نور سليمان يكتب : حلم ليلة عرض
أن أرى افيش الفيلم معروضا أمامى فى دار سينما فى وسط البلد، أو فى مهرجان سينمائى دولى أو محلى ..
أن تتهافت علينا كاميرات واقلام الصحفيين لتخطف منى حديثا او تلقتط لى صورا ..
أن تعقد ندوة تضج القاعة بالتصفيق عند صعودى إلى المنصة الرئيسية ..
أن اوقع أوتوجرافات للمعجبين واستقل السيارة عائدة الى بيتى لأنام وأحلم بما حدث هذه الليلة تلك هى أو ذلك هو ( حلم ليلة عرض ).
السينما المستقلة هى الحلم الكبير لعقول شابة جديدة تمشى حثيثا باتجاه خلق عالم سينمائى مستقل لاتحده محاذير ولا توجهه ايدلوجيات، عالم خلق فى خيالهن وخيالهم فقط، سرعان ما تمخض لينتج لنا سينما مستقلة نظيفة خالية من كل عيوب صناعة السينما التجارية،
فلا ألوان صناعية تعطى بريقا مؤقتا تزيله ماكينات العرض، او طعما مائعا لا تستسيغه اغلب الأسر المصرية بل تخشاه.
فما هى السينما المستقلة ؟!
السينما المستقلة هي تسمية أو تعريف للأفلام السينمائية التي يتم إنتاجها خارج منظومة الاستوديوهات وشركات الإنتاج والتوزيع الكبرى التي تتحكم في هذه الصناعة، تميزت السينما المستقلة في البداية بخروجها عن الخط التجاري الاستهلاكي كما تميزت بتقديمها محتوى إبداعيا أكثر حرية ورقياً، وغالباً ما تكون معبرة بقوة عن آراء المخرجين الذين يتحركون ويعملون بقرارهم كسينمائيين أصحاب أفكار ورؤى ومواقف إنسانية محددة وقضايا مجتمعية، يحاولون جاهدين المساهمة في طرح حلول لها.
هذا التميز قد يخالف القوالب التجارية التقليدية وضرورات تحقيق الأرباح السريعة والمضمونة, مما يجعلها غير سهلة الوصول للمشاهد لعدم امتلاكها لشركات توزيع وصالات العرض الخاصة بها.
وعلى الرغم من أن السينما المستقلة غالباً ما تنتج بميزانيات صغيرة وبلا نجوم كبار ولا يسبقها الإعلان الكثيف، إلا أنها سينما نقيّة وجدت لتسمع العالم خيارات الإنسان الإيجابية وتوفير ثقافة الحياة.
والسينما المستقلة هي رافد مهم في الصناعة هذا لو استطاع القائمون عليها استيعاب كيف يفكر الجمهور .
والموزعين بشكل عام لا تعجبهم فكرة السينما المستقلة لأن دورهم مع نجاحها سيصبح أقل تحكما وسيطرة على صناعة السينما ..
وفى تجربة حية لمعرفة مشاكل مخرجات السينما المستقلة كان لنا لقاء مع بعضهن والتى شرحت لنا مشاكل السينما المستقلة من وجهة نظرها ومن وجهة نظر زملائها وزميلاتها من المخرجات الشابات
هبه عبد الباقى واحدة من مخرجات الجيل الجديد واللواتى حملن على اكتافهن مهمة اخراج سينما مستقلة تقول عن تجربتها : انا مخرجة سينما مستقلة وسيناريست، قابلت الكثير من مخرجى السينما المستقلة واتفقنا جميعا على اننا نواجه نفس المشكلة فى خروج أعمالنا إلى النور وإلى الجمهور المصرى، حتى فى ظل سقوط السينما المصرية وفى ظل تدهور الحاله السينمائية التى وصلنا اليها، وفى ظل عدم وجود مادة سينمائية جيدة تليق بالذوق العام المصرى.
رغم كل هذا الا أن السينما المستقلة التى يبذل صناعها الكثير من الجهد لإنتاج عمل يليق بالمصريين والمستوى الذى يجب أن يقدم اليهم كذلك يعطون كل ما يمتلكون تقريبا لصنع أفلامهم ولحبهم الشديد لمجال عملهم وللفن عموما وذلك لعدم رضائهم عما يقدم حاليا وشعورهم بالمسئولية ومن اجل الارتقاء بالسينما المصرية والذوق العام عند الشعب المصرى .
و عن المشاكل التى يواجهها الشباب ( شباب السينما المستقلة ) تقول : تبدأ من أول نقطه إنطلاق لصنع الفيلم وحتى نهايته فى البداية تقابلنا مشكلة تسجيل السيناريو الخاص بنا فإما أن تسجله فى الشهر العقارى والذى لا يعلم معظمهم كيفية تسجيل سيناريو وربما يرفض موظف الشهر العقارى تسجيله!!
وهذا ماقابلناه بأنفسنا فنعود من حيث بدأنا . وإذا حاولنا التسجيل فى وحدة المصنفات الفنية نقابل بمشكلة المبالغ الباهظة التى لا يمتلكها أى سيناريست مستقل.
ثم ننتقل إلى المشكلة الأخرى وهى الإنتاج فيظل السيناريست والمخرج يبحثان عن شركه انتاج تقبل أن تنتج لهم فيلما مستقلا فلا يجدون!!، وقد أضاعوا من وقتهم فى البحث عن منتج ما يكفى لانتاج عدة أفلام، فالمنتجون اليوم إذا لم يكن بالفيلم نجم من نجوم الشباك او الصف الاول والذين يأخذون الملايين لا يقبلون على انتاج الفيلم، وآخرون يشترطون وجود راقصة، أو مشاهد إغراء أو بناء فيلم يعتمد على بلطجى يتعاطى المخدرات والا فلن يقبلونها!!
وبعد ان يمل ويتعب صناع الفيلم من البحث عن المنتج الذى يقبل العمل المحترم اللذين يريدون تقديمه، يقررون إنتاجه بأنفسهم .
فيأجرون معدات التصوير باهظة الثمن كما نعلم ويبدأون اول مراحل التصوير يفاجئون بالشرطة توقفهم وتحتجز معداتهم وتحتجزهم شخصيا!!
ماذا فعلوا ؟! وفيما أخطأوا ؟! وما الأذى الذى فعلوه بالشارع كى يحتجزونهم على إثره ؟! تكون الاجابة المستفزة : عدم وجود تصريح!!
وللعلم لا يصدر تصريح تصوير الا لمن يملكون كارنية النقابة وأعتقد ان جميع من يعمل بالسينما ومن لا يعمل قد سمع عن الكثيرين ممن يعانون من مشكلة الحصول على كارنية النقابه ومنهم المخرج الشاب الرائع الذى عانى كثيرا ودفع الأكثر فى الحصول على كارنية النقابه حتى يستطيع العمل بمرونه فى الجال الذى يعشقه هو المخرج عمرو سلامة لا نعلم نحن السينمائيين المستقلين ماهى شروط الحصول على كارنية النقابة رغم ان بعض من حصلوا عليه ليس لهم أى الحق فيه لكن هذا ليس موضوعنا اليوم.
وننتقل من أزمه التصريح فتم حلها بعمل الفيلم بأكمله داخلى وبعد ان دفعوا كل مايمتلكون تقريبا وبدأ حلم ليلة اول عرض تاتى المشكلة الأكبر وهى التوزيع وعرضه فى السينمات.
مبدئيا فالسينما القصيرة التى تاخذ العديد من الجوائز التى لم ولن يحصل عليها اى فيلم من الأفلام التى تملأ السينمات الآن ليس لها دور سينما لعرضها أما عن الأفلام الروائية الطويلة المستقلة فأيضا ليس لها سينمات!!
يحاول الصناع أخذ الفيلم ويذهبون به لوزارة الثقافة وإلى جميع ملاك السينمات ولا يجدوا أى إستجابة وفى حالة وجود استجابة من احد تأتى المشكلة الأكبر والنهائية والتى تؤدى الى وقوع الفيلم ووقوع دافع صناعه وإجبارهم على عدم خوض مثل هذه التجربة مرة اخرى مما يقودنا الى انتظار الأسوأ للسينما المصريه وإضمحلالها وهى عدم الدعاية للفيلم بشكل كاف مما يؤثر بشكل سلبى على نجاح الفيلم وعزوف الجمهور عن دخول الفيلم!!
وبالطبع استيقظ من حلم اول عرض على كابوس الواقع الأليم!!