“إندبندنت”: بريطانيا وفرنسا أجهضتا مفاوضات كادت تنقذ القذافي

كتبت/ ميثاء راشد

كشف‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬النرويجي‭ ‬السابق،‭ ‬جوناس‭ ‬ستور،‭ ‬أن‭ ‬بلاده‭ ‬قادت‭ ‬مفاوضات‭ ‬سرية‭ ‬لحل‭ ‬الأزمة‭ ‬الليبية‭ ‬سلمياً‭ ‬في‭ ‬2011،‭ ‬كادت‭ ‬تنقذ‭ ‬الزعيم‭ ‬الليبي‭ ‬الراحل‭ ‬العقيد‭ ‬معمر‭ ‬القذافي،‭ ‬لكنه‭ ‬اتهم‭ ‬بريطانيا‭ ‬وفرنسا‭ ‬بإجهاضها‭.‬

جاء‭ ‬الإعلان‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬المفاوضات‭ ‬بالتزامن‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬10‭ ‬سنوات‭ ‬على‭ ‬إطاحة‭ ‬الثورة‭ ‬الليبية‭ ‬بنظام‭ ‬معمر‭ ‬القذافي،‭ ‬الذي‭ ‬قُتل‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬أكتوبر‭ ‬2011‭ ‬بمدينة‭ ‬سرت‭.‬

وذكرت‭ ‬صحيفة‭ ‬‮«‬إندبندنت‮»‬،‭ ‬أن‭ ‬أطراف‭ ‬النزاع‭ ‬اتفقت‭ ‬على‭ ‬مقترح‭ ‬قدمته‭ ‬النرويج‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬تنحي‭ ‬القذافي،‭ ‬الذي‭ ‬حكم‭ ‬البلاد‭ ‬لمدة‭ ‬42‭ ‬عاماً،‭ ‬وأن‭ ‬يترك‭ ‬السياسة‭ ‬نهائياً،‭ ‬مع‭ ‬الإبقاء‭ ‬على‭ ‬باقي‭ ‬مؤسسات‭ ‬الدولة‭ ‬بلا‭ ‬تغيير‭.‬

واتهم‭ ‬جوناس‭ ‬ستور،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يقود‭ ‬المفاوضات‭ ‬السرية‭ ‬بين‭ ‬القذافي‭ ‬والمعارضة‭ ‬الليبية‭ ‬حينذاك،‭ ‬فرنسا‭ ‬وبريطانيا‭ ‬بمعارضة‭ ‬المفاوضات،‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬كانت‭ ‬قريبة‭ ‬من‭ ‬إنهاء‭ ‬الحرب‭ ‬الأهلية‭ ‬سلمياً‭.‬

‮«‬إصرار‭ ‬كاميرون‭ ‬وساركوزي‮»‬

ووفقاً‭ ‬للصحيفة،‭ ‬فإن‭ ‬هذه‭ ‬التصريحات‭ ‬تؤكد‭ ‬الاتهامات‭ ‬التي‭ ‬وُجهت‭ ‬إلى‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬البريطاني‭ ‬آنذاك،‭ ‬ديفد‭ ‬كاميرون،‭ ‬والرئيس‭ ‬الفرنسي‭ ‬الأسبق،‭ ‬نيكولا‭ ‬ساركوزي،‭ ‬بإصرارهما‭ ‬على‭ ‬تغيير‭ ‬النظام‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭ ‬بأي‭ ‬ثمن‭.‬

وقال‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬النرويجي‭ ‬السابق‭: ‬‮«‬شعرت‭ ‬أن‭ ‬مقاربة‭ ‬لندن‭ ‬وباريس‭ ‬لم‭ ‬تقبل‭ ‬بالتفكير‭ ‬في‭ ‬الخيار‭ ‬الدبلوماسي‮»‬،‭ ‬مضيفاً‭ ‬أن‭ ‬البلدين‭ ‬‮«‬لم‭ ‬يبديا‭ ‬نية‭ ‬للنظر‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬خيار‭ ‬آخر،‭ ‬خارج‭ ‬الحل‭ ‬العسكري‮»‬‭.‬

