أحمد النحاس يكتب : “عم دهب” و”شاكوش” ومهرجانات الزار والفنكوش.

مجلة ” ميكي ” هي واحدة من أشهر مجلات الأطفال في العالم.. ومن أشهر شخصياتها “بطوط” الأحمق المتهور، و”بندق” الطيب الساذج، ، و” زيزي” الجميلة المغرور، و”ميمي” الذكية الشقية، و”ميكي” القصير المكير، و”عم دهب” البخيل الأناني.. وكلها شخصيات حيوانية في عالم ديزني الكارتوني.

المذهل أنه بمرور الأيام نكتشف أن عالمنا الذي نعيش فيه الآن لايختلف كثيرا عن عالم ديزني الذي ربما كان أفضل نسبيا على الأقل من حيث نظافة البيئة والسلامة العقلية والاتساق النفسي لمعظم أبطاله!

فكم “بطوط” أرهقنا بحمقه وتهوره!، وكم “بندق” آذي نفسه وأذانا بسذاجته !، وكم ” زيزي” عانينا من غرورها وقتلها جمالها!، وكم من “عم دهب” يعيش بيننا يحصد الأموال بجشعه.. ويرهق الناس بطمعه.. ولا يستفيد المجتمع من ثرائه الفاحش بسبب بخله وأنانيته!

لقد أصبحنا أشبه بحيوانات ديزني، مجرد شخصيات كارتونية تؤدي ماهو مرسوم لها!، غير أن البعض ربما يأخذه الشطط فيتجاوز الدور المرسوم له، وعندها لا يلومن إلا نفسه.

وبمناسبة الحديث عن التشابه المذهل بين عالمنا وعالم ديزني في مدينة البط، فهاهو ” عم دهب” المصري.. رجل الأعمال – التي لا يستفيد منها الوطن سوي الفتات – يقتحم عالم الفن بجناحيه السينمائي والغنائي، ولإن الرجل لايعرف سوي لغة المال والمكسب بأي طريقة – عملا ويقينا بمبدأ : الغاية تبرر الوسيلة – أنشأ مهرجانا للسينما، فلما وجده لا يدر ربحا بالشكل الذي يشبع به نهمه لحصد المال، حوله لمهرجان للملابس الداخلية، واللحوم المجانية، فأساء للفن والوطن وحصد اللعنات بعد القبل.

وعندما حاولت الجهة الوحيدة الرسمية المسئولة عن الطرب في مصر تطهير أذان الشعب من القاذورات الفنية التي انحدرت بالذوق العام وافسدت الأجيال الناشئة، خرج علينا “عم دهب” مستنكرا ورافضا لقرار وقف بلاعات المهرجانات عن طفحها، بل وسخر بأسلوب فج وقمئ من القرار ومن أصدره ومن النقابة التي يترأسها وتمثل مبدعي مصر بما يمثل إهانة وقحة لكل مطربي مصر الحقيقيين!

ويبقى السؤال : ماذا يريد رجل الأعمال اللا نجيب من مصر وما هي علاقته بالفن وأهل الطرب؟!
لماذا لا يعلن دعمه للعلم والابتكار والبحث العلمى بدلا من دفاعه الغريب عن شاكوش وكزبرة وشطة وحنجرة ووزة وشواحة وطيخة وبيكا وحاحا وغيرهم من مطربي الزار الذين لا يمتلكون أبسط مقومات صفة الطرب، فلا صوت ولا كلمة ولا لحن ولا ذوق ولا ثقافة ولا حتى إسما يليق بمستمعيه وبسمعة مصر الفنية على مستوى العالم!

كفانا عبثا بمصر وشعبها واجيالها القادمة من أجل حفنة من المنتفعين والمتسلقين والمنافقين وفاقدي الموهبة ومعدومي الضمير..

أتمنى أن نفيق من غفوتنا وان ندعم كل من يحاول تنقيح الفن المصري من العفن الذي يتسرطن فيه، وأن يكتفي “عم دهب” بمدينته الغابرة “يكاكي فيها” كما يحلو له.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى