اتحاد عمال مصر يقود “الانتقال العادل” لحماية العمالة من التغيرات التكنولوجية والمناخية

كتب / عاطف طلب

في خطوة استباقية لمواجهة التحديات المستقبلية التي تفرضها التغيرات المناخية والتطورات التكنولوجية المتسارعة، دشن عبدالمنعم الجمل، رئيس اتحاد عمال مصر، اليوم الثلاثاء، “لجنة الانتقال العادل” بمقر الاتحاد. تأتي هذه المبادرة بهدف حماية العمال وضمان استقرارهم في ظل التحول الرقمي، وتنامي الذكاء الاصطناعي، وتداعيات التغيرات المناخية، بالإضافة إلى التوافق مع اتفاقية باريس للمناخ واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية للمناخ.

يشرف على اللجنة أحمد السيد الدبيكي، نقيب العلوم الصحية وعضو مجلس إدارة اتحاد العمال، بينما ترأسها منى حبيب، أمين عام نقابة العلوم الصحية. وقد حضر التدشين عدد من القيادات النقابية البارزة، منهم عيد مرسال أمين عام الاتحاد ورئيس نقابة الزراعة والري، ومحمد حنفي رئيس نقابة الاتصالات، وأشرف الدوكار رئيس النقابة العامة للنقل البري، ومحسن إش الله رئيس نقابة السياحة، وأحمد حلمي أمين صندوق نقابة النقل البحري، إلى جانب ممثلي النقابات المعنية والإعلاميين.

 

تحولات كبرى تتطلب حماية شاملة

 

أكد عبدالمنعم الجمل أن تدشين لجنة الانتقال العادل يأتي في توقيت بالغ الأهمية، في ظل تحولات عالمية كبرى تشمل التغيرات المناخية، وتصاعد الاقتصاد الأخضر والرقمي. وشدد الجمل على أن الهدف هو ضمان أن تكون هذه التحولات عادلة وشاملة، دون الإضرار بأي مهنة أو حرفة. وأوضح أن الانتقال العادل لم يعد رفاهية، بل أصبح ضرورة لتحقيق التنمية المستدامة، وتوفير فرص العمل اللائق، والعدالة الاجتماعية. واستشهد بتجارب دولية ناجحة مثل كندا وألمانيا وإسبانيا، التي أثبتت أن النجاح في هذا المسار يعتمد على الحوار الاجتماعي، والتدريب المستمر، والحماية الاجتماعية، والاستثمار في الاقتصاد الأخضر.

وفي السياق العربي، أشار الجمل إلى الحاجة الملحة لوضع استراتيجيات وطنية للانتقال العادل، تتضمن توسيع الحماية الاجتماعية لتشمل العمالة غير المنتظمة، وإطلاق برامج تدريب وتأهيل خضراء ورقمية، وتشجيع الاستثمارات في الطاقة المتجددة وإعادة التدوير، بهدف بناء مستقبل أكثر عدالة وقدرة على التغلب على التحديات واغتنام الفرص.

 

دور النقابات في بناء مستقبل عادل ومستدام

 

لفت الجمل إلى الدور الفعال للنقابات العامة في قيادة الانتقال العادل نحو مستقبل مستدام، مؤكدًا أن عضوية لجان الزراعة والري والنقل البري والبحري والسياحة والفنادق تأتي كونها القطاعات الأكثر تأثرًا في هذه المرحلة الانتقالية. وأشار إلى أن جميع الحضور يجتمعون بهدف وضع استراتيجية تراعي كافة الفئات.

وأكد الجمل أن الاتحاد العام لنقابات عمال مصر ملتزم بدوره كشريك فاعل في رسم السياسات، والتفاوض من أجل ضمانات عادلة، وتعزيز التعاون الدولي وتبادل الخبرات. من جانبه، شدد عيد مرسال، أمين عام اتحاد نقابات عمال مصر، على أن بناء مستقبل أكثر عدالة واستدامة هو مسؤولية جماعية، مؤكدًا ضرورة تحويل هذه التحديات إلى فرص حقيقية لحياة أفضل للأجيال القادمة. وأشار مرسال إلى أن الانتقال العادل نحو التنمية يجب ألا يترك أحدًا خلف الركب، وأن العدالة الاجتماعية تكمن في قلب التحول الأخضر والرقمي، مما يستدعي وضع رؤية مصرية وعربية للمستقبل.

 

وعي وطني لمواجهة الشائعات والتحديات الخارجية

 

تطرقت النقاشات إلى التحديات التي تواجه مصر، وخاصة الحملات الشرسة التي تستهدف النيل من استقرار البلاد، والقضية الفلسطينية. وأكد أحمد الدبيكي، المشرف العام على لجنة الانتقال العادل، أن مصر تشهد “معركة وعي” يجب خوضها على كافة المستويات لمواجهة الشائعات وإشاعة الفوضى التي تهدف إلى إحداث ارتباك داخل الدولة المصرية. وحذر الدبيكي من الانسياق وراء هذه الشائعات، مشددًا على أن الأجندات الخارجية تستغل أي أحداث لتأجيج الفتن وبث الذعر، مؤكدًا أن وعي الشعب المصري هو الدرع الحامي له ولأرضه. ودعا المواطنين إلى تحري الدقة في المعلومات وعدم الترويج للشائعات دون علم، مؤكدًا أن التغلب على هذه التحديات لن يتم إلا بالوعي الكامل والشامل وتطبيق الانتقال العادل في كافة مناحي الحياة.

 

حماية العمال في مواجهة الوظائف المفقودة

 

من جانبها، أوضحت منى حبيب، رئيس لجنة الانتقال العادل وأمين عام نقابة العلوم الصحية، أن الدعم القوي لفكرة الانتقال العادل جاء من رئاسة الاتحاد والأمانة العامة، خاصة في ظل الدور الهام لحماية الطبيعة والتغيرات المناخية التي تؤثر سلبًا على كافة التخصصات، بالأخص في الدول الفقيرة ودول العالم الثالث. وأشارت إلى أن هذا يأتي تزامناً مع اليوم العالمي لحماية الطبيعة الموافق 28 يوليو.

وحذرت حبيب من أن التكنولوجيا الحديثة والتغيرات المناخية ستؤدي إلى فقدان العديد من الوظائف، مما يستلزم توفير “انتقال عادل” للعمال الذين سيخسرون وظائفهم، وتدريبهم على مهن أخرى. وأكدت أن اتحاد العمال ملتزم بذلك، وسيتم تضمين هذه الرؤى في الاستراتيجيات الوطنية التي تُعرض في المحافل الدولية ومنظمة العمل الدولية. وطالبت ممثلي النقابات العامة بتقديم رؤاهم وأفكارهم لوضع خطة عمل اللجنة للفترة المقبلة.

أكد محمد حنفي، رئيس النقابة العامة للاتصالات وعضو لجنة الانتقال العادل، على ضرورة توعية العاملين بمفهوم الانتقال العادل وأهميته، بينما أشار محسن إش الله، رئيس النقابة العامة للسياحة، إلى أن الاتحاد يمر بمرحلة تغيير شامل لمواكبة التغيرات العالمية، مع الحفاظ على حقوق العمال وضمان سلاسة التحول الرقمي. وأضاف أن الاتحاد يعقد شراكات قوية في هذا الصدد، وله دور فاعل في تعديلات قانون العمل. من جانبه، أكد أشرف الدوكار، رئيس النقابة العامة للنقل البري، أن مفهوم الانتقال العادل نوقش مع منظمة العمل الدولية، وشدد على أهمية نقل هذا المفهوم إلى العاملين وتوعيتهم بخطورة المرحلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى