محمد عبد التواب يكتب: القوى الناعمة و مستقبل مصر

إن من المصطلحات الحديثـــة التى ظهــرت مؤخرا مفهـوم القوى الناعمة مثــله مثل مفـاهيـــم جديــده دخـلت علم السياســــة كالدولة العميقه مثلا فما هو مفهوم القوى الناعمة soft power  هوإستقطاب آخــرين وجــذبهم عبــرآليــات تقـوم على الاقناع و الجاذبية بالاعتماد بشكل اكبر على مــوارد ناعمة غيـــر ماديــة مثل الثقافة والقيـم السياسية و شرعيـــة السياسات الخارجية لتحقيـــق النواتــج المنشــوده , ومما يميزها عن باقى القــوى الاخــرى المؤثرة للدول مثل القوى العسكرية و الاقتصادية ’ فهناك معيران اسياسيان هما :

الاول : نعومة اساليب ممارسة القــوة التى تعنى تراجع الطابع المادى وغلبة الطابع المعنوى النفسى الفكرى من خلال القدرة على التأثير فى الآخرين عبر الآليات الجاذبة او الاستقطابية التعاونية او الاقناع .

الثانى: هو نعـــومة موارد الدولة او ما يسمى القدرة على تحقيـــق الاهــــداف المرغوبه من خلال جاذبيـــة الدولة و صورتها الذهنيــة الايجابيـــة التى تعتمد اعتمــادا كليا على مـــوارد يغلب عليها الطابــع غير المادى , وهو مثــل ثقافـــة الدولة ومبادئها وقيمها وسياساتها الداخليـــة و الخارجية على نحو يحقــق ويخلــق تعاطفا من الدول الاخرى مع سياساتها و اهدافها.

فهذا المفهوم يعتمد اساسا على ثقافـــة قومــية و سياســــات جذابة , علما بان التوجهات الحديثــــة فى القـــوى الناعمة لا تمنع اطــلاقا ان تكون موارد القوى الصلبة او الماديـــة هو احد الموارد الهامة فى القوة الناعمة , وبذا تنتج الجاذبية و الاستمالة عن مصادرعسكرية او اقتصادية من خلال إعجاب الاخرين بالدولة  للنجاح الاقتصادى والتفوق العسكرى واستخدامه لاغراض انسانية مشروعه وهامة .

ولذا تكون المنتجات الابداعيــــة و الثقافيــــــة فى مقدمــة القوى الناعمة لمصر و مستقبلها , حيث ترتكز على مبـــدأ هام وهـــــو توافر رأس مال بشرى مبدع و قادر على الابتكار و التجديد المستمر و انتاج خدمات وسلع رمزيه مثل الرؤى و التجارب و الصور و الموسيقى و التصاميم من خلال الاستثمار فى اصول غير ملموسة .

وفيما يلى نفيد ببعض المؤشرات الاقتصادية و التكنولوجيا الدولية و التى توضح اداء مصر فى نقطة انطلاقة مناسبة جدا نحو تطوير نفسها فى القوى الناعمة و عودتها مرة اخرى فى قيادتها فى محيط الوطن العربى و الشرق الاوسط

اذ ان مصر تحتل حاليا المركز43 فى مؤشرصادرات الخدمـــات الابداعيــــــة و الثقافية وتحتل المركز 39 فى مؤشر صادرات السلع الابداعية بدليل المعرفة العالمى فى عام 2018 .

ومن ناحية اخرى تقدر معدلات ادائها بدليل الابتكار العلمى بالمركز 28 من ضمن 126 دولة فى مجال السلع الابداعية , وبهذا تعتبر التقارير الدولية للابداع و الابتكار ان هذا الاداء يتعبر كاحد النقاط التميز النسبى فى مجال القوى الناعمة وهذا قد يتطلب زيادة إستثمارات مصر فى الاصول الغير ملموسة و المرتبطة بمجالات القوى الناعمة مثل حقوق الملكية الفكرية فقد حققت مصر فيها المركز 69 عالميا و انتاج العلامات التجارية حققت المركز 101 دوليا , و التصميمات الصناعية حصلت على المركز 57 عالميا .

ولان مصر لديها من القوة الناعمة ما سبقت به الدول الاخرى , فمن واقع تاريخها السابق فى الحضارة و الثقافة منذ فجر التاريخ حيث تشهد الحضارة الفرعونية و التاريخ الاغريقى فى وجود مكتبة الاسكندرية و ما تركه الرومان فى مصر من حضارة ثم التاريخ القبطى ثم التاريخ الاسلامى منذ فتح مصر فى عهد عمرو بن العاص , ومرورا بمصر الفاطمــــــية و العصر العثمانى و الحضارة المسيحية منذ رحلة العائلة المقدسة ووجود العديد من الكنائس

لذا فإن القوى الناعمة لها استراتيجية يجب ان يكون لها ابعاد متعدده وخاصة ابعاد سياسية و إجتماعية و دينية و اعلامية و اقتصادية و امنية ولابد من التركيز على المناهج التعليمية فى جميع مراحل التعليم و تجديد الخطاب الدينى من خلال نشاط و برامج مؤسسة الازهـــــــر و الاوقاف حتى يتم التوصل الى رؤية مستنيرة لكل الائمة و الشيوخ و العلماء .

وفى الخاتمة مما تقدم و تم ذكره يوضح ان صياغة مصر لاستراتيجية تنموية و رسم سياسات من شانها تأكيد دورها و تميزها النسبى فى مجال القوى الناعمة من خلال زيادة حجم انتاجها و صادراتها من السلع و الخدمات الابداعية و الثقافية بهدف عودتها وقيادتها مرة اخرى وعودة تأثيرها الثقافى فى الوطن العربى و الشرق الاوسط يعد امرا على درجة عالية من الاهمية .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى