محمد عادل يكتب: أول جريمة نهب وخداع في التاريخ وعدل ملك وفصاحة فلاح

أسواء ما يمكن التحدث عنه عبر الاحداث التاريخية البشرية هي الجريمة ولكن نتذكر الحكمة التي تقول، تاريخ كل أمة خط متصل، وقد يصعد الخط او يهبط، وقد يدور حول نفسه أو ينحني ولكنه لا ينقطع تدل هذه الحكمة على أننا يجب نأخذ تاريخنا القديم وحضرتنا المصرية قدوة لنا من اجدادنا المصريين القدماء في العدل والحكمة والصبر ومن هنا نبدأ قصتنا عن جريمة حدثت في أخر عصر الانتقال الأول في عهد الأسرة التاسعة أو العاشرة حيث تحكي القصة الأدبية عن فلاح بسيط اسمه “خنوم أنوب” وهو فلاح من حقل الملح(وادي النطرون حلياً) وكان له زوجة اسمها “ماري” قال لزوجته “أنظري ، لقد بقي عشرون مكيالاً من القمح تكون طعاماً لك ولأطفالك وعليك ان تصنعي لي منه خبزاً للسفر  وذهب الفلاح الفصيح “خنوم أنوب” الى بعيره ليحملهم بالثمار والنباتات وجلود الفهود وفرو الذئاب ليذهب بها الى العاصمة ” أهناسيا ” ليبيع بضائعه وبينما هو في طريقه مر بارض نبيل يدعي “رنسي إبن مرو” وكان يعمل لديه مسئول يدعي “نمت نخت” ونظر الرجل الى ما يحمله الفلاح لم يعجبه منها شيء ولكن الذي خطفت قلب “نمت نخت” جمال وقوة حمير الفلاح التي تحمل البضائع فأراد أن يستولي عليها هي والبضائع وهنا خطر على ذهن “نمت نخت” حيلة ان يضلل الفلاح الفصيح عن الطريق وجعله يمضى بحميره خلال حقل ” رنسي إبن مرو” وبالفعل نجحت حيلة “نمت نخت” حيث ان حمير الفلاح وهي تقوم بالمرور في الحقل الخاص بالنبيل “رنسي إبن مرو” كانت تأكل منه القمح وهنا قام المسئول “نمت نخت” الاستيلاء على البضائع والحمير وطرد الفلاح من الأرض. وهنا بدأ الفلاح يصرخ ويشكو يوماً بعد يوم الى “نمت نخت” الذي لا يعيره إذانا صاغية فيتوجه بشكواه الى صاحب الضيعة النبيل ” رنسي إبن مرو ” وهنا يستقبل شكواه ويعرضها على القضاة الذين يغفلون الأمر برمته ولكن من حكمة النبيل “رنسي” أنه اخفي تجاهل القضاة عن شكوته ولإعجابه الشديد بنص الشكوى وفصاحة الفلاح في سردها وكان نص الشكوى يقول ”  أليس العار أن الميزان مائل، ومقيم العدل منحرف – انظر هاوه العدل يرزح تحت ثقلك، مشرد من مكانه – فالمسؤولون يتسببون في الويلات، وما يجب حسابه ينحى جانباً – والمحققون يقتسمون المسروقات، أي أن من عليه وضع الأمر في نصابه يحرفه  ” فهنا فطن ” رنسي إبن مرو ” لفصاحة الفلاح في عرض شكواه وبلاغته الغير عادية في رسالته فقرر عرضها على الملك ليري بنفسه القضية ويحكم بها فعرضت عليه الرسالة وقرأها بنفسه فاستحسنها وهنا أمر الملك بلا يتم الرد على شكاوي “خنوم أنوب” وفى نفس الوقت أمر بتزويد عائلة الفلاح بكل ما يحتاجونه من متطلبات بشكل كريم ” وقد كان قرار الملك نابعاً من رغبته في أن يسمع مزيد من حلو كلام الفلاح الفصيح في رساله وقد بلغت عدد شكاوي الفلاح الفصيح تسعة شكاوي وكانت اخر شكوي له مريرة حيث قال الفلاح الفصيح” كيف يشكو إليك الفقر الذي دمرته، لا تكن ثقيلا ولا خفيفا- لا تكن سريعا ولا بطيئا، لا تخفِ وجهك عمّا تراه- لا تعمِ عينيك عمّا تراه، لا تكن متراخيا وأعلن كلمتك- ها أنا أشكو إليك ولكنك لا تسمع، سأذهب وأشكوك إلى أنوبيس”  فأمر الملك النبيل “رنسي إبن مرو” بإعادة جميع ممتلكاته (حميره وبضائعه) كما أنه منحه أملاك “نمت نخت” كتعويض عما جري له ليصبح الفلاح الفصيح في محل “نمت نخت” ويصبح “نمت نخت” في فقر وبؤس الفلاح قبل قرار الملك وهنا يكتب هذا القرار سطور النهاية السعيدة لتلك القصة وفى النهاية أيضا تدل القصة على حكمة الملك المصري القديم وعدله وعدم التسرع في القرار وايضاً امانة النبيل الذي اعطي الرسالة الى الملك بنفسه ولم يتخاذل على أن ينصر فلاح بسيط ذهب من أجل بيع ما نبت من ثماره

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى