أسماء إبراهيم تكتب: النفس والسعادة

السعادة.. لا يُوجد تعريف صريح للسعادة فهي نسبيه تتفاوت من شخص لآخر وفقاً لرؤيته لها ومُسبباتها من وجهة نَظره. فالبعض سعادته تكمُن في مُساعدة الآخرين، والبعض سعادته في رضا والديه، ومنا من يجد السعادة في وجبة لذيذة أو فنجان قهوة برفقة صديق. السعادة هى غاية كل منا في الحياة نسعي دائما لتحقيقها لرضا النفس ومواصلة السعي.

أما النفس فقال بعض العُلماء بأنها هي ذلك النشاط الذي يُميز الكائن الحي ويُسيطر على حركاته. فصورها البعض بأنها القوة الخفية التي يحيا بها الإنسان.

والنفس البشرية إما طيبة وإما خبيثة إستناداً لقوله تعالى “وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا ۝ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا” ولكل منهم أساليبها التي تجعلنا نشعر بالسعادة.

أولا.ً. النفس الطيبة:

هي التي لا تقوى أن تبتعد قيد أُنملة عن كُل خير يُقربها إلى ربها، وعن كل ميدان تجد أنه الأمثل في صُنع الأثر الطيب ومنها:

١.   النفس العطاءة الكريمة والتي يجد أصحابها سعادتهم في إسعاد الآخرين وفي الإيثار علي أنفسهم و لو كان بهم خصاصة. فالشخص الكريم يجد سعادته في قضاء حوائج غيره فهو يُسعد ليَسعد. يقول فيليب توبلر: “لست بحاجة إلى أن تُصبح شهيدًا للتضحية بالنفس كي تشعر بالسعادة، لكن القليل من الكرّم سيكون كافياً”.

٢. النفس الطموحة هي تلك النفس المليئة بالأمل والتي لا تعرف لليأس عنوان سعادة صاحبها في تحقيق ذاته والوصول لأهدافه  فكلما تفوقت وإجتهدت وإقتربت من أهدافها وحققتها كانت سعادتها بما أنجزت دافع للوصل للأفضل، ويعتقد الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو إن السعادة تتمثل في الطموح، فالتطلع إلى مُستقبل أفضل وحياة أكثر حُرية وكرامة هو السعادة عينها، ولا سعادة بغير طُموح”.

٣.  النفس الراضية القنُوعة، يقول الكاتب الروائي مارك توين أن السعادة قناعة. إن الرضا بقضاء الله خيره وشره يُهذب النفس ويمنعها التمرد ويجعل من صاحبها قادراً علي التوافق مع ما حوله من مُعطيات توجه سلوكه للتغيير وتبديل الحسن للأحسن والسئ للأفضل وفي النهاية الوصول لحياة ملئها السعادة.

٤. النفس الخلاقة وهي تلك النفس الإبداعية التي لا يقف صاحبها مكتُوف الأيدي ودائما ما يسعي لخلق الجمال. والإبداع هو كيف تتعامل مع الأشياء المألوفة بشكل غير مألوف تشعر معها بالسعادة، أنت مُبدع فأنت تحب التجديد، تستطيع التعامل مع ما حولك بمرونه وتطوع الصعاب لتجد حلول للمشكلة دون أن تقف مكتوف الأيدي مُستسلماً للواقع.

فتجد مما ذكرنا عن النفس الطيبة ان سعادة أصحابها مُرتبطة بالسعاده الآخرين، سعادة في الأخذ والعطاء فكل طرف يُكمل الآخر.

ثانياً.. النفس الخبيثة:

تلك النفس التي لا تُبالي بمن حولها، الأنانية مُسيطرة عليها وتُبيح لها كل شئ للوصول لغايتها.. وتجد منها:

١.  النفس البخيلة تلك التي يشعُر صاحبها بسعادته في عدم التفريط بالمال أو المشاعر، لذته وسعادته في الأخذ دون العطاء ولا يهتم بمن حوله فتجدهم دائما في ضيق منه ليس فقط لضيق العيش ولكن لبُخله حتي في التعبير عن مشاعره تجاههم.

٢. النفس الوصولية والتي دائماً ما يشعر صاحبها بالسعادة في الإنجاز، الطموح من سِماتها ولكن علي حِساب غيره وعندما يصل لمبتغاه يجد نفسه وحيداً لإنه بني سعادته علي الكذب والرياء وإستغلال ثقة الآخريين.

٣. النفس الطماعة هذه النفس التي في حالة شهوة مستمرة ورغبه دائمة في إقتناء ما تحتاج وما لا تحتاج حيث يُشعرها هذا التملك بالسعادة المفرطة لأنها ليست بأقل من فُلان أو فُلانة ولديها نفس ما لديه وهذا النوع من النفس سعادته ذائفة وهمية يلهث في دنياه وراء رغباته لا يشعر بالشبع ولا بالرضا بما لديه.

٤. النفس المسيطرة والتي تُغذي صاحبها علي التحكم في الآخرين إحساسه بالنفوذ والسيطرة علي مقادير من حوله يشعره بالسعادة يتصور أنه أمتلك عصا موسي التي تجعل من الجميع طائعاً له إلا إنه نفوذ غير دائم مهما طال تزول نشوة السعادة به بزوال القوة.

٥. النفس النرجسية هذه النفس التي تُحب ذاتها فوق الجميع، سعادة أصحابها في كثرة الإهتمام بهم، في الخضوع لهم، هو المرغوب به دائماً فلا يستطيع أحد أن يرفض له طلباً، صاحب هذه النفس كالطاووس، إعجاب من حوله به يُغذي غُروره ويُشعره بالفخر الدائم والسعادة المفرطة.

وكما نري النفس الخبيثة سعادتها في إشباع نفسها فقط فهي كالنار تُضئ وتُبهر الناظرين ولكنها تأكل نفسها حتي تخمد وتنطفئ ومع أول هبات ريح يتطاير رَمادها ولا يبالي له أحداً.

يقول د.ساجد العبدلي: أن غاية تكامل السعادة هي السلامة، وغاية السلامة هي السلام، وغاية السلام هى التصالُح مع الذات ومع العالم.

فكُن جميلاً… تكُن سعيداً

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى