شريف-ربيع-يكتب-الصَّدَقَةُ

إن العطاء والإنفاق في سبيل الله تعالى من أعظم وسائل تقوية التكافل الاجتماعي، فهي من أشكال التآلف بين الفقراء والأغنياء ومن مظاهر العيش الكريم لكلِّ أفراد المجتمع؛ لأنَّ الفقير لا يشعر بفقره لوجود من يقدمون له العون؛ وبذلك يهنأ المجتمع بحياة هادئة ينتشر فيها الحب وينتهي منها الكره.

وإنفاق المال من أثقل الأشياء التي تواجه الناس؛ لِحُبِّهم الشديد للمال، وحرصِهم على جمعه؛ ولذلك تعد الصدقة من أهم المعايير التي يُقاس بها إيمان المرءِ.

والصدقة: هي كلّ شيء يعطيه المتصدقُ للمحتاجين والفقراء من متطلباتٍ يوميّةٍ تقربًا إلى الله تعالى، وطلبًا لرضاه.
وللصدقة أنواع كثيرة، ومن هذه الأنواع: الكلمة الطيبة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والموعظة الحسنة والنصيحة.

ومن الصدقة أيضًا: إعانة المسلم لأخيه المسلم، وسقاية المياه وإبعاد الأذى عن الطريق، ومنها إنفاق الزوج على زوجته وأهله وأبنائه لوجه الله تعالى، والتفريج عن المسلمين، والصبر على أصحاب الديون في السداد، والسلام على الناس في الطرقات، وكثرة ذكر الله تعالى كالتسبيح، والاستغفار، والتكبير، وقول “لا حول ولا قوة إلا بالله”.

وكذلك الابتسامة في وجه المسلم، وإرشاد الناس التائهين ومعاونتهم، ومساعدة كبار السن والمرضى، وإنقاذ المستغيثين. وتجنب الشرور والمعاصي وجميع الذنوب، والعفو عن المسيئين. كل ذلك صدقة.

ومن رحمة الله تعالى أن جعل لنا الصدقات الجارية، وهي الصدقات التي تبقى بعد موت المتصدق مثل بناء مسجد، أو مدرسة، أو تقديم العلم والكتب، أو حفر بئر ماء في الطريق.

وللصدقة آداب يجب على المتصدق أن يفعلها، ومن أهمّ تلك الآداب: الإخلاص لله تعالى فيها، فعدم الإخلاص يُبطلها ويُحبط أجرها، ومن الآداب أيضًا عدم إتباع الصدقة بالمنّ والأذى، وأن يجعل صدقته في السر والخفاء قدر المستطاع، وينبغي أن تكون الصدقة من مال حلال، ويجب كذلك أن يبحث المتصدق عن المحتاجين بشدة للصدقة، وأن تكون صدقته من المال الجيد، وألا تكون من الرديء في الطعام، وأن تكون الصدقة في وقت السعة، والصحة والعافية، والشباب، والحاجة، والخوف من الفقر.

وللصدقة فضائل كثيرة وعظيمة ومن أهمها: أنها تطفئ غضب الله سبحانه وتعالى كما جاء بذلك الحديث الشريف: “إنَّ الصدقة لتطفئ غضب الرب”، والصدقة من الأشياء التي تمحو الخطيئة، والصدقة سبب في الوقاية من نار يوم القيامة، ويأتي المتصدق مستظلًّا بظل صدقته يوم القيامة، وتعد الصدقة دواءً لمختلف الأمراض القلبية والبدنية، كما قال الرسول الكريم ﷺ “داووا مرضاكم بالصدقة”، وبالصدقة يدفع الله تعالى أنواعًا من المصائب والبلايا.

بل إنَّ المرء يحقق البر من خلال الصدقة، كما جاء في القرآن الكريم، قال تعالى: {لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: 92]. والمتصدق يدعو له مَلَكٌ كل يوم ويدعو على الذي لا يتصدق، وصاحب الصدقة يبارك الله في ماله، ويضاعف له أجره، والصدقة مُنقية للمال فتخلصه من المال الحرام الذي يدخل فيه. وتعد الصدقة دليلًا على صدق العبد وإيمانه، ويجد المتصدق في نفسه انشراحًا في الصدر، وراحةً في القلب، وطمأنينةً في النفْس.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى