السفيرة نميرة نجم تشيد بموقف الكاتب والصحفي اليهودي الأمريكي آدم شاتز بشأن ما يحدث في قطاع غزة
وذلك في ندوة مقاومة الظلم بمنتدي "كرايسكي" للحوار الدولي بفيينا
كتبت/ هالة شيحة
أثنت السفيرة د.نميرة نجم خبير القانون الدولي و مديرة المرصد الأفريقي للهجرة علي الكاتب والصحفي والمحرر اليهودي الأمريكي آدم شاتز وموقفه بشان ما يحدث في قطاع غزة الآن ، خاصة وانه يبدو لا أحد مهتم بجدية في هذا الصراع بسقوط المدنيين من الجانبين ،مؤكدة على ما أشار اليه الكاتب بان ما حدث فى ٧ اكتوبر لا يبرر التدمير والقتل ضد المدنيين في غزة .
وأوضحت السفيرة ان الكاتب الأمريكي استطاع ان يضع الامور في نصابها الصحيح مذكرا بأن قطاع غزة تحت الحصار منذ اكثر من ١٧ عاما ، وان القتل العشوائي للفلسطينيين في القطاع والضفة الغربية لن يؤدى الى السلام .
وأكدت السفيرة على أهمية الإستجابة الي نداءات وقف اطلاق النار الفوري ، والعودة لمائدة التفاوض بجدية لانهاء هذا الصراع الدموي واطلاق المحتجزين من الجانبين ، و الإحلال السلام الدائم بالتفاوض النهائي والناجز لإقامة الدولتين ، لحماية الشرق الاوسط من كوارث أعظم وإشتعال حروب إقليمية أكبر ستؤثر علي مستقبل المنطقة و العالم .
وأشارت السفيرة ان غزة و الضفة الغربية مازالت مناطق تقع تحت الاحتلال الاسرائيلي و ان مسئولية حماية المدنيين فيها طبقا للقانون الدولي تقع علي عاتق سلطة الاحتلال كما اقرته محكمة العدل الدولية فى رايها الأخير بعدم شرعية الاحتلال الاسرائيلي للاراضي الفلسطينية .
جاء ذلك اثناء مشاركة السفيرة في ندوة بعنوان “مقاومة الظلم (من فرانتز فانون إلى معسكرات التضامن في الجامعات الأمريكية) دروس نتعلمها من الحركات الاحتجاجية” ، بدعوة من “سابين كروسنبرونر ” الوزير المفوض بوزارة الخارجية النمساوية و أمين عام منتدى “برونو كرايسكي ” للحوار الدولي بفيينا والذي نظم الندوة لمناقشة كتاب “عيادة المتمردين ” للكاتب آدم شاتز، المحرر الأمريكي لمجلة لندن ريفيو أوف بوكس ،و والمساهم في مجلة نيويورك تايمز، ومجلة نيويورك ريفيو أوف بوكس، ومجلة نيويوركر، والأستاذ الزائر في كلية بارد ، وأمضى القسم الأعظم من حياته المهنية في سرد القصص الغامضة غالبًا لمفكرين وفنانين متمردين مثل إدوارد سعيد ونينا سيمون وميشيل هويليبيك وسونيك يوث .
ويقول منتدى “برونو كرايسكي ” للحوار الدولي بالنمسا في تقديمه للندوة عندما قام الكاتب آدم شاتز، بالبحث في سيرة حياة “فرانتز فانون ” في كتابه بعنوان “عيادة المتمردين”، لم يكن بإمكانه أن يعرف مدى أهمية استكشاف تفكير المتمردين في عام 2024.
كان فرانتز فانون الطبيب النفسي والفيلسوف السياسي مناضل معارض للحكم الاستعماري الفرنسي في الجزائر ، موضوع حساس للغاية في ظل الجدل المحتدم في الجامعات الغربية حول السابع من أكتوبر والحرب في غزة.
توفي فرانتز فانون مبكرا عن عمر يناهز 36 عاما بمرض سرطان الدم ، لكن دعوته لتحقيق العدالة لمظلومي القوى الاستعمارية في كتابه «المعذبون في الأرض» مع مقدمة بول جول سارتر لا تزال مسموعة، كلما طرح السؤال: كيف نقاوم الظلم؟
ليس بأسلوب العنف الذي تمارسه حماس، بالطبع ،هناك أشكال أخرى قوية من الاحتجاج.
وقد كتب آدم شاتز في مجلة لندن ريفيو أوف بوكس في مقالته الأخيرة “انحدار إسرائيل”، فإننا نرى الآن حركة احتجاجية جديدة قد تكون موجة المقاومة الأكثر أهمية حتى الآن، كما تحدث في وسط المجتمع الغربي: بين الطلاب هم العديد من الشباب اليهود الذين لا يريدون الارتباط بدولة غير ليبرالية بشكل واضح مثل إسرائيل .
وفي حين أن “آدم شاتز ” يدرك خطر التطرف بين المتظاهرين، فإنه يقول: “إن ولادة حركة عالمية معارضة للحرب الإسرائيلية في غزة وللدفاع عن حقوق الفلسطينيين، هي، إن لم يكن أي شيء آخر، علامة على أن إسرائيل فقدت الحق” في حرب أخلاقية بين أصحاب الضمائر”.
وقال شاتز أن الاستعمار “نظام من العلاقات المرضية المتخفية في هيئة طبيعية”، وكان “فرانتز فانون” يعتقد أن العلاج الوحيد للمرض الجزائري هو الثورة. وكان من أنصار العنف، ليس فقط في الممارسة العملية بل وفي النظرية أيضاً. وفي رأيه، كان العنف المناهض للاستعمار “نوعاً من الدواء، يعيد إحياء الشعور بالقوة والسيطرة على الذات” الذي يسمح للمستعمرين باستعادة كرامتهم من خلال تأكيد الذات.
كان فانون كان يعامل المستعمرين، بل وحتى الجلادين، في ممارساته. ويقول شاتز: “أنه لم يميز بين الجزائريين والأوروبيين: فكلهم، في نظره، يستحقون التعاطف والرعاية”. وكانوا جميعاً ضحايا لما أسماه فانون “الاضطرابات العقلية الناجمة عن الحرب الاستعمارية”، والتي أزعجته بنفس القدر.
وعلى الرغم من كآبة بعض كتاباته، يظل فانون متفائلاً متحدياً”، كما يقول شاتز. “إنه يؤمن ليس فقط بفكرة التغلب على الاستعمار، بل وأيضاً بإمكانية خلق ما يسميه “إنساناً جديداً”. لقد شعر أن العالم الذي نعيش فيه قد صنعه البشر، وبالتالي يمكن أن يدمروه أيضاً”.
اندلعت الحرب الاستقلال في الجزائر في عام 1954، انحاز فانون إلى جبهة التحرير الوطني. وفي البداية، كان يعالج المتمردين سراً في مستشفاه، ولكن بعد فترة وجيزة، أصبح الأعضاء يعقدون اجتماعات في المرافق بشكل منتظم. ولم يتمكن فانون من الانضمام إلى المنظمة علناً إلا بعد فراره إلى تونس في عام 1956. وعلى مدى السنوات القليلة التالية،
ولقد كان لهذا الاكتشاف تداعيات أخرى. فقد كان فانون من بين أوائل من تبنوا ما وصفه شاتز بأنه “نهج جماعي للرعاية يدمج بين رؤى فرويد وماركس، ويحطم التسلسل الهرمي الذي يفصل بين المرضى والعاملين الطبيين، ويعطي المرضى العقليين شعوراً جديداً بالسلطة على حياتهم”. ولكن حتى أكثر التقنيات السريرية ابتكاراً لم تذهب بعيداً بما يكفي بالنسبة لفانون، الذي كان يعلم أن الحلول السياسية هي العلاج الوحيد الطويل الأمد للأمراض السياسية. ويكتب شاتز ببلاغة أن الاستعمار “نظام من العلاقات المرضية المتخفية في هيئة طبيعية”، وكان فانون يعتقد أن العلاج الوحيد للمرض الجزائري هو الثورة. وكان من أنصار العنف، ليس فقط في الممارسة العملية بل وفي النظرية أيضاً. وفي رأيه، كان العنف المناهض للاستعمار “نوعاً من الدواء، يعيد إحياء الشعور بالقوة والسيطرة على الذات” الذي يسمح للمستعمرين باستعادة كرامتهم من خلال تأكيد الذات.
وعلى الرغم من كآبة بعض كتاباته، يظل فانون متفائلاً متحدياً”، كما يقول شاتز. “إنه يؤمن ليس فقط بفكرة التغلب على الاستعمار، بل وأيضاً بإمكانية خلق ما يسميه “إنساناً جديداً” ، لقد شعر أن العالم الذي نعيش فيه قد صنعه البشر، وبالتالي يمكن أن يدمروه أيضاً”.
ويضيف شاتز: “لا يزال فانون شخصية أيقونية، وهذا يعني أن هناك كل أنواع الأفكار المختلفة التي تحيط به والتي تتطلب القطع من أجل فهمه بأي قدر من الوضوح”.
ويقول شاتز، إن التناقضات في كتابات فانون السياسية وقصة حياته هي التي تجعله شخصية مقنعة للغاية، بعد أكثر من 60 عاما من وفاته
ولعل التناقض الأكثر وضوحاً في حياة فانون هو التناقض بين “ممارسته كمعالج”، على حد قول شاتز، “وممارسته كمقاتل أو كشخص يدافع عن العنف كنوع من العلاج للمضطهدين”.
وما زال اسم كرايسكي محفوظاً فى الذاكرة الإنسانية والعربية والمصرية كزعيم يحظى بكل احترام وتقدير وتم تخليد اسمه من خلال جائزة كرايسكي لحقوق الإنسان التي فازت بها أكثر من شخصية فلسطينية ومركز كرايسكي للحوار العالمي.
يشار إلى أن برونو كرايسكي هو المستشار النمساوي السابق (1911-1990) المولود في فيينا وينحدر من عائلة يهودية، والذي تولى منصب المستشار بين عامي 1970 و1983 ، وقد تحول منزله الي مقر منتدى كرايسكي للحوار الدولي الذي تأسس عام 1991 في فيينا بعد وفاته بعام والرئيس الفخري للمنتدى هو فرانس فرانتسكي المستشار النمساوي السابق .
ويحظى كرايسكي المعروف بدعمه للعدالة الاجتماعية والتسامح بتقدير واحترام كبيرين في العالم العربي نظراً لمواقفه المتوازنة والداعمة للقضايا العربية ولاسيما القضية الفلسطينية، حيث كان من المناصرين لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره والداعمين للحوار بين الشمال والجنوب ، وانتقد كرايسكي الصهيونية بشجاعة عندما أعلن أن اليهودية عقيدة وليست انتماء عرقياً، وقام بوساطات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي في أزمات عديدة.
وجاء تأسيس المنتدى باعتباره مؤسسة فكرية أوروبية غير حكومية ومنظمة لاتهدف للربح ، ويعمل المنتدى كمركز للحوار حيث يمكن للسياسيين والعلماء والمثقفين من جميع أنحاء العالم أن يجتمعوا لتبادل أفكارهم ووجهات نظرهم، وتحليل القضايا والمشاكل الدولية المعقدة، ووضع نهج للحلول العالمية واتخاذ موقف عام بشأن الأحداث السياسية – وخاصة المواجهات والصراعات المسلحة ، وقد زارها أشهر القادة السياسيين في العالم .
الجدير بالذكر أن فرانتز فانون الذي صدر عن قصة حياته الكتاب ولد عام 1925، في جزر الهند الغربية في مارتينيك البحر الكاريبي التابعة للاستعمار الفرنسي ،ونشأ كوطني فرنسي متحمس قاتل ضد النازيين في صفوف قوات فرنسا الحرة بقيادة شارل ديجول في شمال أفريقيا وأوروبا قبل أن يستقر في فرنسا لدراسة الطب النفسي ،وسافر فانون لمواصلة عمله في الطب النفسي في الجزائر الفرنسية عشية الثورة، التي اندلعت في عام 1954، وانضم في النهاية إلى نضال جبهة التحرير الوطني ضد نفس البلد الذي حارب من أجله قبل عقد من الزمان فقط حول المستشفى الذي أداره إلى مخبأ للمقاتلين المناهضين لفرنسا بالإضافة إلى مركز علاج لجميع مناحي الجزائر الاستعمارية، بما في ذلك مقاتلي جبهة التحرير الوطني والمدنيين والجنود الفرنسيين والمستوطنين ، و نفته فرنسا إلى تونس في عام 1957، حيث أصبح المتحدث باسم الجبهة تحرير الجزائر ، حيث كان يحرر صحيفة المجاهد، ثم سفيراً للحكومة الجزائرية المؤقتة في غانا.
وفي كتابه “المعذبون في الأرض ” (1961 )، الذي نُشر قبل وفاته بسنة ، دافع فانون عن حق الشعوب المستعمرة في استخدام العنف للحصول على الاستقلال. و الذي كتب مقدمته الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر ، بعد مرور سبع سنوات على القمع الوحشي الذي مارسته فرنسا على حركة الاستقلال الجزائرية قائلا : “إن قتل أوروبي هو ضرب عصفورين بحجر واحد”. ففي نهاية المطاف، فإن مثل هذا القتل يقضي على “الظالم والمظلوم دفعة واحدة: ويترك رجلاً ميتاً والآخر حراً” “أنتم الليبراليون جدًا، والإنسانيون جدًا، الذين تأخذون حب الثقافة إلى حد المودة، أنتم تتظاهرون بنسيان أن لديكم مستعمرات ترتكب فيها المجازر باسمكم”.
إن الأشكال التي يتخذها المرض العقلي داخل مجتمع معين تشكل أدلة جيدة على عصابه، وكان فانون يدرك تمام الإدراك أن الرهاب والخيالات العنصرية التي يتبناها مرضاه الأوروبيون تعمل كنوافذ على العالم الذي خلقه الاستعمار. ولم يكن من الممكن أن تشق التوترات بين المسلمين والأوروبيين خارج العيادة، حيث كانت اللافتات على الشواطئ تحذر من “منع دخول الكلاب والعرب”، طريقها إلى الداخل.
ومنذ السابع من أكتوبر، أصبح الطبيب النفسي، والذي أصبح مقاتلاً في الثورة الجزائرية، أكثر شعبية من أي وقت مضى ، بعد أن اندفع مسلحو حماس من غزة وقتلوا 1200 إسرائيلي، أصبح فانون محل اقتباس وتحليل ومناقشة على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل منتظم في محاولة لشرح ماحد ث في ٧ أكتوبر الماضي والقصف الإسرائيلي الذي أعقب ذلك للمنطقة المحاصرة، والذي أسفر عن مقتل أكثر من ٤٠ ألف فلسطيني ، ولقد سعت سلسلة من التصريحات والمقالات الفكرية إلى التعامل مع كيفية تطبيق نظريات فانون المثيرة للجدال حول العنف وإنهاء الاستعمار على هجمات حماس وففي بيان صدر في التاسع من أكتوبر بعنوان “القمع يولد المقاومة”، استشهدت مجموعات طلابية في جامعة كولومبيا بفانون: “عندما نثور، لا يكون ذلك من أجل ثقافة معينة. فنحن نثور ببساطة لأننا، لأسباب عديدة، لم نعد قادرين على التنفس”. واختتم مقالة رأي في ميدل ايست في نوفمبر الماضي باقتباس آخر: “بالنسبة للفلسطينيين في غزة وخارجها، وللبؤساء على أرضنا المشتركة، كما بالنسبة لفانون، فإن “القتال هو الحل الوحيد”.
وعقب الندوة اصطحبت سابين كروسنبرونر أمين عام منتدى “برونو كرايسكي السفير د.نميرة نجم لتفقد مقر المنتدي و والأنشطة التي يقوم بها ، و أوضحت للسفيرة نجم ان مقر المنتدي قد زاره وعقد فيها اجتماعات ومؤتمرات عدد من رؤساء الدول والقادة العالميين ،عندما كان مازال بيتا للرئيس النمساوي الراحل برونو كرايسكي منهم الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات ، و الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات .