محمد المهدي: الوعي الأسري يصنع شخصية واثقة لا خائفة

كتب: محمد الجداوي
قال الدكتور محمد المهدي، أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر الشريف، إن الإنسان يمر خلال حياته بعدة مراحل من الاستقلال النفسي والسلوكي، تبدأ منذ منتصف العام الثاني من العمر، حين يبدأ الطفل في التحرك بحرية، والمشي واللعب وتسلق الأثاث، فيشعر بأنه أصبح قادرًا على الاعتماد على نفسه.
وأوضح “المهدي”، خلال حلقة برنامج “راحة نفسية”، المذاع على قناة الناس، اليوم الأربعاء، أن هذه المرحلة الأولى تمثل البذرة الأولى للشعور بالاستقلال والذاتية، مشيرًا إلى أن الطفل في هذا السن يحب أن يأكل بيده، بينما تحاول الأم في كثير من الأحيان منعه خوفًا من الفوضى أو اتساخ الملابس، مما يخلق صراعًا بين رغبته في الاستقلال وخوفها عليه. وأضاف أن الأم الواعية تترك الطفل يعتمد على نفسه، حتى لو أسقط الطعام، لأن ذلك ينمّي لديه الإحساس بالقدرة والثقة، أما قمع هذه الرغبة فيؤدي لاحقًا إلى تكوين شخصية خجولة أو خائفة أو مشحونة بالشعور بالعار.
وتابع “المهدي” موضحًا أن المرحلة الثانية من الاستقلال تبدأ بين سن الثانية والسادسة، حيث يبدأ الطفل في محاكاة الكبار ومحاولة تقليدهم في أنشطتهم اليومية، سواء كان الولد يقلد والده أو البنت تقلد أمها. واعتبر أن هذه الفترة تمثل مرحلة المبادرة، التي يسعى فيها الطفل لإبهار الكبار والحصول على قبولهم واستحسانهم.
وأكد أستاذ الطب النفسي بجامعة الأزهر أن تشجيع الأهل لهذه المبادرات بالابتسامة والاحتضان والكلمة الطيبة يرسّخ لدى الطفل روح المبادرة والثقة بالنفس، بينما يؤدي قمعها أو توبيخه على كل محاولة إلى تكوين إحساس دائم بالذنب، وشعور بأنه دائم الخطأ وغير محبوب.
ونبه إلى أن الاستقلال النفسي لا يُبنى فجأة في المراهقة أو الشباب، بل هو نتاج تراكم مراحل تربوية مبكرة، تبدأ من ترك الطفل يأكل بيده، وتستمر بتشجيعه على المبادرة وتحمل المسؤولية، مؤكداً أن “الطفل الذي يُمنح حرية آمنة، يصبح راشدًا متوازنًا، قادرًا على اتخاذ القرار وتحمل تبعاته دون خوف أو تردد”.



