عاطف طلب يكتب : مصر تدخل عصر الهيدروجين الأخضر

في خطوة تُعدّ الأولى من نوعها في تاريخ الطاقة المصرية، شهدت مصر انطلاق إنتاج الهيدروجين الأخضر لأول مرة، لتدخل بذلك رسميًا عصر الطاقة النظيفة وتصبح من أوائل الدول الإفريقية والعربية التي تخوض هذا المجال الواعد، الذي يمثل مستقبل الطاقة في العالم.

يُعد الهيدروجين الأخضر أحد أهم مصادر الطاقة المستدامة، حيث يُنتَج من خلال تحليل الماء إلى هيدروجين وأكسجين باستخدام الكهرباء المولدة من مصادر متجددة مثل الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح. ويمثل هذا النوع من الوقود بديلًا نظيفًا للوقود الأحفوري، إذ لا ينتج عنه أي انبعاثات كربونية ضارة بالبيئة.

تأتي هذه الخطوة ضمن رؤية مصر 2030 واستراتيجيتها للتحول نحو الاقتصاد الأخضر، حيث تم إطلاق أول مشروع لإنتاج الهيدروجين الأخضر في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس بالتعاون مع عدد من الشركاء الدوليين من بينهم شركات من الإمارات والنرويج وألمانيا.

ويهدف المشروع إلى إنتاج الهيدروجين لاستخدامه في الصناعات المختلفة مثل الأسمدة والبتروكيماويات، بالإضافة إلى تصديره إلى الأسواق الأوروبية التي تتجه بقوة نحو استخدام الوقود النظيف.

يمثل هذا المشروع نقطة تحول في خريطة الطاقة المصرية، إذ يفتح الباب أمام تدفقات استثمارية ضخمة في مجالات التكنولوجيا النظيفة والبنية التحتية للطاقة المتجددة.

كما يُسهم في تعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي للطاقة، مستفيدة من موقعها الجغرافي المتميز وبنيتها التحتية المتطورة في النقل البحري وخطوط الكهرباء والغاز.

لا تقتصر أهمية المشروع على العائد الاقتصادي فحسب، بل تمتد لتشمل تحقيق التنمية المستدامة وحماية البيئة، إذ يسهم في تقليل الانبعاثات الكربونية وتخفيف آثار التغير المناخي. كما يخلق فرص عمل جديدة في مجالات التكنولوجيا المتقدمة والطاقة النظيفة، بما يدعم الشباب والكوادر الفنية المصرية.

تعمل الدولة على إنشاء منطقة صناعية متخصصة للهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء داخل المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، لتكون مركزًا إقليميًا لإنتاج وتصدير الطاقة النظيفة إلى العالم.

ويأتي ذلك تماشيًا مع التوجه العالمي نحو الحياد الكربوني، واستعدادًا لدور مصر في قيادة التحول الأخضر في إفريقيا والشرق الأوسط.

بهذه الخطوة التاريخية، تؤكد مصر أنها تسير بثبات نحو مستقبل طاقة نظيف ومستدام، يجعلها في صدارة الدول التي تستثمر في المستقبل، لا الماضي.

فإنتاج الهيدروجين الأخضر لأول مرة ليس مجرد إنجاز تقني، بل هو إعلان عن دخول مصر عصرًا جديدًا من التنمية المستدامة والريادة الإقليمية في الطاقة النظيفة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى