تقى السيد تكتب: المرأة من التكميم إلى التمكين

“لا تقوم الأمم ولا تُبنى الحضارات إلا على أكتاف المرأة”  جُبران خليل جُبران.

يُعَدُّ “التمكين” هو القُدرةُ علي القيامِ بالمسؤلياتِ وصولاً إلى التفوقِ والنجاحِ فهو بذلك وسيلةً وليس غايةً.

إن للمرأةِ دورٌ هامٌ وبارزٌ في المجتمعِ وخاصةً الصغير قبل الكبير؛ فهي التي تلدُ وتربي أجيالاً بل أممًا بأسرها، فهي السكنُ والأمانُ لزوجِها وولدِها وفخرٌ لأبيها وعزةٌ لإسلامها.

كانت المرأةَ قبلَ الإسلامِ وحتي في العصورِ الوسطي مسلُوبةَ الحقوقِ والإرادةِ والحريةِ إذ كانت مُهملةً مُهمشةً لا أحدَ يُقَّدِّرُ ويعرفُ قيمتَها فكانت هيَ بمثابةِ الجوهرةِ في الوحلِ إذ كانت تُوَرثْ وتُقْتَل وتُهان وتُدفن حية وفقًا للإعتقادِ المريضِ السائدِ قديمًا أنها وصمة عار تلحقُ بأهلِها… حتي جاءَ الإسلاُم وأكرمَها وأعلي من شأنِها ومكنها ومنحها حقوقًا كثيرةً لا تُحصَي ولا تُعد فأصبَح لديها حقًا في الإرثِ وابدايء الرأي والعمل والتعليم… أحست المرأةُ بإحتياجِها إلي الحريِة والعلمِ وإثباتِ الذات فذهبتْ مُطالبةً لها فأعاطَها الإسلامُ هذا الحقُ فأصبحت مُعلمةً تُعَلِّمُ وتتعلم حيثُ كانت السيدةَ عائشةَ أفقهُ نساءِ الأُمةِ ومن الصحابياتِ المُكثِراتِ في روايةِ الأحاديث عن النبيِّ صلي الله عليه وسلم واشتغلتُ المرأة في التجارةِ وأيضًا شاركت في الحروبِ والغزواتِ مدافِعةً عن وطنِها ومعتقدِها لم يقتصرْ دورُ المرأةِ في الغزواتِ علي تقديمِ الدعمِ اللوجستيّ وهو مداوةُ الجرحي وامداد الجيوش بالطعام والشراب والرماح بل كان هناك نساءٌ رائداتٌ لديهنَّ شجاعةً واقدامًا شاركن في الغزوات وحاربنَ ودافعنَ عن الأوطانِ بإستماتةٍ أمثالُ (أم عمارة) وأيضا مَكَّنَ الاسلامُ المرأةَ من الزعامةِ فأصبحتْ زعيمةً للنساء المشاركات في الحرب أمثال (أسماء بنت يزيد) في غزوة خيبر.

ومن هنا استطاعت المرأةُ أن تُغيرَ فكرةَ ذَوي العقولِ المريضةِ عنها بأنها خُلِقَتْ للإستمتاعِ فقط فأثبتتْ قيمَتَها وأَهميتَها.

حيثُ أصبحت سفيرةٌ عن بلدِها مُمثلةً لمجتمعِها أمثال ديانَا حيثُ كانت مُفكرةً وأديبةً وشخصيةً سياسيةًواجتماعيةً وأيضًا استطاعت “نبوية موسي” أن تحصلَ علي شهادةِ البكالوريا وشغلت منصبَ ناظرةً مِصريةً لمدرسةٍ ابتدائية عام 1886 م…. وأيضا عام 1919م استطاعت المرأة أن تتمردَ وتعبرَ عن رفضِها للإحتلالِ في مِصرَ فكانت صفية زغلول صاحبةُ الزعامةُ النسائيةُ التي حركت النساءَ ضدَّ الجهلِ والتقاليدِ الواهيةِ والجمود الفكريّ حيثُ خرجت المرآةُ أنذاك مُتحررةً من الحجابِ الفكريّ والتخمر ِالعقائديّ فأسهمت في العملِ السياسيّ والتكوينِ الحزبيّ لدفعِ عجلةِ التنميةِ والإصلاح.

وبهذا تمكنت المرأةُ في اثباتِ نفسِها أمامَ كلِّ الجُمُوعِ متحديةً بذلك العقولِ والافكارِ المضادة لها، عرِفت البشريةُ فضْلِها وقيمتها في أرجاءِ العلم فذعنوا وأقروا بها مما أسفرَ علي تمكينها واعطائِها الحقِ في المشاركة السياسيةِ والاقتصاديةِ والاجتماعيةِ والتعليمة وأيضا الدينية بما يتناسب مع طبيعتِها حِفاظًا وحمايةً لها.

وبالمثالِ يتضحُ المقالِ

فعلي الصعيد السياسي؛ سعت المرأةُ وجميعُ الأحزابِ المؤيدةِ لها لتمكينها في الحياةِ البرلمانية وانخراطِها ضمنَ فعالياته للحفاظ علي حقوقِهنّ والدفاعِ عن المصالحِ العامة للوطنِ.

وعلي الصعيدِ الفني لها تاريخ عظيم منذُ الملاحمِ الشعرِية واالادبية فأظهرت ابداعَها وتفوقَها منذُ العصرِ الجاهليّ وما قبلِه فكانت كاتبة مثقفة وأديبة بليغِة وحتي آواخرَ القرونِ التاسع عشر والعشرين تمكنت من اظهارِ ابداعِاتها في الفنونِ التمثيليةِ والغنائيةِ والمسرحيةِ اظهارًا دلَّ علي اتقانِها للقيمةِ الفنية والجمالية الجوهرية،أما الناحية العلمية تمكنت اليوم َمن تسجيلِ الابتكاراتِ والاختراعاتِ واجراءِ التجارب، فكان لها السبق في كثير من المجالاتِ العلمية التي أفادت البشرية، وعلي الصعيدين الديني والروحي كانت المرأةَ ولا تزال الدعمَ والاستقرارَ بدورها كأم وزوجة وأخت وإبنة حيث إحتضنت وربت متمسكةً في ذلك بِقيمِها الدينية والخُلُقيّة فكانت ولا زالت منوطة بالتربية واعطاء الحب ومنح السكينة والسكن في المحن والرحمة لتخفيف الضغوطات والأعباء النفسية والحياتية.

وأخيرا وليس بآخرًا، ففي تمكين المرأةِ الناجحة والمبدعة حياة…

كفانا شعاراتٍ واهيةٍ حول كونها نصف المجتمع لأنها المجتمع بأسرة فهي تلد وتُربي وتُمَكِن وتتمكن وبصلاحها يَصْلُح حالِ الأُمة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى