك” ينشرون عادة نصائح عن الجمال ومقاطع فيديو مزيفة ومواد خفيفة.
ويرى الكاتب أن الحزب الشيوعي الصيني ربما يقرر تعديل كيفية تعامل الخوارزمية مع مقاطع الفيديو هذه لتضخيم الدعاية الروسية في جميع أنحاء العالم.
ويتساءل الكاتب: “إلى أي مدى سنكون مرتاحين مع وضع مماثل في غضون 5 سنوات؟ عندما يكون تيك توك أكثر رسوخا في حياة الأميركيين والتطبيق لديه الحرية التي قد لا تشعر بها اليوم للعمل كما يحلو له؟”.
ويضيف في مقاله “نحن نعلم أن إرشادات الإشراف على محتوى تيك توك قد شُدّدت على مقاطع الفيديو والمواضيع بناء على طلب من الحكومة الصينية، على الرغم من أن تيك توك يقول إن قواعده قد تغيرت منذ ذلك الحين. ونعلم أن دولا أجنبية أخرى استخدمت شبكات التواصل الاجتماعي الأميركية لإثارة الانقسام والشك”.
ويعتقد أن مستخدمي “تيك توك” الذين يبلغ عددهم مليار شخص لا ينظرون إلى ترويج دعاية للحكومة الصينية لأنهم، في الغالب، ليسوا كذلك.
فهؤلاء يشاهدون دروس المكياج والوصفات ومقاطع فيديو للرقصات المضحكة، لكن هذا بالضبط ما سيجعل “تيك توك” تطبيقا أقوى للدعاية، وسيكون من السهل جدا استخدامه لتشكيل الرأي العام أو تشويهه، والقيام بذلك بهدوء وربما من دون تعقب، حسب الكاتب.
واقترح كلاين ما يسميه مبدأ بسيطا لكنه صعب التطبيق، ينص على أن “الاهتمام الجماعي مهم ومن يتحكم وما يُتحكّم فيه سيتحكم إلى حد كبير في مستقبل المجتمع”.
لذلك يجب التحكم في منصات التواصل الاجتماعي التي تشغل انتباه المجتمع وتشكله، من أجل المصلحة العامة.