وأضاف‭ ‬ستور‭: ‬‮«‬لو‭ ‬أبدى‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬حينها‭ ‬إرادة‭ ‬للمضي‭ ‬قدماً‭ ‬في‭ ‬المفاوضات،‭ ‬لكانت‭ ‬هناك‭ ‬فرصة‭ ‬لتحقيق‭ ‬نتائج‭ ‬أقل‭ ‬مأساوية،‭ ‬وتجنب‭ ‬انهيار‭ ‬الدولة‭ ‬الليبية‮»‬‭.‬

‭ ‬وتشير‭ ‬حصيلة‭ ‬جديدة‭ ‬لمرصد‭ ‬‮«‬آيرورز‮»‬،‭ ‬المعني‭ ‬برصد‭ ‬الضحايا‭ ‬المدنيين،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ألف‭ ‬مدني‭ ‬سقط‭ ‬منذ‭ ‬اندلاع‭ ‬الثورة‭ ‬الليبية،‭ ‬وحتى‭ ‬سقوط‭ ‬القذافي‭.‬

اجتماع‭ ‬مع‭ ‬نجل‭ ‬القذافي

وصوتت‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬17‭ ‬مارس‭ ‬2011،‭ ‬لصالح‭  ‬التدخل‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬ليبيا،‭ ‬وشنت‭ ‬طائرات‭ ‬حلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ ‬عمليات‭ ‬قصف‭ ‬ضد‭ ‬القوات‭ ‬الليبية‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬أشهر،‭ ‬دعماً‭ ‬للثوار‭.‬

وقال‭ ‬ستور‭ ‬لـ‭ ‬‮«‬إندبندنت‮»‬،‭ ‬إن‭ ‬مسؤولين‭ ‬نرويجيين‭ ‬رفيعي‭ ‬المستوى‭ ‬كانا‭ ‬في‭ ‬القصر‭ ‬الرئاسي‭ ‬في‭ ‬طرابلس‭ ‬مع‭ ‬سيف‭ ‬الإسلام‭ ‬القذافي،‭ ‬الابن‭ ‬البارز‭ ‬لمعمر‭ ‬القذافي،‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬ذاته‭ ‬الذي‭ ‬صدر‭ ‬فيه‭ ‬قرار‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭.‬

وأضاف‭ ‬أن‭ ‬سيف‭ ‬الإسلام‭ ‬دعا‭ ‬المسؤولين‭ ‬النرويجيين‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التفاوض،‭ ‬على‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬القذافي‭ ‬كان‭ ‬يتوعد‭ ‬علناً‭ ‬بـ»سحق‭ ‬المتمردين‮»‬‭.‬

وشاركت‭ ‬النرويج‭ ‬ضمن‭ ‬الحملة‭ ‬العسكرية‭ ‬التي‭ ‬قادها‭ ‬حلف‭ ‬شمال‭ ‬الأطلسي‭ ‬في‭ ‬ليبيا‭. ‬وبالتزامن‭ ‬مع‭ ‬ذلك،‭ ‬كان‭ ‬وزير‭ ‬خارجيتها‭ ‬يقود‭ ‬المفاوضات‭ ‬السرية‭ ‬بين‭ ‬أطراف‭ ‬النزاع‭ ‬الليبي‭ ‬في‭ ‬النرويج،‭ ‬بأمر‭ ‬من‭ ‬رئيس‭ ‬الوزراء‭ ‬النرويجي‭ ‬آنذاك،‭ ‬ينس‭ ‬ستولتنبرغ‭.‬

صياغة‭ ‬الاتفاق

وفي‭ ‬27‭ ‬فبراير‭ ‬2011،‭ ‬نجح‭ ‬ستور‭ ‬في‭ ‬عقد‭ ‬أول‭ ‬لقاء‭ ‬مباشر‭ ‬وسري‭ ‬بين‭ ‬مسؤولين‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬القذافي‭ ‬وممثلي‭ ‬المعارضة‭ ‬الليبية‭ ‬في‭ ‬غرفة‭ ‬بأحد‭ ‬فنادق‭ ‬العاصمة‭ ‬النرويجية‭ ‬أوسلو‭.‬

وشارك‭ ‬في‭ ‬الاجتماع‭ ‬مساعد‭ ‬القذافي‭ ‬الوفي،‭ ‬محمد‭ ‬إسماعيل،‭ ‬برفقة‭ ‬سيف‭ ‬الإسلام‭ ‬القذافي،‭ ‬بينما‭ ‬مثل‭ ‬المعارضة‭ ‬الليبية‭ ‬في‭ ‬الاجتماع،‭ ‬علي‭ ‬زينان،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬عضواً‭ ‬بارزاً‭ ‬في‭ ‬المجلس‭ ‬الوطني‭ ‬الانتقالي،‭ ‬والذي‭ ‬تم‭ ‬تعيينه‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬بعد‭ ‬رئيساً‭ ‬للوزراء‭ ‬في‭ ‬ليبيا،‭ ‬عقب‭ ‬الإطاحة‭ ‬بالقذافي‭.‬

وعقب‭ ‬مفاوضات‭ ‬طويلة،‭ ‬نجحت‭ ‬وساطة‭ ‬النرويج‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬بين‭ ‬أطراف‭ ‬النزاع‭ ‬لحل‭ ‬الأزمة‭ ‬بشكل‭ ‬سلمي،‭ ‬ونص‭ ‬البند‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬‮«‬العقيد‭ ‬معمر‭ ‬القذافي،‭ ‬قرر‭ ‬التخلي‭ ‬عن‭ ‬الحكم‭ ‬والتنحي‭ ‬من‭ ‬منصبه‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إنهاء‭ ‬المرحلة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الثورة‮»‬،‭ ‬وفقاً‭ ‬للصحيفة‭ ‬البريطانية‭.‬

وقال‭ ‬ستور‭ ‬إنه‭ ‬أجرى‭ ‬اتصالاً‭ ‬هاتفياً‭ ‬مع‭ ‬سيف‭ ‬الإسلام،‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التأكد‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الاتفاق‭ ‬يحظى‭ ‬بتأييد‭ ‬باقي‭ ‬ممثلي‭ ‬النظام‭ ‬في‭ ‬طرابلس،‭ ‬مضيفاً‭ ‬أنه‭ ‬حتى‭ ‬تلك‭ ‬المرحلة‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬تم‭ ‬الاتفاق‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬بنود‭ ‬الاتفاق،‭ ‬باستثناء‭ ‬مصير‭ ‬القذافي‭. ‬إذ‭ ‬اقترحت‭ ‬المعارضة‭ ‬مغادرته‭ ‬البلاد،‭ ‬بينما‭ ‬رفض‭ ‬هو‭ ‬ذلك‭.‬

تأييد‭ ‬أميركي

ستور‭ ‬لفت‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬قدم‭ ‬مقترحاً‭ ‬بديلاً‭ ‬ينص‭ ‬على‭ ‬بقاء‭ ‬القذافي‭ ‬في‭ ‬ليبيا،‭ ‬مقابل‭ ‬تركه‭ ‬السياسة،‭ ‬مضيفاً‭ ‬أن‭ ‬أطراف‭ ‬النزاع‭ ‬قبلوا‭ ‬باتفاق‭ ‬أوسلو،‭ ‬ونقلوا‭ ‬المقترح‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬فرنسا‭ ‬وبريطانيا‭.‬

وأشار‭ ‬ستور،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬وزيرة‭ ‬الخارجية‭ ‬الأميركية‭ ‬آنذاك،‭ ‬هيلاري‭ ‬كلينتون،‭ ‬أيدت‭ ‬الاتفاق‭ ‬وكانت‭ ‬حريصة‭ ‬على‭ ‬التفاوض،‭ ‬بينما‭ ‬قوبل‭ ‬ذلك‭ ‬برفض‭ ‬بريطانيا‭ ‬وفرنسا‭.‬

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى