د. حسن حماد يكتب: مفكر مولع بحب مصر
أستاذ الفلسفة وعلم الجمال، عميد كلية آداب الزقازيق سابقًا
المفكر علي الشرفاء الحمادي هو في مقدمة المفكرين العرب المهمومين بالشأن المصري، وقد تعجبت عندما وجدت أثناء قراءتي للجزء الأول من كتاب “ومضات على الطريق” عددا من الرسائل المرسلة لعدد من الرموز السياسية بعد ثورة 25 يناير. ومن بين هذه الرسائل، رسالة للمشير محمد حسين طنطاوي.
وقد زاد من دهشتي أن الرجل قد أعد في ذلك الوقت خارطة طريق للمساهمة في النهوض بمصر في هذه الفترة الحرجة من تاريخها، وكان من أهم عناصر هذه الخارطة تصور مشروع متكامل عن قرية مصر الجديدة.
ولم يكن مشروع الشرفاء مجرد تطوير للقرية المصرية القائمة، ولكنه كان مشروعا يستهدف تأسيس قرية عصرية بأيدي الشباب، ومن خلال تخصيص مساحات لا تقل عن خمسة آلاف ونصف فدان من الأراضي الصحراوية المملوكة للدولة والمتاخمة للمدن والمحافظات، بحيث يمكن من خلالها القضاء على ظاهرة العشوائيات، أو كما يقول:
” إن مشروع القرية المصرية يستطيع استيعاب ساكني العشوائيات ، بالإضافة إلى إيجاد فرص عمل للعاطلين من مختلف المستويات والطبقات، محققاً لهم عملاً دائماً وسكناً لأسرهم وعائداً مالياً مناسباً، بالإضافة إلى تقديم خدمات التعليم والصحة والتدريب، والمحافظة على الأراضي الصالحة للزراعة ضمن برنامج يشترك فيه القادرون من أفراد الأُسر الذين سيكونون أعضاء في مشروع القرية المصرية”.
للإطلاع على مشروع القرية كاملًا يرجى العودة إلى الجزء الأول من كتاب “ومضات على الطريق”، الصادر عن مؤسسة رسالة السلام للأبحاث والتنوير، أو على الموقع الإلكتروني للمؤسسة: www.altanwer.com
إن هذا المشروع الذي حلم به الشرفاء منذ عقد من الزمان قد تحقق الآن من خلال هذا المشروع الطموح الذي يقوم به فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي على أرض الواقع من خلال مشروع “حياة كريمة”، وهو مشروع وطني يستهدف تحديث القرية المصرية التي ظلت لعقود طويلة خارج اهتمام الأنظمة الحاكمة في مصر.
ويبدو لي أن عشق علي الشرفاء لمصر وافتتانه بها هو ما جعله يستشرف آفاق المستقبل بهذه الصورة النبوئية، فالحب كما يقولون يصنع المستحيل، ويعبر علي الشرفاء في نهاية رسالته للمشير طنطاوي عن هذا الارتباط الوثيق بينه وبين مصر وشعبها فيقول:
“فإنني مدين لمصر بكل جوارحي، أعيش آمال شعبها، وأتطلع إليها لتكون قادرة على الوفاء بمسؤولياتها القومية، ثابتة الأركان ، قوية البنيان، صامدة على مر الزمان ، قادرة على تسخير كل طاقاتها الخلاقة في سبيل قيادة الأمة العربية لمواجهة تحديات المتغيرات السياسية في القرن الواحد والعشرون . والله يوفقكم في خدمة مصر وشعبها ، ويعينكم على تأدية مسؤولياتكم الجليلة على الوجه الأكمل وأن تجتاز مصر مرحلة عبور جديدة تقودها القوات المسلحة كما قادت الشعب المصري في أعظم ملحمة عسكرية في التاريخ في 6 اكتوبر 1973 ، بتقدير موقفٍ سليمٍ وحكمةٍ تستوعبُ كل أطياف الشعب المصري وإدراكٍ واعٍ لدواعي الأمن القومي”.
إن جسد المفكر علي الشرفاء الحمادي يحيا في دولة الإمارات العربية الشقيقة، لكن عقله وفؤاده يعيشان هنا في مصر، ومتعلقان بكل ذرة في تراب هذا الوطن العزيز.