زكي بملال يكتب: الإنسان ورأس المال
الإنسان ورأس المال …التوازن الغير العادل بين صناعها ونسيجها المستهدف رابط اثيري احكم لوبي رأس المال قبضته على صبيبه بأحكام ليتسلل لعقول المستهلك بإنسياب دون مقاومة.
بعد الأزمة الإقتصادية العالمية التي عرفها العالم بما يعرف بالخميس الأسود في بداية القرن العشرين حيث انهارت أسهم وول ستريت لتعلن عن نهاية التوازن بين العرض والطلب ما كبد اغلب الشركات الكبرى خسائر كبرى جعلتها تعيد ترتيب أوراقها فيظهر علم التسويق اللذي عجل بتعافيها مستعينة بتحالف قذر مع العلمانية كفكر يلغي القيود الدينية والعرفية قصد تحقيق استهلاك شامل والوصول الى معادلة الفرد المنتج والمستهلك في نفس الوقت .
مع نهاية الحرب العالمية الثانية ودخول العالم مرحلة القطبية الثنائية بين واشنطن وموسكو.
انقسم النظام الإقتصادي إلى تيارين،رأس المال الحر اللذي تبناه المعسكر الغربي ورأس المال الإشتراكي أطروحة المعسكر الشرقي اللذي خرج عن سكته مع إنهيار الإتحاد السوفيتي رغم أن النظام الصيني تجاوز الخلل بتطوير المنظومة الإقتصادية لديها بتبني طرح الشراكة مع الرأسمالين الجدد لديه مما عجل بتقاطع مصالح التيارين ليدخل العالم مرحلة الرأس المال الجشع اللذي ساهمت التكنولوجيا الجديدة في رفع وتيرة إبادته للقيم والأخلاق للوصول لأكبر ربح ممكن تحت شعار كل الوسائل مباحة لتحقيق الارقام المسطرة. إلا أن ظهور الإنترنت كان بمثابة الحصان الجامح الذي ركب عليه رأس المال حيث جعله يستغني على الوسائل التقليدية اللتي كان يعتمد عليها للوصول إلى المستهلك … إذا كان رأس المال مجبرا على تخصيص هامش مهم من رقم معاملاته قبل ظهور الانترنت للوبي الإعلام اللذي كان السبيل الوحيد للوصول لعقل المستهلك قبل جيبه سواء كان ورقيا أو مرئيا وكذا اللجوء إلى الكيانات الجديدة المختصة في الاشهار اللتي ظهرت كالفطر في إنتشارها بكل المجتمعات بغض النظر عن هويتها الدينية والثقافية،مشوهة بذلك جمالية كل التجمعات السكانية باللوحات الإشهارية، بمباركة كل السلطات الوصية مادامت تضخ جانبا من ريعها في حساباتها، وامست موردا أساسيا لكل الميزانيات البلدية، والمقاطعات الاقليمية .
فإن الشق الديني والأخلاقي لايزال إلي حد ما غير قابل للتجاوز في أغلب الدول الإسلامية والعربية ،وعلى النقيض من ذالك فلوبي هذا الكيان قد حطم كل الطابوهات في غيره من الفضاءات العالمية، مستغلا مبدأ قدسية الحريات العامة لتسويق كل شيء بمختلف السبل بل وتجاوز الأمر حدوده الاخلاقية والدينية ليصل حد إستغلال الإنسان وأن كانت الأنثى المتضرر الأكبر من هذا الجشع، حيث أظهرت كل الدراسات اللتي أنجزت في هذا المجال عالميا اعتماد كل شركات الإشهار على المرأة كعنصر أساسي في كل خرجاتهم التسويقة بل والأدهى من ذالك ظهور مختصين في هذا المجال ،العمود الفقري لتكوينهم يرتكز على الإلمام بردة فعل الجمهور وتقبله وزاوية المشاهدة الخ..
ظهور الإنترنت شكل علامة فارقة في الوقت المعاصر حيث اتسع مجال إشتغال هذه الكيانات الوسيطة مع إستدراج البشر للعالم الإفتراضي وأحكام قبضته على عقولهم بأحكام،ساعدهم في الموضوع وبشكل كبير إعتماد الانسان على الهاتف المحمول الذي أمسى أحد مظاهر الحياة الضرورية وقد وجد نفسه متلقيا صاغرا في سكناته وتحركاته مما هيأ الارضية الخصبة ومع بداية الألفية الجديدة لظهور شركات التسويق المختلفة كعنصر أساسي لايستغني عنه لوبي رأس المال للثقة اللتي منحها المستهلك لها، نذكر على سبيل المثال لا الحصر (امازون) اللذي تضخم كيانه وأصبح يخيف الإستثمار المنتج بأن أمسى بعبعبا لاغنى عنه والإنصياع لكل شروطه مدام يستحوذ على السوق العالمية حتى لا يتجه لفتح خطوط إنتاجه فيلتهم الجميع بعد أن احتل عقول المستهلك وتحكم حتى في قدرته الشرائية .
المستقبل القريب وحده الكفيل بالإجابة عن مسار هذا التحالف الهجين بين رأس المال والكيانات الوسيطةفي ظل استكانة السوق التامة وانباطاحه امام جبروت الغزو التسويقي المحكم اللذي جعله منه مدمنا متعطشا لبث جديد.
ليبقى التساؤل الأبرز هل يظل الفرد رهين إدمانه والإستكانة لهذا الإحتلال الإفتراضي أم سيثور يوما ما ويبعثر أوراق رأس المال وفلكه.