نور القاضي تكتب: حبيبي دائماً

كيف يُمْكِن لكلمة من حرفين أن تُغَيِر رَأْسَاً على عقب؟ كيف يُمْكِن لكلمة ان تُغَيِر مسار حياتك لِمسارٍ أَكْثَر سعادةً وفرحة؟

كيف يُمْكِن لإنسان أن يمنحك الحياة والحب والسعادة معاً؟

ولِمَاذَا لا نقوم بإختيار من نُحبهم بَل تَنْطَلِق أَرْوَاحَنَا لِلرُّوح التى تُشبِهها وتذهب إلى أعماقها لتجد الراحة والأمان؟

تساؤلات عديدة ولكن فى قانون الحب ليس هناك مَنْطِق وَلَا أَسْبَاب. فلا تسأل مُحب أَبَدَاً لماذا تنجذب لذلك الشخص تحديداً دون غيره؟ أو لماذا هو على وجه الخصوص وليس آخر؟ أيضاً لماذا تَجِد رُوحَك سعَادتها فى وجوده هو فقط وليس آخر؟ ولماذا تذهب نبضات قلبك لأعلى مُعدلاتها عندما تقرأ أول كلمة من حُروفه وسُطوره ورسائله ولاتهتم للمائة رسالة الموجودة لديك مُنْذُ أَيَّامِ؟

لا تسألنّ أَبَداً.. فالأمر لَا يَتَعَلَّقُ بِك، فكل هذا يحدث تلقائياً ولا إرادياً، تختار روحك من تَسْعَد بِقُرْبِه وَتَطْمَئِنّ بِوُجُودِه وتفرح بِمَعيتِه. تختار روحك من يُشْبِهُهَا وَيُكْمِلُهَا فى نفس الوقت. تختار روحك من تفتقده ولكنها تشعر بوجُوده فى كل وقت. تختار روحك من تشتاق له ولكنها تشعر بوجُوده داخلها فى نفس الوقت. لا تسأل ولا تبحث عن أسباب فتلاقي الأرواح ليس عَلَيْه بِوَكِيل.

وما معنى كلمة (أُحبك)؟ هل هو فقط ذلك الإنبهار والإعجاب عندما تَسطَع شَمْس وُجُودِه؟ هل هي حالة التوهان التى تأخذك عندما تتلاقى عيناك بعيناه؟

هل هي السعادة التى تغمُر وجهك عندما تراه؟ أم هي إقامته الدائمة فى خاطرك وأفكارك؟

فَلْتَكُن الْإِجَابَة أكثر عُمْقاً (أحبك) هى إننى قررت أتقاسم معك كل شىء جميل. هي تقديم أجمل وأفضل ما لدي لأجلك. هي إهدائك شىء أعظم من الحياة إن وجد وإهدائك قلبى لتحيا به. هو أن أُحبك بطريقتي الغريبة والمختلفة عن الآخرين. وأن أهتم بك من بعيد ومن قريب. وأن أضم إسمك بدعوتى قبل إسمى. وأن أتحصن وأقرأ أذكارى مرتين لأجلك ولأجلى. هو شُعورى بك عن بُعد وإحساسى بك دُون تلاقي أو قُرب. هو سعادتك ونجاحك فأشعر بالعظمة والفخر بذاتي. هو ثقتي اللامنطقية فى رعايتك لحبي وإحساسي. هو شعورى في وجودك أنت فقط بأن معي كل ناسي. هو أن ألجأ لك أنت للبوح بكل أوجاعي. هو إختيارك لي أَوَّلاً ودائماً وأخذك لكل آرائى. هو أنت وكل شىء يتعلق بِكَ أنت.

