عبير عزت تكتب: فقط لأنها مصر.

إنها حقيقة واقعة بيّنة واضحة وضوح الشمس؛ إنها الرائدة العظيمة؛ رغم أنف الكارهين الحاقدين الغافلين؛ ليس لأنها حضارة سبعة آلاف عامٍ؛ وأول دولة في العالم تعرف الكتابة؛ وابتدعت الحروف؛ والعلامات الهيروغليفية؛ وأرض الأنبياء والمرسلين؛ أرض الحضارات المتعددة الفرعونية؛ والإغريقية؛ والرومانية؛ ومنارة للحضاره القبطية؛ وحامية الحضارة الإسلامية؛ ولكن لأنها مصر.

هي الحقيقة.. ليس لأن بها خير أجناد الأرض؛ بداية من ملوك وملكات الأسر الفرعونية الذين نالوا شهرة عالمية في ميادين السياسة والحرب والثقافة؛ أحمس بطل التحرير؛ امنحوتب الأول العادل؛ الذي أصدر قانون يمنع السخرة؛ ووضع معايير عادله للأجور؛ تحتمس الأول المحارب؛ الذي وسع الحدود المصرية شمالاً وجنوباً؛ ونشر التعليم؛ وتوسع في فتح المناجم وصناعه التعدين؛ تحتمس الثالث الإمبراطور؛ صاحب العبقرية العسكرية الفذة؛ وأول فاتح عظيم في تاريخ العالم ؛ تحتمس الرابع الدبلوماسي؛ أول من اهتم بتدوين وتسجيل المعاهدات الدولية؛اختانون ؛ رمسيس الثاني، سقنن رع، توت عنخ آمون؛ وغيرهم وغيرهم كثيرون، ليس فقط هؤلاء العظماء من الرجال؛  ولكن النساء أيضاً لهن أدوارا هامة في حياتنا؛ ملكات مصر؛ إياح حتب زوجه الملك سقنن رع؛ نفرتاري؛ حتشبسوت؛ نفرتيتي ؛ وبالطبع لا ننسى شجرة الدر، وهؤلاء علي سبيل المثال لا الحصر؛ ومن الماضي إلي التاريخ الحديث نجد الزعيم جمال عبد الناصر مؤمم القناة وباني السد العالي ومحرر الشعوب؛ والشهيد العبقري محمد انور السادات أسطورة الحرب وبطل السلام ؛ مروراً بقائد سلاح الجو في نصر أكتوبر الرئيس محمد حسني مبارك؛ وصولاً إلي بطل الأزمات ومتحدي الصعاب؛ الرجل لايعترف بالخوف؛ ولا يوجد في قاموسه كلمة  الاستسلام؛ ولايعرف الضعف؛ رمز القوة والصلابة؛ الحنكة والفطنة؛ القائد والزعيم عبد الفتاح السيسى الرجل الذي إذا قال فعل؛ ولكن لأنها مصر.

نعم هي الحقيقة.. ليس فقط بما ذكرته؛ ولكنها الحقيقة الواضحة للناس أجمعين؛ فعندما تُذكر مصر فى أعظم كتاب عرفته البشرية وهو القرآن الكريم فى ثمانية وعشرين موضعا؛ منها ما هو صريح ومنها غير المباشر ؛ فقد ذُكرت مصر صراحةً فى القرآن الكريم خمس مرات فى قوله تعالى في مُحكم آياته: {اهبطوا مصراً فإنَّ لكم مَّا سألتم} (البقرة :61)؛ {وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوَّءا لقومكما بمصر بيوتاً} (يونس:87)؛ {وقال الذي اشتراهُ من مصر} (يوسف:21) ؛ {ادخلوا مصر إنشاء الله آمنين} (يوسف :99) ؛ {قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ} (الزخرف:51) ؛ وذكرت سيناء مرتين : {وشجرة تخرج من طور سيناء} (المؤمنون:20) . {وطورسينين} (التين:2) .

وتذُكرت بشكل غير مباشر فى قوله تعالى:” وَجَاء رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ” (القصص20) ؛ والمقصود بالمدينة هنا بقعة بأرض مصر؛ ” قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ ” ( يوسف55 )؛  ” وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِي فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُم مَّا كَانُوا يَحْذَرُونَ”  ( القصص6) ؛  والأرض هنا المقصود بها مصر؛  وقد ذُكرت مصر فى عشر مواضع باسم الأرض فى القرآن الكريم؛ كما ذكر عبدالله بن عباس؛ فهذه هي مصر.

وما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ذِكر مصر قوله صلى الله عليه و سلم : (ستُفتح عليكم بعدى مصر فاستوصوا بقبطها خيرا فإن لكم منهم ذمة ورحما ) رواه مسلم؛ و قوله صلى الله عليه و سلم : (إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا بها جندا كثيفا فذلك الجند خير اجناد الأرض ، قال أبو بكر لم يارسول الله؟ قال : لأنهم وأزواجهم فى رباط إلى يوم القيامة )؛ فهذه هي مصر.

وعندما يقول عبد الله بن عمرو: لما خلق الله آدم؛ مثل له الدنيا؛ شرقها وغربها؛ وسهلها وجبلها؛ وأنهارها وبحارها؛ وبنائها وخرابها؛ ومن يسكنها من الأمم؛ ومن يملكها من الملوك، فلما رأى مصر؛ رآها أرضاً سهلة؛ ذات نهرٍ جارٍ مادته من الجنة؛ تنحدر فيه البركة؛ و تمزجه الرحمة، ورأى جبلاً من جبالها؛ مكسواً نوراً؛ لا يخلو من نظر الله إليه بالرحمه؛ فى سفحه أشجار مثمرة فروعها فى الجنة؛ تسقى بماء الرحمة ، فدعا فى النيل بالبركة، ودعا فى أرض مصر بالرحمة والبر والتقوى، وبارك على نيلها وجبلها سبع مرات؛ وقال : يا أيها الجبل المرحوم ، سفحك جنة وتربتك مسك، يدفن فيها غراس الجنة ، أرض حافظة مطيعة رحيمة ، لا خلتك يا مصر بركة ، و لازال بك حفظ ، ولا زال منك مُلك و عز ؛ فهذه هي مصر.

مصر دولة لها طابعها الخاص؛ نعم فيها الصالح وفيها الطالح؛ لكن شعب مصر – إجمالاً – فريد من نوعه؛ شعب صافي القلب؛ تملؤه الإنسانية التي أوشكت أن تختفي من هذه الدنيا؛  شعب محب؛ متعاون؛ كريم؛ طيب؛ مؤمن بالله؛ شهم ؛ معطاء؛ واثق في ربه ونصره؛ واثق في نفسه وقدراته؛ لا يتهاون مع الظلم؛ ولا يقبله لغيره قبل نفسه؛ وخير دليل علي ذلك ؛ ماحدث مؤخراً من ظلم وقهر ومحاوبة إذلال وقتل لشعب فلسطين؛ لم يقبله المصريون بمختلف أطيافهم ؛ وبالطبع رفضه زعيم الشعب المصري عبد الفتاح السيسي؛ فتدخلت مصر بكل ثقلها؛ وأستطاعت إيقاف شلال الدم العربي في غزة؛  فما فعاته مصر يكل شموخ وقدرة وحنكة وشجاعة إن دلّ علي شئٍ؛ فإنما يدل علي عظمة مصر وشعبها وقيادتها ؛ وقدرتها الفاعلة علي الدفاع عن أشقائها العرب؛ وأن لهذه الأمة حقاً درعٌ وسيف .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى