“معركة الهوية.. صوت مصر في الهيروغليفية إلى التيك توك”.. محاضرة بالأعلى للثقافة

تحت رعاية الدكتور أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، وبإشراف الدكتور أشرف العزازي، الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، أُلقيَت محاضرة “معركة الهوية.. صوت مصر في الهيروغليفية إلى التيك توك” بقاعة المؤتمرات بالمجلس الأعلى للثقافة.
قدم المحاضرة الدكتور عمر المعتز بالله مبتدئًا بتعريف للهوية، ألا وهو إحساسنا المتغير والمتطور بذاتنا الذي يجعلنا نشعر بالاستمرار عبر الزمن، ونحن الآن مطالبون أن نكون رموزًا عن وطننا، عن مصرنا العظيمة الحبيبة، ولا بد أن يكون لدينا ذاكرة، فكيف تتحدث عنها حيث نظرة الآخرين لك ضرورية جدًّا لمعرفة من تكون ومعرفة هويتك، حيث حاول البعض تشويه صورة مصر، لذا يمكن القول إن هناك معركة لفكرة الهوية، وأن هناك من يقوم بمحاولة بسرقة الهوية كادعاء بناء الأهرام!
والهوية في مصر في مجال صراع القوى الذي يعمل طول الوقت، فمنذ القدم تعيش مصر حالة توتر بين الأصالة والحداثة، ومما لا شك فيه أن هناك تميزًا في حياة المصريين، حيث أطلق المصريون كلمة “منجن” على مصر في اللغة المصرية القديمة، وتعني المحصنة أو الحصينة، كما أن كلمة “كمت” تعني مصر، فإن كمت إي ري تعني “أرضي حبيبتي، ففي مصر القديمة كان الصوت هو التعبير عن الذات لأنه الأداة التي تخرج الهوية للعلن، فصوت مصر القديمة مرتبط بالكون والإله، حيث قدسية الكتابة والقراءة، فلم تكن مجرد كتابة، بل منظومة ثقافية للحياة، فالكتابة لديهم هي ميدور نيتشر، أي أنها كلام الله. وهناك كلمات ما زالت منقولة منذ عهد قدماء المصريين تستخدم في العامية عند أهل الصعيد؛ كمرتي التي تعني زوجتي، وكلمة مرهى تعني الفأس بالمصرية القديمة، ومع مرور الوقت نجد النصوص الدينية مع الأدب الفلسفي السكندري حيث مكتبة الإسكندرية ذات الصوت الكوني، ثم أصبحت اللغة القبطية لغة الصلوات والترانيم وصوت المقاومة والصمود حيث النصوص الوعظية التي حملت صوت مصر، ثم أكدت مصر عبر الأزهر الشريف أنها مركز ثقافي ورمز للمقاومة تجاوز حدود مصر ليصل لبلاد المغرب والأندلس وشرق آسيا، ثم مصر الحديثة حيث صوت مصر القوي حيث صحافة الأهرام والهلال، والسينما والمسرح أصبحا صوت مصر البصري والمسموع، والأغنية المصرية من سيد درويش إلى أم كلثوم نقلت الأغنية العربية إلى العالمية، كما فعل أدب نجيب محفوظ في أوج عطائه معبرًا عن التحولات السياسية والاجتماعية.
وأشار أن مصر احتفظت بصدارتها حتى الآن عبر قنواتها وبرامجها الفضائية والإنترنت والمدونات للقصص والروايات وحيث أفلام مصرية رشحت للأوسكار، وغيرها من بصمات للثقافة المصرية، ثم يأتي عصر السوشيال ميديا ليظهر لنا مجموعة من فقراء الفكر الدخلاء على ثقافتنا حيث العدو ظاهرًا وباطنًا يريد محو الثقافة المصرية لكي يضمن استمراريته من خلال خطة لتفريغ المحتوى الثقافي لأي ثقافة لملء فضاء السوشيال ميديا بمحتوى ينشر التخلف والانحطاط الفكري والسلوكي في تطبيقات مثل تطبيق التيك توك، ما أدى إلى ظهور مصطلح جيل الزومبي الرقمي ليصف حالة الانكفاء حيث يحدق الناس في شاشاتهم لساعات طويلة دون معرفة ما يدور حولهم، إضافةً إلى أن تلك التطبيقات تدخل على جميع البيانات الشخصية للهواتف المحمولة وتتعامل مع الملفات والبيانات الكاملة لكل مستخدم لتكون منظومة لا يستطيع من خلالها المستخدم الخروج من دائرة عدم الوعي والتشبه بأخلاقيات دخيلة علينا.