ومعنى الحب أن تتجرد من كل أشكال الأنانية وَتَبَذُّلٌ نَفْسِك في تقديم كل العطاء وكل ما لديك بل أفضل ما لديك لمن تحب وأنت فى مُنتهى السعادة، ولكن إذا كُنت في مرحلة إنتظار المقابل فلتعلم أنك ليس فى علاقة حُب بل علاقة تُجارية بها أخذ بالتأكيد، ولكن.. المقابل أولا. يمكنك إتباع ذلك القانون في كل شيء إلا الحب. فأنت تُعطى بلا إنتظار المقابل، وَتُهْدِي وأنت أكثر سعادة. فالحُب هو الشيء الوحيد الذى يكون فيه المأخُوذ نَفْس صِنْف الْمَرْدُود ليس شيئاً آخر.

“الحُب لا يُمكن شراؤه إلا بالحب” جُبران خليل جُبران

 

فإذا كنت تُحب بصدق ستجد نفسك أكثر سعادة عندما تمنح وتبذل وَتُعْطِي وَتُهْدِي، ستجد نفسك أكثر سعادةً عندما تُساعد وتُساند وَتُقَدِم وَتُقَوِّم.ستجد نفسك أكثر سعادةً عندما تغفر وتُسامح وتُشجع وَتُقَوِّي، ستجد نفسك أكثر تَألُقاً وَإِشْرَاقاً عندما يكون شريكك فى أحسن حالاته. ستجد نفسك أكثر فخراً بنجاح شريكك وبالتالى ستجد نفسك أكثر سعادة عندما يَسعد شريكُك. ستجد نفسك كالمرآة تعكس كل ما في داخله وليس ما بخارجه فقط. فَلْتَكُن له كل معانى الأمان والمساندة والإطمئنان والإستيعاب. فربما يبحث الإنسان طِيلة حياته فقط على من يفهمه ويشعر به ويتقاسم معه كل شعور وَيُقَدَّر له أن يجده وَيَكُن مِن السُّعَدَاء أو لا يجده فيشعر بالوحدة الدائمة.

“ربما لم يرغب المرء في الحب، بقدر رغبته في أن يفهمه أحد”     نزار قباني

 

والحب والصدق وجهان لعملة واحدة فَمَا وَجَدْتُ معنى للحب أكثر دقة وَمُلَامَسَةً من الصدق. فالصدق هو الْمُرَافِق الأول لك منذ البداية فى رحلة الحب. فَأَوَّلاً تَجِدُه فى إحساسك وَتَستشعرَهُ فِي رُوحَك ثم تنتقل للمرحلة التالية وهي الصدق مع من تحب والصدق فى تقديم إحساسك له الَّذِي يَنْبُع فى الأصل من الصدق مَع نَفْسِك أَوَّلاً. ثَمَّ تَجِدُ الصِّدْق قَد مَلىء روحك وكيانك ونَمَا دَاخِلِهَا وَفَاض خَارِجَهَا لتمنحه لِمَن تُحِبّ فى كل تصرفاتك وأفعالك وأقوالك، تمنحه وَقَد مُلِئَت رُوحَك بالحب والسعادة،تمنحه فى كل وقت تمنحه فى وجوده وتمنحه أكثر فى غيابه.

وأعظم ما فى الحب الإستمرار فما أجمل أن أتقاسم كل حياتي وتفاصيلها مع شخص واحد فقط. يفهمنى دون الحاجة لحروف. ويشعر بى دون أن يرانى، يهتم بي ويرعاني، روحه كالبصمة لا تُشْبِه أَحَداً، فلا تجد روحى لروحه بديل، يُمَثِّل لي واحة الأمان وبوجوده أشعر بالإطمئنان. وهو النصف الآخر لروحي. هو فقط من يفهمني ويحتوينى. هو فقط مَنْ لَا أخْجَل منه فى إظهار ضعفي لأستقوى به ولا أخجل فى شرح كل أوجاعي وأحزاني فيخففها عني. هو من يُساندني دائماً وأستمد منه الطاقة والحب لِيَشع في روحي نور الحياة. هو من أُحبه دائماً رغم البُعد رغم الخلاف رغم الغضب رغم الإنشغال.

هو من يحيا بداخلي وأشتاق له دائماً. هو حَبِيبِي أَوَّلاً وحَبِيبِي أخيراً وهو أَيْضاً حَبِيبِي دَائماً.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى