آلاء شورى تكتب: إستمتع.. أنت ناقص!
“لا يعرف طعم النجاح، إلا من ذاق الفشل”
لا تنزعج من قولي ناقصاً.. فلك من الفخر والأمل جُرعةً كافية تتزوَّد بها لحين تحقق آمالك وسعادتك من خلال هذا النقص. أي نعم، فبنقصك هذا أنت تكتمل شيئًا فشيئًا. تخيل معي لو كُنت تملُك كُل شيء، تخيل لو وهبك الله كل شيء في هذه الدنيا، ولا ينقصك ولا تنتظر ولا تتمنى ولا تحتاج لشيء أو لأحد. كم من الملل كنت ستشعُر وإنعدام الرغبة وغياب الهدف والغاية من تلك الحياة. لقد خَلقنا الله عز وجل لنكون عوناً لبعضنا البعض، كلٌ يُحقق غاية غيرُه بطريقة مُباشرة أو غير مُباشرة، ومع إكتمال رغباتنا تكتمل معها أنانيتنا أيضاً وتعلو الـ “أنا” وترتفع معها حدة الوحدة والإستغناء وينغمس كلٌ منا في عالمه الخاص والأوحد وبذلك يغيب معنى أساسي من معاني الإنسانية ألا وهو التشارك والمشاركة. هذا على المستوى الجماعي، اما على المستوى الفردي، فبإكتمال إحتياجاتك الدنيوية، يقل شغفك للحياة ورغبتك بالإستمرار فيها. بماذا ستطمح بعد وقد حصٌلت على كل شيء وحققت كل ما رغبت به يوماً، كنت تعيش لحلم ما وبأمل خلقته لنفسك وحققته بطموحك وارادتك وتحملت صعوباته بصبرك ومثابرتك وتوكلك على الله عز وجل.
أما الآن عندما تفقد ذر الـ “NEXT” لتحقيق المزيد من الرغبات فلماذا وبماذا ستعيش؟! كلما إزداد الشعور بالنقص والإحتياج تجاه شيء ما، تزداد الرغبة في الحصول عليه، فتتسع مداركنا لتبحث عن سبل جديدة للوصول إليه، وتعلو لدينا مستويات الطموح والإرادة وحينها نشعر بقيمة الدنيا وسعادتها ولذة الوصول ومعنى النجاح الحقيقي. فإستمتع يا صديقي بكل لحظة نقص، وكل شعور بالرغبة وكن واثقاً بالله وتدابيره وإرضى حتى بالمشقة التي قد كتبها الله لك، فحتى هذه المشقة هي نعمة من عند الله ” الكنز في الرحلة وليس في الوصول” لذلك فان كنزك كان في نقصك منذ البداية، لو لم تكن ناقصاً، لما كنت ستعرف للحياة معنى (الكَنز). فعند تحقيق غايتك تبدأ بالسعي في تحقيق نقصك التالي فتتوالى عليك سعادة تحقيق آمالك وأحلامك بل وإنجازاتك طالما تحيا، وكيف كانت ستتجدد خلايا قلبك بالسعادة إذا لم تشعر بهذا النقص المحرّض على صحوة الأمل وتجديد الشغف وإستعادة معنى الحياة والرضا بقضاء الله وقدره.
لذلك عزيزي استمتع بنقصك الحالي وأنت لم تكتمل بعد، إستمتع لكل كَدٍ وبذلٍ وجَهدٍ حتى بمجرد التفكير للحصول على مُبتغاك، هكذا تحيا وهكذا تثق بربك وتجدد إيمانك. هذا الشعور بالنقص هو السبيل الأكبر لتجديد الأمل بداخلك بإستمرار، وخلق الشغف مُجدداً برُوحك وتكوين شخصية ذات إرادة وفكر وعزيمة، ومن ثم رضوخ قناعاتك لقضاء الله وقدره.
من كان يتخيل أن يُفارقنا نجم الكوميديا العالمي رُوبين ويليامز مُكتئباً مُنتحراً تاركاً من التساؤلات ما يكفي حتى نُعيد حِساباتنا وترتيب أفكارنا ونستفيد من هذا النموذج الذي طَالما أضحكنا وأسعدنا. هذا الممثل الذي حقق كل مُبتغاه بهذه الدُنيا، ولكنه فارقها وحيدًا فاقداً كل هدف ورغبة في الحياة.
فإن في النقص حياةٌ جديدة مُفعمةٌ بالأمل والتجديد، وفي الإكتمال نهاية قد لم يئن الآوان لها بعد بالنسبة للبعض. لذلك فيجب على المرء السعي دائماً وراء إكمال الناقص ثم التعرُف على نقصٍ جديد لتستمر الحياة وتتحقق السعادة.
وهُنا نذكركم بالآيات التي رددّها رسولنا الكريم في آخر خُطبة له “خُطبة الوداع” من على مِنبره الشريف.
” الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي..” فكان ذاك هو المدلول الحقيقي للكمال… النهاية.