شوكت كمال يكتب:موت الفجأة

حين ننشط تفاعليًّا على الفيس بوك نجد بوستات كثيرة تنعى أشخاصًا، وهذا أمر اعتدناه منذ فترة، خاصة مع قدوم جائحة كورونا، إلا أن ما يجعل الواحد منا يقف حائرًا أمام هذه البوستات هو موت صديق أو قريب فجأة ودون مقدمات أو أنه أُصيب بكورونا، ولكنه لم يقو على تحمل المرض؛ فكانت كلمة النهاية ووداع الدنيا للقاء رب الآخرة والدنيا.

هذا الموت المفاجئ يجعلنا نقول بلسان واحد «لا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم»، تسليمًا لأمر الله مستمدين القوة والعون منه سبحانه على ما أصابنا من ألم وحزن نتيجة فقدنا هذا الصديق أو ذاك القريب الذى كانت تجمعنا معه لحظات ومواقف طيبة لا تنمحى من الذاكرة مهما مرت الأيام والسنون.

وقد حذر النبى -صلى الله عليه وسلم- من موت الفجأة؛ لأنه لا يترك فرصة للعاصي كى يبادر إلى التوبة أو أن يختم حياته بطاعات تقربه من الله فتمحو ما ارتكب من منكرات، لكنه راحة للمؤمن لأنه يموت على خير بسبب مداومته على تنفيذ أوامر الله واجتناب نواهيه. قالَ رَسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: «موتُ الفَجْأَةِ راحةٌ للمؤمنِ، وأَخْذُهُ أَسَفٌ للكافرِ».

وهناك من يتساءل عن حكمة الله فى أن يقبض أرواح أناس يشهد لهم الجميع بطيب الخلق وحسن المعشر، فيما هناك أناس يعيثون فى الأرض فسادًا ويبسط الله فى أعمارهم، وجواب ذلك أن الله يريد الخير للفريق الأول حتى لا يُفتَنوا بما عاهدوا الله عليه فيسلكوا طريقًا آخر يؤدى بهم إلى غضب الله، أما أصحاب الفريق الآخر وهم العصاة فإن الله يمهلهم حتى يتوبوا فإذا لم يفعلوا غضب الله عليهم وأخذهم.

ومن حكمة الله -عز وجل- أنه أخفى ساعة الموت؛ حتى لا نتكاسل فى أداء الواجبات ونحرص دائمًا على اتباع طريق الحق والخير، وأننا مهما حاولنا أن نحذر الموت وندفعه بعيًدا عنا فإنه واقع بنا لا محالة «وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ». يقول الدكتور عمر عبد الكافى، الداعية الإسلامى، وقد كان شاهد عيان على هذه الواقعة، إنه رأى سائق سيارة نقل يتعثر بسيارته فى أحد المزلقانات، حيث توقفت سيارته على القضبان، وإذا بالناس يجرون نحوه وينزلونه من السيارة، والرجل حزين لأنه سيفقد سيارته والبضاعة التى تحملها، وأتى القطار وداس العربة التى تحطمت تمامًا ولكن أحد إطاراتها يطير فى الفضاء ليسقط على رأس صاحب السيارة فيموت فى الحال.

والنفس بطبيعتها تكره الموت، لكن محامى الفقراءأبا ذر الغفارى، رضى الله عنه، كان يقول: «أُحبُّ الموت». وحين سُئل عن سبب ذلك أجاب: «إننى إذا متُّ سألقى الله، ومن أحبَّ لقاء الله أحبَّ الله لقاءه»، فمن منا مستعد للقاء الله؟!

خلاصة القول أننا يجب أن نعتبر من الموت الفجأة؛ لأنه قد يصيبنا، وندعو الله لأصدقائنا وأحبابنا الذين فقدناهم أن يرحمهم ويتقبلهم فى الصالحين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى