خلال قمة الاستثمار العربي الإفريقي والتعاون الدولي: رئيسة جمهورية موريشيوس السابقة تُعبّر عن فخرها: كنتُ واحدة من بين 32 امرأة شغلن منصب رئيس دولة أو حكومة في العالم

كتبت/ هالة شيحة

بالإشادة بدور المرأة وأهمية تمكينها، بدأت السيدة أمينة غريب فقيم، رئيسة جمهورية موريشيوس السابقة، كلمتها في قمة “الاستثمار العربي الإفريقي والتعاون الدولي”، منوّهةً بالدور البنّاء للدكتورة هدى يسى، وموجهةً الشكر لها على دعوتها لحضور فعاليات القمة. وأشارت إلى أن القمة تُعد فرصة للحديث عن ضرورة أن يعمل جميع قادة العالم على تمكين المرأة، وليس فقط القيادات النسائية التي تمكّن نساءً أخريات.

جاء ذلك خلال انطلاق الافتتاح الرسمي لقمة “الاستثمار العربي الإفريقي والتعاون الدولي” اليوم الأحد، تحت شعار: “تكامل اقتصادي.. استثمار وفرص.. شراكات دولية”، في دورتها الثامنة والعشرين. وينظم القمة اتحاد المستثمرات العرب برئاسة الدكتورة هدى يسى، خلال الفترة من 19 إلى 22 أكتوبر 2025، برعاية جامعة الدول العربية وكوكبة من الوزارات، والهيئات الاقتصادية، والاتحادات المصرية والعربية.

وأشارت السيدة فقيم إلى أن أحد أهم المتطلبات الأساسية لتحقيق الازدهار في إفريقيا والعالم العربي، هو أن نستثمر طاقة ومواهب وذكاء وإبداع جميع شعوبنا لبناء أفضل مستقبل ممكن لنا جميعًا.

وأضافت قائلة: “من الآمن أن نفترض أنه لا أحد في هذه القاعة يختلف مع الرأي القائل إن علينا أن نستفيد من كل مواردنا – عبر الجنسيات، والجغرافيا، والدين، والثقافة، والجنس – لبناء عالم مزدهر. ولكن إذا كنا جميعًا متفقين، فلماذا لا نرى ممارسات ونتائج تعكس هذا الاتفاق؟ إنها ليست مشكلة إفريقية أو عربية فحسب، بل مشكلة عالمية، ولا يمكن حلها بالنوايا الطيبة فقط”.

وضربت مثالًا: 57٪ من أعضاء البرلمان في ناميبيا نساء، وكل شركة سويدية مدرجة في البورصة تضم على الأقل امرأة واحدة في مجلس إدارتها. “لكن مثل هذه القوانين أكثر فائدة رمزية من كونها وصفة للتغيير الحقيقي. والواقع أننا، عندما يتعلق الأمر بقيادة النساء، ما زلنا جميعًا متأخرين”.

وأكدت: “لذلك، لا ينبغي أن يفاجئنا أن نجاح النساء يتناقص تدريجيًا مع كل خطوة يصعدنها في السلم الوظيفي. وبناءً على هذا المسار، فلا عجب أنني كنت واحدة من 32 امرأة فقط شغلن منصب رئيس دولة أو حكومة في العالم”.

ورأت أن الحل يكمن في أن الإدماج الكامل لجميع أفراد المجتمع هو مفتاح الازدهار، وأن أفضل قاعدة يُبنى عليها هذا الازدهار هي العلم والتكنولوجيا والابتكار (STI). واستطردت: “إنني مقتنعة تمامًا بأن أعلى العوائد – سواء على التنمية الاقتصادية أو على صحتنا ورفاهيتنا – تأتي من الاستثمار في التعليم والقوى العاملة وظروف الحوكمة التي تمكّن الاقتصاد القائم على العلم والتكنولوجيا والابتكار من الازدهار. ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال إشراك جميع المبدعين الطموحين من النساء والرجال على حد سواء. وإفريقيا لديها العديد من الأمثلة المشرّفة لنساء يسهمن في تحقيق الازدهار”.

قائدات الغد

قدمت رئيسة موريشيوس السابقة عددًا من النصائح للفتيات والنساء الشابات الراغبات في أن يصبحن قائدات، أبرزها: الحصول على أفضل تعليم ممكن، وتوجيه هذا التعليم نحو مجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكار. وأكدت الإيمان بأن قادة العالم في المستقبل سيأتون من صفوف أولئك الذين تستند حكمتهم إلى أسس علمية وتقنية قوية. فهذا النوع من المعرفة يخلق اتجاهًا نحو التحليل الموضوعي والمشاركة الواعية والتفكير العقلاني، ويجب أن يحل هذا الإطار محل الوعود الجوفاء، والتحريض، والتعصب، والكاريزما الشخصية التي طالما سيطرت على مفهوم القيادة في الماضي.

اقتصاد إفريقيا

قالت إنه عند النظر إلى الاقتصاد الكلي في إفريقيا، قد يبدو أن القارة في وضع صعب؛ “فقارتنا تضم 15٪ من سكان العالم، لكنها لا تنتج سوى 3٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بينما تتحمل 25٪ من عبء الأمراض في العالم”. ومع ذلك، خلال جيل واحد فقط، أظهرت إفريقيا قدرتها على تحويل التحديات إلى فرص وتحقيق قفزات نوعية إلى الأمام.

وأشارت إلى أن الابتكارات التي تلبي الاحتياجات الأساسية وتدعم الاقتصاد، غالباً ما تكون أسهل في التطبيق في إفريقيا من غيرها من المناطق، بسبب قلة البنى التقليدية القديمة التي تعيق التغيير. وضربت مثالين: كينيا التي تُعد الرائدة عالميًا في مجال تحويل الأموال عبر الهاتف المحمول بفضل خدمة “إم-بيسا” (Mpesa)، وشركة “إمكوبا” (Mkopa) في شرق إفريقيا التي نجحت في توفير حلول طاقة مستدامة على مستوى المنازل.

التكنولوجيا والابتكار وتمكين المرأة

أكدت السيدة فقيم أن العلم والتكنولوجيا والابتكار لديهما القدرة على تغيير المسارات، لأنهما أصبحا يؤثران في جميع نواحي الحياة، وليس فقط في المهن العلمية المباشرة. فحلول العلوم والتكنولوجيا ضرورية لنمو الأعمال، وتحسين الصحة العامة، وتمكين النساء من التحكم في مصيرهن، وتوفير الطاقة النظيفة، وإدارة البيئة، وتطوير البنية التحتية.

وأشارت إلى أن هدف التنمية المستدامة الخامس المتعلق بالمساواة بين الجنسين ينص على ضرورة “تعزيز استخدام التكنولوجيا، ولا سيما تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، لتمكين المرأة”. وكما هو الحال في العديد من الدول، تواجه إفريقيا “تسرباً تدريجياً للفتيات” من مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM)، حيث ينخفض عددهن في هذه المجالات كلما تقدمن من المدرسة إلى الجامعة والمختبرات والسياسات والقيادة.

وذكرت أن الأخبار الجيدة هي أنه بين عامي 2004 و2014، تم سد 94٪ من الفجوة التعليمية بين الجنسين في إفريقيا جنوب الصحراء. لكن الخبر السيئ هو أن الفجوات لا تزال قائمة؛ فوفقًا لتقرير حديث لليونسكو، هناك 16 مليون فتاة تتراوح أعمارهن بين 6 و11 سنة لن يلتحقن بالمدرسة مطلقًا، مقارنة بـ 8 ملايين فتى فقط. كما يتسع الفارق لاحقاً عند الحديث عن فرص العمل والأجور، إذ تشير تقارير المنتدى الاقتصادي العالمي إلى أن منطقة إفريقيا جنوب الصحراء لم تحقق سوى 68٪ من المساواة بين الجنسين حتى عام 2016. وأكدت أن هذا “التسرب المستمر” يعني أننا نفقد الكثير من الطاقات النسائية التي يمكن أن تسهم في رخاء المجتمع ورفاهيته.

وأشارت إلى أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في وصول النساء إلى قطاع العلم والتكنولوجيا والابتكار ومشاركتهن وقيادتهن. ففي القطاع الرسمي للعلم والتكنولوجيا والابتكار حول العالم، لا تتجاوز نسبة النساء 10٪ من العاملين في مراكز الابتكار أو من الحاصلين على تمويل استثماري. كما أن تمثيل النساء في البحث العلمي والنشر والقيادة ضعيف في كل من القطاعين العام والخاص.

وشددت على أنه يجب معالجة الفجوة بين كفاءة النساء ورغبتهن في الإسهام من جهة، وإقصائهن عن مواقع صنع القرار من جهة أخرى. وتتعدد أسباب هذه الفجوة، من نقص الوصول إلى التكنولوجيا والتعليم والتمويل، إلى المعتقدات الثقافية، بالإضافة إلى القوالب النمطية التي تضعف ثقة الفتيات بأنفسهن.

وختمت بضرورة أن تتحمل الحكومات مسؤوليتها في تهيئة بيئة تشجع على الاستثمار في العلم والتكنولوجيا والابتكار، وتكافئ السلوكيات الإيجابية. وقالت: “إننا نخسر الكثير من المواهب المحلية لأننا لا نستثمر بما يكفي في بنية تحتية علمية وتقنية عالمية المستوى في إفريقيا، ولا نمنح فتياتنا ونساءنا الفرص التي يستحققنها”.

واختتمت كلمتها قائلة: “نستطيع أن نتجاوز العالم في ‘تمكين المرأة في القيادة’. فالمرأة عنصر أساسي في الشمول، والشمول هو مفتاح الابتكار، والابتكار هو طريق القيادة… وإن تهيئة الظروف المناسبة لتشجيع الإبداع الإنساني هي المفتاح لازدهار إفريقيا، ونتذكر بأنه لا حاجة لأن يكون لك شكل معين أو اسم معين لتكون مساهمًا كاملًا في بناء المستقبل”.

يُذكر أن قمة اتحاد المستثمرات العرب والمعرض المصاحب لها تحظى برعاية ومشاركة جامعة الدول العربية وكوكبة من الجهات الحكومية والاقتصادية، ومن ضمنها: اللواء طبيب أسامة بسكالس، رئيس المجلس الطبي العام للقوات المسلحة، وإدارة الخدمات الطبية للقوات المسلحة المصرية، ووزارات التضامن الاجتماعي، والشباب والرياضة، والسياحة والآثار، وهيئة قناة السويس، والهيئة العربية للتصنيع، وهيئة الاستشعار من البُعد وعلوم الفضاء، والهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، وهيئة تنشيط السياحة، وهيئة تنمية الصادرات، ومنظمة الصحة العالمية، ومجلس الأعيان الأردني وهيئة الاستثمار الأردني، والاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة والزراعة في ليبيا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى