مني النمر تكتب: عندما تتغير الثوابت
كلما عدنا بالزمن إلى الوراء تزداد الأشياء صدقا و بريقاً وجمال ، كانت الأحاسيس والمشاعر صادقة ، كانت البيوت عمرانه بالإيمان ، بنفوس بريئة و أحلام بسيطة ، كان الأخ سند والعائلة أمان ، وكبير العائلة مطاع بإحترام ، كان الزوج عمود البيت ، كان الصديق فعلاً صديق …
لم تعد المسلمات التى نشأنا عليها كما هى ، بل تغيرت عشرات المرات ، وكل مرة نسخة أسوء من قبلها ، لقد تغير كل شيء ؛
و لم يعد هناك شخص عاش دون أن ذاق معاناة ألم أو غدر من صديق أو حبيب أو قريب .
أصبحنا نعيش اختبارات وصدمات لا تنتهي ؛
حتى باتت القلوب متحجرة وحذرة من حب الآخرين …!
و لم يعد الجرح و الألم محصور في قصص الحب ، بل تمدد ليشمل الأصدقاء ، و الأقارب و الإخوة ..
أصبحنا نعيش في توتر دائم وقلق و إنتظار ، وتصيبنا أحيانا حالات من التوهان والعصبية وأحيانا التمرد والجنون ، نحاول أن نحكم على مانرى بحسب اعتقادتنا فيصيبنا الإحباط …!!
أصبحنا فى عالم تحكمه التكنولوجيا و الإنترنت ويسيطر عليه العنف و القوة و المصلحة …
فزمن المشاعر قد ولّى إلى غير رجعة ..
حدث هذا عندما رأينا القبح منتهى الجمال ، و الكذب منتهى الذكاء ….
عندما تبدلت لدينا المرادفات و المصطلحات ، فأصبحت كلمة أناني حب و تقدير للذات ، و الطيبة سذاجة ، و الشهامة تهور … !
عندما تغيرت الثوابت و أصبح الحق باطل و الباطل حق ؛
عندما أصبحت المشاعر تقاس بالماديات ، من يملك يستحق ، من لا يملك لا يستحق … !
فلم نعد نرى حلاوة الروح شيئاً مهماً ، و لم يعد الصدق و الحنان و النخوة و الإيثار ، من متطلبات هذا الزمان ، فما كان زمان لم يصبح الآن فى الإمكان ..
أخشى أن نذهب لطريق اللاعودة ، طريق تتجمد فيه المشاعر ، أن يمر كل شئ عادي ….
ناسين متعمدين هجر كل شيء جميل بدعوة أنه من الضعف ، أو من الماضي ..!
حينها سنجبر على التخلي عن عفويتنا وإخفاء الشخص الحقيقي القابع داخلنا خوفاً من لحظة ألم جديدة …!
والسؤال هنا : هل كلنا فعلاً ضحايا … !
إذا فأين الجناة ؟
هل نحن الخيرين فقط و باقى الكون أشرار ؟
كلنا قد نكون ضحية فى فترة من الفترات ، وقد نكون الجناة فى فترات أخرى …
هكذا نحن الأبيض و الأسود معا ..!
إذا كيف السبيل للنجاة و كيف نتخطي هذه التناقضات و الإحباطات … ؟
للوصول إلى ذلك علينا بإتباع هذه الخطوات …
الخطوة الأولى : يجب أن تكون هناك وقفة مع النفس ؛
فإذا ما أردنا أن لا نظلم لا نظلم و إذا ما أردنا أن لا نباع لا نبيع و إذا ما أردنا أن لا نقهر لا نقهر ….
هذه هي المعادلة …!
عامل كما تحب أن تتعامل .. !
الخطوة الثانية : علينا أن نحرر أنفسنا من سجن مشاعرنا السلبية وغضبنا ، فهناك دوماً فرصة ثانية للبدء من جديد.
الخطوة الثالثة : علينا التخلي عن الحبيب أو الصديق الذي غدر بنا …
فلا ينفع تركيب الزجاج بعد كسره …. !
الخطوة الرابعة : ألا نجبر أنفسنا على الإستمرار مع شخص لا يستحق محبتنا و ثقتنا ؛ لأنه عذاب يومي لانتستحقه .
و لنعلم أن هناك دائما أشياء وأناس قابلة للإصلاح وتستحق فرصاً ثانية ، ولكن هناك أيضاً من سيستغلنا ولن يحبنا المحبة الحقة التي نستحقها .
فإذا ما خدعنا مرة ، لا ننتظر الثانية …
و علينا أن نصغ إلى حدسنا فهو المخلص الحقيقي لنا ،
فالقلب أبصر من العين أحياناً كثيرة …
و فى النهاية المشاعر الإنسانية الصادقة هي الأبقى و الأقوى وهي التي تسبب التوازن و الإستقرار لحياتنا …
فلنحاول العيش بهدوء وسلام والاستمتاع بانسانيتنا وإظهار مشاعرنا الصادقة….
فبدون الحب و الصدق و الأمان لا يمكن أن تستقيم الحياة وكل شيء يتحول إلى سراب ..